حقوق الزوجة على الزوج.. منظور ديني (1 - 2 )
للمرأة حقوق تتمتع بها، أعطاها الإسلام لها، ويجب على الرجل الإلتزام بها، وأن يؤديها، ومن هذه الحقوق، ما يأتي:
- حق اختيار الزوج
للمرأة حقها في اختيار شريك حياتها، ذلكم الرجل التي تقضي معه المرأة باقي أيام عمرها، فلا يفرض عليها فرضًا، بل تختاره بعناية، وقد كفل الإسلام للمرأة هذا الحق؛ فقد جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءُ).
فقد بَيَّنَ النبي ﷺ أن المرأة أحق باختيار من يصلح لها، بل إنه أوقف العقد على إجازتها، وفي هذا بيان أن العقد قد يبطل إذا أُرغـمـت الـمـرأة على رجـل لا تريده، وعليه فالمرأة هي المنوطة باختيار زوجها على أوصاف بينهـا الشــرع الشريف.
ولا شك في أن هذا الحق غير مطلق للأبناء، بل يجب على الوالدين أن يتمثلا النصح والتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة دون أن يُجبِرًا أَولادَهُم عَلَىٰ زواجٍ لَايرضَونَهُ، فالاختيار الأخير في هذا للأبناء، ما لم يتجاوز الأولاد فيختاروا لأنفسهم اختيارًا فاسدا لا كفـاءة فيهِ مِـن نـاحيـةِ الدِّينِ، أَوِ الخُلُقِ، أو الواقع، فإن حدث هذا فللوالدين حق الاعتراض، وعلى الأبناء السمع والطاعة؛ لأنَّ طاعة الوالدين حينئذ تقرير لطاعة الله.
ـ حق المهر
للمرأة مقدار من المال تأخذه عند عقد الزواج، وجعله الإسلام حقًا لازمـا لها، وشرطا لا يصلح العقد إلا به، وليس لأحد الحق في التصرف فيـه غـيـر الزوجة؛ فقد قال تعالى: ﴿وَءَاتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُم عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هنينا مريئا ﴾ [النساء: ٤]، وقال عز وجل: ﴿ وَإنْ أَرَدتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجَ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَيْهُنَّ قِطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمَا مُّبِينًا ﴾ [النساء: ٢٠].
ويلفــت نـظـرنــا فـي النـص كلمتان، الأولى: أنـه عبـر عـن الـمـهـر بكلمة: صَدُقَتِهِنَّ بمعنى "الصداق"، وهذه التسمية تفيد أن الله جعل المهر دليلا علـى صـدق رغبة الـرجـل فـي الارتباط بهذه المرأة، وتحقيق زوجية مثلى معها، والثانية: كلمـة نحلة، وتعني : أنها عطية دون مقابل، وأنها نابعـة مـن المودة والرحمة.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ :كم سقتَ إِلَيْهَا؟ قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَوْلِـمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).
وتنص الأعراف الكنسيَّة على أن يلتزم الخاطب بتقديم هدايا غير مستهلكة (الشبكة) للخطيبـة بـمـا يتلاءم مع ظروفه الاقتصادية والمستوى الاجتماعي لهما.
ومن تعاليم الكتاب المقدس: «وَإِنْ خَطَبَهَا لابنِهِ فبحَسبَ حَقٌّ البَناتِ يَفْعَلُ» (خر ۲۱: ۹).
ـ حق النفقة والكسوة
أُمر الرجل بالنفقة على الزوجة، وجعـل ذلـك حـقـا لـهـا، بـل نـص الـقـرآن الكريــم على أن من أسباب أفضلية الرجل على المرأة إنفاقه على بيته، فإذا لـم يكـن ينفـق على بيته تحولت الأفضلية عنه؛ فقد قال الله تعالى :{الرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: ٣٤].
وقد وقف النبي ﷺ في آخر خطبة خطبها في أكثر من مائة ألف مسلم يحثهم علـى جمـاع أمر الدين، ومبينًا حقوق الزوجين - المرأة والرجــل ـ فــي صـراحـة لاهوادة فيها: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، وعن عائشةَ زَوجِ النبي ﷺ: أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ».
وقد أجمع الفقهاء علـى وجـوب هـذه النفقة، متضمنة: المسكن الصالح، والطعام المناسب، واللباس الصحيح، ولا حرج إذا كانت المرأة عاملة وأرادت باختيارها أن تشارك في نفقـة البيـت، غـيـر مأمورة بذلـك مـن بـاب قـول اللـه تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢].
وفي الثقافة المسيحية يلتزم الزوج بتوفير المسكن الآمن واللائق بمستواهما الاقتصادي والاجتماعي بما يحقق معيشة هانئة للأسرة.