رئيس مجلس الادارة
عمــر أحمــد ســامي
رئيس التحرير
طــــه فرغــــلي
سيدات المدينة (4) أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاريَّة الجريئة فى قول الحق وطلب العلم
صورة أرشيفية
بقلـم: د. إلهام محمد شاهين
تعلمت منها كثرة السؤال فى أمور الدين، كما تعلمت منها الحرص على تلقى العلم الشرعى والجرأة فى قول الحق ونقل العلم النافع للناس.. أول مبايعة من النساء فى المدينة ببيعة الرضوان وأول معتدة من طلاق فى الإسلام.. هى أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية الأشهلية.. أم عامر وأم سلمة الأنصارية الأشهلية.. صحابية جليلة وتكون ابنة عمة معاذ بن جبل.
أسلمت فى العام الأول للهجرة، اشتهرت بمتابعتها أمور دينها والتعرف على دقائق أموره، حيث كانت تسأل النبى عن أحكام دينها، وتنقل ما تتعلمه إلى النساء، وكثيرا ما كانت أخواتها النساء يستعن بها للاستفسار من النبى عن دقائق أمورهن الخاصة فتستجيب لذلك وتذهب إليه فتسأله وكذلك عرفت بأنها خطيبة النساء لأنها كانت تدافع عنهن وتسأل عن حقوقهن.
شاركت فى الخندق وخيبر واليرموك ففى السنة الثالثة عشرة للهجرة شاركت فى حرب المسلمين على الروم فى الشام فى معركة اليرموك فكانت أسماء يومئذ زعيمة للنساء اللاتى شاركن فى تلك الحرب، حيث يذكر المؤرخون بأنها قتلت تسعة من الروم بعمود خيمتها فى هذه الموقعة.
وكان يسميها الخطيب البغدادى بخطيبة النساء وتبعه فى ذلك ابن حجر العسقلانى لأنها كانت تبادر وتسأل النبى صلى الله عليه وسلم فى أكثر من موضع، ومن أهم تلك المواضع ما جاء فى قصة العيد عندما قال النبى للنساء أنتن أكثر حطب جهنم فقالت امرأة كما فى رواية مسلم من سطة النساء سفعاء الخدين لم يارسول الله؟ قال لأنكن تكفرن العشير وتكثرن الشكاة وهى التى جاءت تسأل النبى عن غسل الحيض كما هى رواية عند الخطيب وعند مسلم. وقال ابن حجر فى الفتح هى أيضًا المرأة التى جاءت تطلب أن يخصص النبى للنساء يوما لتعليمهن كالرجال..
حدث عنها: مولاها مهاجر، وشهر بن حوشب، ومجاهد، وإسحاق بن راشد، وابن أختها محمود بن عمرو، وآخرون.
إسلامها:
أسلمت أسماء على يد مصعب الخير أو مصعب بن عمير، كما ذكر ابن سعد صاحب الطبقات عن عمرو بن قتادة رضى الله عنه قال: أول من بايع النبى صلى الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع، وأسماء بنت يزيد ابن السكن، وحواء بنت يزيد بن السكن.. وكانت أسماء رضوان الله عليها تعتـز بهذا السبق إلى المبايعة فتقول: (أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم).. وقالت: قتلت يوم اليرموك تسعة..
أول معتدة فى الإسلام
ففى أسماء نزلت آية حكم عِدّة المطلقات. فقد أخرج أبو داود والبيهقى فى سننه عن أسماء بنت يزيد قالت: طُلِّقتُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمطلقة عدة، فنزل قول الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228]، فكانت أسماء أول معتدّة فى الإسلام.
صبرها وإيمانها ومحبتها للرسول
استشهد أخوها عامر وأبوها يزيد وعمها زياد يوم أحد فكان همها الرسول، فأبوها هو يزيد بن السكن بن رافع الأنصارى الذى استشهد يوم أُحد، وفى تلك المعركة أثخنت الجراح زياد بن السكن عم أسماء، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أَدنوه مني.. فوسده قدمه فمات شهيدًا وخدّه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما استشهد فى المعركة ذاتها أخوها عامر بن يزيد بن السكن الذى جعل جسده تُرسًا يدافع به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنال الشهادة فى سبيل الله. ومن عجيب إيمانها وصبرها أنه لما بلغها استشهادهم خرجت تنظر إلى سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قادم من أُحد.. وعندما رأته سالمًا قالت: كل مصيبة بعدك جلل (أى هينة).
شجاعة وقوة أسماء
شهدتْ أسماء غزوة الخندق وغزوة خيبر، وخرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة الحديبية، كما كانت أول من بايعت بيعة الرضوان. وفى السنة الثالثة عشرة للهجرة خرجت رضى الله عنها إلى بلاد الشام، حيث شاركت فى معركة اليرموك فى الشام، وكانت تشارك مع النساء بسِقاية الجرحى وتضميدهم، وفى ضرب مَن يَفِرّ من المعركة من جنود الإسلام، ومن قصص شجاعتها أنها اقتلعت عمود الخيمة وراحت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت يومها تسعة من جنودهم.
روايتها للحديث
روت فيما يذكر 81 حديثًا، وروى عن أسماء ثلة من أَجِلاّء التابعين، كما روى أصحاب السنن الأربعة: أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه، والبخارى فى الأدب المفرد.
بعض ما روت عن رسول الله من الأحاديث: قالت أسماء بنت يزيد: مر بنا رسول الله ونحن فى نسوة فسلم علينا وقال: «إياكن وكفر المنعمين»، فقلنا: يا رسول الله، وما كفر المنعمين؟ قال: «لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس، فيرزقها الله زوجًا ويرزقها منه مالًا وولدًا فتغضب الغضبة، فراحت تقول: ما رأيت منه يومًا خيرًا قط، وقال مرة: خيرًا قط».
وروى الإمام أحمد فى مسنده عدة أحاديث لها منها: عن أسماء بنت يزيد عن النبى قال: «العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة».
وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله: «إنى لست أصافح النساء».
وعن أسماء بنت يزيد أن النبى قال: «ألا أخبركم بخياركم؟»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى»، ثم قال: «ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت»، وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله قال: «من بنى لله مسجدًا فإن الله يبنى له بيتًا أوسع منه فى الجنة».
وعن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية رضى الله عنها قال: لما مات سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال لها رسول الله: «ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله إليه واهتز له العرش».
وعن أسماء بنت يزيد قالت: دعى رسول الله إلى جنازة رجل من الأنصار، فلما وضع السرير تقدم نبى الله ليصلى عليه ثم التفت فقال: «على صاحبكم دين؟»، قالوا: نعم يا رسول الله، ديناران. قال: «صلوا على صاحبكم». فقال أبو قتادة: أنا بدينه يا نبى الله، فصلى عليه.
وعن أسماء بنت يزيد عن النبى قال: «العقيقة حق على الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة».. وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله والرجال والنساء قعود عنده فقال: «لعل رجلًا يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها»، فأزم القوم فقلت: أى والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن. قال: «فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فغشيها والناس ينظرون».
وفى الدجال حَدِيثٌ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةِ
قَالَ الإِمام أحمد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى بَيْتِى فَذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ:
«إِنَّ بينَ يَدَيْهِ ثلاثَ سِنينَ سَنَةً تمسكُ السماءُ ثلثَ مطرِها والأرضَ ثُلُثَ نَباتِها، والثَّانِيَةً تُمْسِكُ السماءُ ثُلُثَى مطرها والأرضُ ثلثى نباتِهَا، والثالثةُ تُمْسِكُ السماءُ مَطَرَها كًلَّه والأرض نباتَها كُلّه، ولا تبقى ذات ضِرس ولا ذات خُف مِنَ البَهَائِم إِلَّا هَلَكَتْ، وَإِنَّ مِنْ أَشَدِّ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْتِى الْأَعْرَابِى فيقولَ: أرَأيْتَ إِن أحييتُ لكَ أبَاكَ وأحْيَيْتُ أخَاكَ ألَسْتَ تَعْلَمْ أَنِّى رَبُّكَ؟ فيقولَ: بَلى، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ الشّيطان نَحْوَ أبِيهِ وَنَحْوَ أخِيه» قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته ثُمَّ رَجَعَ والقومُ فِى اهْتِمَام وغَمّ مِمَّا حَدَثَهُمْ قالت: فَأخَذَ بِحَلْقَتى الباب وقال: «مَهْ مَهْ أسْماءُ»، قالت: قّلت يا رسول الله وسلم خَلَعْتَ أفئِدَتِنا بذكرِ الدّجالِ قَالَ: «فإِن يَخْرُجُ وَأَنَا حَى فَأَنَا حَجِيجُهُ وَإِلاَّ فإن رَبى خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مؤمِن» قَالَت أسماءُ: يَا رسول الله واللَّهِ إنا لنَعْجِنَنَّ عَجِينَنَا فَمَا نَخْتَبِزُه حتى نجوعَ فكيف بالمؤمنين يَوْمَئِذ. قَال: «يَجزِيهِمْ ما يَجْزِى أهْلَ السماءِ مِنَ التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيسِ».
وفاتها:
ذكرها بعض المؤرخين فى وفيات سنة 69هـ فى خلافة عبد الملك بن مروان
سكنت دمشق، وقبر أم سلمة الذى بمقبرة الباب الصغير، هو قبرها، إن شاء الله.