"الاستقامة والمداومة على الطاعة".. موضوع خطبة اليوم
تنشر بوابة -دار الهلال- نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان "الاستقامة والمداومة على الطاعة" حيث تؤكد الخطبة على أهمية المواظبة على الطاعة، وذلك عن طريق الآيات القرآنية والأحايث النبوية.
إلى نص الخطبة:
الاستقامة والمداومة على الطاعة
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ}، ويقول سبحانه {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللهُمَّ صَلِّ وسلَّمْ وبارك عليهِ، وعلَى آلِهِ وصحبهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن المداومة على الطاعة حال الأنبياء والمرسلين، وخُلُق عباد الله المتقين، حيث يقول الحق سبحانه لنبينا (صلى الله عليه وسلم): {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}، ويقول سُبْحَانَهُ على لسان سيدنا عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلام {وَأَوصَاني بالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيَّا}، وقد سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها): يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كيف كان عَمَلُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَلْ كَانَ يَخْصُّ شَيْئًا مِنْ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: "لا، كَانَ :"عَمَلُهُ ديمة".
والمتأمل في القرآن الكريم يجد أن الحق سبحانه أثنى على أهل المداومة على الطاعة، حيث يقول الحق سبحانه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}.
ولعظم شأن الاستقامة والمداومة على الطاعة أمر الله (عز وجل) بها نبيه الأمين (صلى الله عليه وسلم) وأتباعه المؤمنين حيث يقول الحق سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، ويقول سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وعن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال (صلى الله عليه وسلم): (قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ).
وأهل المداومة والاستقامة على الطاعة هم أهل الطمأنينة والسكينة في الدنيا وأهل الجنة في الآخرة، حيث يقول الحق سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمِ}، ويقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، ويقول تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا}.
وهم أهل لمحبة الله عز وجل لهم، حيث يقول الحق سبحانه في الحديث القدسي: (وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ)، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ). كما أن الاستقامة على الطاعة وسيلة لتزكية النفوس وسلامة الصدور وهداية القلوب، حيث يقول الحق سبحانه: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}، ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}، ويقول تعالى: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هدى}، فالمجتمع الذي يداوم على الطاعات تكثر فيه دواعي الخير، وتضعف فيه نوازع الشر والفساد، فلا يكذب، ولا يخون ولا يغش، ولا يستغل، ولا يقصر في عمله، ولا يأكل أموال الناس بالباطل، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدِ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، ولا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن من أهم صور الاستقامة والمداومة على الطاعة بعد شهر رمضان المبارك صيام ستة أيام من شوال، فإن ذلك من علامات قبول الأعمال الصالحة، يقول الحسن البصري رحمه الله: "إن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها، فإذا قبل الله العبد فإنه يوفقه إلى الطاعة، ويصرفه عن المعصية".
وقد رغبنا نبينا صلى الله عليه وسلم في صيام تلك الأيام المباركة، حيث يقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامٍ الدَّهْرِ)، ويقول (عليه الصلاة والسلام): (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدِ الْفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ).
اللهم اجعلنا من أهل الاستقامة
واحفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين