من خيال جبران.. قراءة مختلفة في شخصية السيد المسيح في «يسوع ابن الإنسان»
في ربوع الأدب العربي، برزت أعمال خالدة تركت بصماتها العميقة على مر العصور، ومن بين هذه الآثار الرائعة، يتألق كتاب "يسوع ابن الإنسان" للأديب اللبناني العظيم جبران خليل جبران، هذا العمل الفريد، الذي صدر في عام 1928م باللغة الإنجليزية، ثم تُرجم إلى العربية عام 1962م، يعد من أهم وأبرز مؤلفات جبران، حيث استلهم فيه شخصية السيد المسيح بطريقة استثنائية وعميقة.
يتألف كتاب "يسوع ابن الإنسان" من مجموعة قصص قصيرة استوحاها جبران من شخصية السيد المسيح وتعاليمه من خلال نظرته الصوفية، يرسم جبران صورة يسوع من خلال ما يقوله عنه 77 شخصًا عرفوه، ومعظمهم ورد ذكرهم في الإنجيل، وهم يمثلون شرائح بشرية مختلفة.
استلهم جبران في كتابه شخصية المسيح مستخدمًا خياله الخصب من خلال أسلوب سردي بسيط، بعد أن جرده من أي طابع ديني.
ابتدع جبران في كتابه "يسوع ابن الإنسان" توجهًا جديدًا في تحليل شخصية السيد المسيح، أضفى عليها صفات الفرح والمحبة والقوة والصلابة، والثورة والتمرد، والصبر والعمل.
رسم جبران شخصية المسيح بتصور مختلف، حيث صوره إنسانًا حرًا جبارًا متمردًا على التقاليد الدينية والاجتماعية، يعشق الفرح ويحمل إلى الناس رسالة الغفران والمحبة.
كما صور جبران السيد المسيح من خلال ما يراه في مشاعره وخياله ونظرته الصوفية، وليس كما صوره الكتاب المقدس، بل من خلال رؤيته الخاصة وفلسفته، ولا يعد هذا الكتاب بأي حال مرجعًا تاريخيًا، بل رؤية فيلسوف لنظرة أخرى أعمق عن شخصية مؤثرة في حياته.
كان جبران شغوفًا منذ الصغر بأن يعيد سرد قصة السيد المسيح برؤيته الخاصة وتصوفه المختلف، أراد أن يروي قصته كما لم يروها أحد من قبل، من خلال بعض الشخصيات المألوفة والمذكورة في الكتاب المقدس والبعض الآخر من خيال المؤلف.