تميز العصر الإسلامي بغزارة عمائره الدينية، والتي أساسها بيوت الله المساجد، والجوامع، وسُمّيت المساجد بهذا الاسم : باعتبارها مكان للسجود، والمكان الذي أعد للصلاة فيه على الدوام، ويطلق على المسجد هذه التسمية إذا كان صغير الحجم، وهو مكان مهيئ للصلوات الخمس، أمّا إذا كان كبير الحجم فيُسمى جامعًا، لأنه علامة لاجتماع عدد كبير من الناس للصلاة فيه وكذلك لإقامة صلاة الجمعة فيه أيضا، ويُقال لكل جامع مسجد، وليس كل مسجد جامع.

ونستعرض معكم عبر بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا، مساجد وجوامع تاريخية، وسنلقي الضوء على الجوامع التاريخية  في مصر بشكل عام ومدينة القاهرة التي عرفت بمدينة الألف مأذنة بشكل خاص، ونستكمل في اليوم التاسع والعشرون من رمضان 1445 هـ،  في جولة مع  مسجد السلطان حسن.

يعد مسجد ومدرسة السلطان الناصر حسن أحد العمائر التاريخية والأثرية المهمة في القاهرة، ويقال عنه أنه درة العمارة الإسلامية، بالشرق، ويقع المسجد حالياً بميدان صلاح الدين "ميدان الرميلة" بحي الخليفة التابع للمنطقة الجنوبية بالقاهرة، وبجواره عدة مساجد أثرية تتمثل في مسجد الرفاعي، مسجد المحمودية، مسجد قاني باي الرماح، مسجد جوهر.

أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة من 757هـ حتى  764هـ، وذلك خلال حكم المماليك البحرية لمصر.

تتكون المجموعة من مسجد ومدرسة  التي خصصت للمذاهب الأربعة "الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة"، وكان يْدَرَّس بها أيضاً علوم تفسير القرآن، الحديث النبوي، القراءات السبع، بالإضافة إلى مُكتِّبين لتحفيظ الأيتام القرآن وتعليمهم الخط.

يقع مكان المسجد قديماً سوقاً يسمى «سوق الخيل» وكان به قصر أمر ببنائه الناصر محمد بن قلاوون لسكنى الأمير يلبغا اليحياوي، ثم قام السلطان حسن بهدم هذا القصر وبنى محله هذه المجموعة.

ولد السلطان الملك الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون سنة 735هـ، وسمي أولاً قامري، ولما ولي ملك مصر اختار اسم حسن فعرف به، تولى عرش مصر سنة 748هـ، وعمره ثلاثة عشر عاما، ولصغر سنه ناب عنه في إدارة شؤون الدولة الأمير بيبغا روس، وأنعم على الأمير منجك اليوسفي وعينه في الوزارة والأستدارية.

 في عام 2012 بدأت وزارة الآثار المصرية في إجراءات فعلية لصيانة المسجد، ضمن خطتها لترميم المسجد الذي كان يعاني بعض التصدعات، وتضمنت خطة التطوير تزويد المسجد ببوابة إلكترونية، إجراء أعمال ترميم دقيق لبعض جدرانه، من بينها حائط القبلة وكرسي المقرئ وصيانة القبة الضريحية وفسقية الصحن، وإعادة النظر في أسلاك الشبكة الكهربائية داخل المسجد لجعلها غير مرئية للزوار، تغيير سجاد المسجد، تحويل خط المياه المتصل بالشبكة الرئيسية وإبعاده عن المنطقة الأثرية، تركيب كاميرات للمراقبة بتكلفة وصلت إلى 78 ألف جنيه، وذلك ضمن خطة لتأمين المسجد والمنطقة الأثرية على مدار الساعة من خلال غرفة مراقبة مركزية، كما تم إعداد مكتبة للتراث، والتي تضم كتبا تاريخية تتناول مصر في العصر الإسلامي، وخطط للإعداد لأنشطة ثقافية ودينية وتنظيم وإقامة المحاضرات والندوات الثقافية والدينية والتربوية والعلمية المتعلقة بالشباب بالمسجد.