رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أزمة القيم في عالمنا المعاصر

9-4-2024 | 13:40


د. عادل القيلعي,

بداية لا يساورني شك أن هذا الموضوع قد كتب عنه كثيرون غيري ، وهناك من تحدث عن القيم الخلقية هل نسبية متغيرة أم مطلقة ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان وكنت قد أدليت بدلوي في هذه الإشكالية.

لكن ما نشاهده الآن من تدن قيمي وانسحاق حضاري وانتشار الرذيلة بصورة فجة ، وانتشار اللامبالاة والامعية والأنانية المفطرة جعلني اعاود الكتابة مرة أخرى عن هذا الموضوع ، خصوصاً مع غياب الضمير العالمي حيال القضية الفلسطينية ، وما نراه من الإبادة الجماعية لإخواننا في غزة والكيل بمكيالين والميل بالكلية من بعض دول الغرب وأوروبا إلى جانب الكيان المحتل على حساب طرف ضعيف ليس لديه حيلة اللهم إلا بعض الدفاعات البدائية ، ليس هذا وحسب بل واتهامهم بالإرهاب وتهديد الآمنين ، وهم يقتلون ويذبحون ولا حياة لمن تنادي.
نعم هناك أزمة قيم طاحنة ومن ينكر ذلك فهو مخادع يخدع نفسه ويحاول أن يخدع الآخرين من حوله ، لأنه يريد بذلك أن يزور الواقع المأزوم الذي نحياه.
من خلال قراءاتي المتعددة في الفكر الأخلاقي وكتاباتي المتعددة وعين المفكر الناقد الذي يحيا هذا الواقع
أقول نعم توجد أزمة قيم ،وهذه الأزمة ليست جديدة فكل عصر من العصور مر بهذه الأزمات القيمية منذ هابيل وقابيل مرورا بحضارات الشرق القديم إلى الحضارة اليونانية ثم فلاسفة العصور الوسطي إلى عصرنا ومن قبله العصر الحديث ، لماذا لأننا نتعامل مع الإنسان الذي يجمع بداخله متناقضات تجعله متقلبا تارة خير وتارة شرير وأخرى متحول من الخيرية إلى الشرية والعكس.
نعم حتى قد تكون هذه الأزمة القيمية في علاقته مع خالقه مع إلهه ، فيوما تراه طائعا ويوما تراه عاصيا ، وكذلك نرى من هو مؤمن ومن هو فاسق ومن هو عاص ومن هو ملحد أليس ذلك تدن قيمي.
نعم ثم أزمة قيم في عصرنا ، نتجت من نزعة اللامبالاة والأنانية المفرطة وتغليب المصلحة الفردية الشخصية على المنفعة العامة ، سيطرة الأثرة واختفاء الإيثار.
ولم يكذب توماس هوبز الذي قال أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان.
واكرر لقد تجلت هذه الأزمة في أبشع صورها ما نشاهده الآن في الحرب على غزة وما يفعل الكيان الصهيوني من ممارساتها ابادية جماعية والكل خانع لا أحد يستطيع أن يتفوه ببنت كلمة.
كذلك ما شاهدناه من رشاوي انتخابية وسنشاهده ، الناس تبيع مستقبل أمة مستقبل وطن ببضع جنيهات ، وأيضا ما نسمع عنه ونشاهده من جواسيس يخبرون عن قادة الحركات الجهادية من بني جلدتهم 
ليس هذا وحسب ، أنظروا إلى علاقة الطالب باستاذه وعلاقة الأستاذ بتلميذه ، علاقة متدنية التلميذ لا يعير استاذه انتباها لماذا لأن المعلم مد يده وأخذ ثمن حصة ، والطالب يقف ويشرب السجائر ويهجر مع أستاذه ، أليس هذا مظهر خطير من مظاهر التدني القيمي.
وعلاقة الأبناء بآبائهم حدث ولا حرج إلا ما رحم ربي.
إذن نحن نمر بأزمة قيم حقيقية علاجها سهل وبسيط
العودة إلى إنسانيتنا ، العودة إلى ديننا العودة إلى خلقنا الكريم.
التمسك بمكارم الأخلاق .
وإن كنا نرى أن ثمة عوامل ادت إلى تفاقم هذه الأزمة أهمها ما يلي:
1-غياب الرقابة الأسرية بمعنى نظرا للظروف الاقتصادية وضيق ذات اليد وضيق الأرزاق انشغل رب الأسرة بتوفيره بالكاد القوت الضروري الذي تتقوت به الأسرة، فانحصر دوره في هذه المهمة التي باتت شاقة جدا ومرهقة جعلت رب الأسرة كالترس الذي يدور في آلة، فماذا سننتظر منه ، هل سيكون لديه وقت ليتابع ويراقب أولاده ماذا يفعلون وما يشاهدون.
وكذلك الأم قد تكون منشغل بأمور بيتها أو قد تكون عاملة فهل ستمتلك رفاهية الوقت حتى توجه وتراقب.
2-غياب الوعي الثقافي المجتمعي ، هل شاهدنا ندوات عقدت عن التدني القيمي والانحطاط الأخلاقي الذي أصاب أفراد المجتمع.
أين دور الإعلام الآلة الجبارة التي تدخل كل البيوت ، أين تثقيف الشباب وتوعيتهم بمدى خطورة التدني الأخلاقي.
3-دور المؤسسات الدينية ، السؤال هل الدين تنظير فقط أم نطبق ما جاء فى الكتب المقدسة من الحث على القيم الخلقية التي هي عامل رئيس فى بناء الإنسان
وهنا نهيب بعلماء الدين ونقول لهم وظفوا منابركم إلى هذا الأمر فى خطب الجمعة فى قداس الكنائس
الدين إيمان يتبعه العمل، الدين ما وقر فى القلب وصدقه العمل.
علموا سير الأنبياء وكيف كانت أخلاقهم
اشرحوا سيرة الصحابة والتابعين.
4-ثلة الأصدقاء ، كما يقول المثل الصاحب ساحب
اختاروا أصدقائكم بعناية رأيتم فيهم اعوجاج قوموهم وإن لم تجدوا فيهم خيراً فاعتزلوهم
فصاحبك إما أن يقودك إلى الخير والحق والجمال أو يوقعك في براثن الرذيلة ، وقتها لن يكون صاحبا وإنما سيكون رفيق سوء ونذير شؤم
5-مواقع التواصل الإجتماعي والعولمة والتقدم التقني نعم لها دور مهم في أزمة القيم ، لكن وراء هذا المواقع نحن ونحن من بيده المو أو وصلات النت وخلافه
وإن كنت أرى أن مواقع التواصل مثلما عليها من مآخد إلا إنها لها محاسن، لكن ضرورة ملحة أن توظف التوظيف الصحيح الذي يواكب الحداثة والمعاصرة والتقدم التقني والذكاء الاصطناعي ماوالثورة المعلوماتية.
نعم ثم أزمة قيم نحياها ودورنا كمفكرين وباحثين وناقدين أن نكون مرآة لواقعنا فلا نصفق مع المصفقين وإنما دورنا إرشادي توجيهي لعلنا نخرج بجباه ناصعة من هذه الأزمة.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.