ريشة وقلم(3_30)| الفنان التشكيلي أيمن لطفي: أفضل التصوير في شارع المعز والحسين في رمضان
يمثل شهر رمضان الكريم فرصة فريدة للتأمل والتجديد الروحي، وهو أيضًا مناسبة للتواصل الثقافي والفكري، في هذا الشهر المبارك، تتجلى القيم الإنسانية السامية من تسامح وتراحم، مما يُلهم الأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين للإبداع والتعبير بأساليبهم الفريدة، حيث تحمل تلك الحوارات طابعًا مميزًا، وتكشف عن رؤياهم الروحية وتأملاتهم الفكرية، ومن خلال تلك المناسبة تستعرض بوابة دار الهلال مجموعة من الحوارات مع مختلف الأدباء والشعراء والفنانين.
وفي السطور التالية نلتقي مع الفنان التشكيلي أيمن لطفي، لنتعرف عن ارتباط الفن التشكيلي بشهر رمضان وأهم ما أثر على أعماله.
ما ارتباط الفن التشكيلي بشهررمضان؟
الفن التشكيلي مرتبط بعمق برمضان، لأننا نشأنا في أجوائه الخاصة، خاصة في مصرنا الحبيبة، التي تعرف بطقوسها الرمضانية المميزة عن أي مكان في العالم من حيث العادات والتقاليد في الحياة الاجتماعية والتجمع مع الأصدقاء، كما يعبر الفنانين عن مشاعرهم تجاه رمضان من خلال الفن، سواء برسم بائعي العرقسوس، أو توثيق الأجواء الدينية والعادات الاجتماعية، كما يوجد بعض الفنانين يتفرغون للروحانيات في رمضان، ويوجد آخرين لهم أعمال الخاصة احتفالا بالمناسبة.
وما الأماكن التي تفضل تصوير أجواء رمضان فيها؟
القاهرة القديمة، خاصة شارع المعز، منطقة الحسين، ومساجد القاهرة الإسلامية، فتلك الأماكن تأخذنا في رحلة للماضي بروحها، وسط الزحام الحديث والعمران الزجاجي، كل الفنانين والمصورين يتجهوا نحو خان الخليلي والمعز ليوثقوا الأجواء الرمضانية، فهي دائما محط أنظارهم.
ما آخر الأماكن أو اللوحات التي صورتها مؤخرًا؟
شاركت في معارض دولية، منها معرض في إيطاليا، وآخر في دبي، ومهرجان العلمين، بجانب مشاركتي في لجنه تحكيم التصوير الفوتوغرافي مسابقات مثل مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، وصالون الشباب التابع لوزارة الثقافة والفنون التشكيلية.
هل الفن التشكيلي اختلف عبر العصور؟
هناك أنواع كثيرة من الفنانين، في فنانين بيشتغلوا بالأسلوب الجمالي الكلاسيكي من حيث اللوحات التشكيلية وتسمي بفنون الديكورتيف "الديكور"، وأخرين مفاهيميين، يتبعون وأنا منهم الفن المفاهيمي فتلك الأعمال هي مواكبة العصر و التأثر بالأحداث المحيطة سواء ثقافية أو إنسانية أو سياسية أو اجتماعية، وأوضاع العالم والبلد التي نتنمي لها
أما الفن التشكيلي متغير باستمرار، من حيث تجدد الأدوات والتقنيات والتكنولوجيا المتغيرة على مر العصور، ولكن الفن هو تعبير عن حالة داخلية عند الفنان، أم اختلاف المواضيع هي اختلاف مواضيع الفنانين المفاهيم تختلف على حسب الأحداث التي نواكبها سياسية او اجتماعية او انسانية، فهي تؤثر على الفنانين فهم متابعين باستمرار، ويظهر ذلك من خلال مشاركتهم المعارض او كل انتاج فني.
أما تكنيك الفن فهو متغير على مع مر العصور، حيث يوجد الآن تكنولوجيا وفي أدوات حديثة تسهل عملية الإنتاج الفني، وأنا لا أمانع الفنانين مستخدمي التكنولوجيا فهي تشهد تطور، وتساعد في توسيع رؤية الفنان في التعبير.
كيف أثرت التكنولوجيا على الفن التشكيلي؟
التكنولوجيا أمر مسلم بها، ولا نستطيع أن نعارضها، فهي مستمرة، ولا يوجد أحد لا يستخدمها أو يعتمد عليها، فمواقع التواصل أصبحت في كل بيت، كما سهلت التكنولوجيا على العديد من الفنانين، بداية من الرسم الرقمي والتصوير الحديث، وصولا للأدوات الجديدة في النحت، لكن الأهم إن الفنان يكون هو اللي بيتحكم فيها، مش العكس، لأن الفن في النهاية تجربة إنسانية بحتة.
التكنولوجيا تعد أداة قوية يمكنها مساعدة الفنان في تطوير عمله وتوفير الوقت والجهد، ولكن في نهاية المطاف يجب أن يكون الفنان هو المتحكم الأساسي فيها، لا أن تسيطر عليها، إذ تُسهّل التكنولوجيا عملية التنفيذ وتفتح آفاقًا جديدة، كما تُتيح فرص التجريب بأساليب لم تكن ممكنة في السابق، إلا أن الاعتماد الكامل عليها دون بقاء العقل الموجّه في يد الفنان قد يفقد العملية الإبداعية قيمتها الشخصية.
وكما أشرت، تكمن متعة الفن في ممارسة العمل ذاته، في الشعور بالخامة والتفاعل المباشر مع المادة، سواء كان ذلك في النحت أو التصوير أو الرسم أو الموسيقى، ورغم أن التكنولوجيا قد تُساهم في إخراج الأفكار بصورة أسرع وأدق، فإنه لا ينبغي أن تُحل محل روح الفنان أو إحساسه الشخصي بالإبداع، في نهاية المطاف، لا يقتصر الفن على النتيجة النهائية فحسب، بل يشمل الرحلة التي يخوضها الفنان في سبيل تحقيق عمله.
وماذا عن الذكاء الاصطناعي؟ هل يمكن أن يحل محل الفن التشكيلي؟
الذكاء الاصطناعي أصبح يفرض نفسه في مختلف المجالات، بما في ذلك الفنون الأدبية والتشكيلية، لكنه، كما ذكرت، يظل مجرد أداة نتحكم فيها، وليس بديلاً عن الإبداع البشري، ولا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل العلاقة العاطفية التي تنشأ بين الفنان وعمله، لأن الإبداع الفني ليس مجرد إنتاج صورة أو شكل، بل هو تجربة شخصية مليئة بالمشاعر والهوية الخاصة بالفنان.
ومع ذلك، يمكن للفنان أن يستفيد من الذكاء الاصطناعي في توسيع آفاقه الإبداعية واستكشاف تقنيات جديدة دون أن يصبح العمل الفني مجرد منتج آلي يفتقر إلى الروح، فالفن ليس فقط النتيجة النهائية، بل هو رحلة تعبيرية تمزج بين الفكرة والتنفيذ والمشاعر.
على المستوى الشخصي، لم أشعر بالتهديد من تطور الذكاء الاصطناعي، لأنني منذ عام 2006 أمارس فن التصوير السريالي والتجريبي، وهو ذات الأسلوب الذي تنتجه تقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم، الفرق أنني كنت أُبدع هذه الأعمال يدويًا، صورةً بعد أخرى، وأبني التراكيب بيدي، بينما الآن يقوم الذكاء الاصطناعي بتنفيذ الفكرة بناءً على أوامر نصية.
وأعمالي الفنية دائمًا ما ترتبط بالواقع وتعكس الأحداث الاجتماعية والسياسية، لكنها تحمل رمزية تجعلها صالحة للتفسير في أي زمن، وليس فقط في الفترة التي أُنتجت فيها.
على سبيل المثال، معارضي حملت أسماء تعكس القضايا التي تناولتها، مثل "زمبلك"، "ورقة وقلم"، "طفاية حريق"، و"في البحث عن الخلاص"، وكلها مستوحاة من الواقع الذي نعيشه.
كما أنني أعبّر عن القضايا الكبرى من خلال أساليب تظل ذات صلة بالمستقبل والماضي على حد سواء.
على سبيل المثال، في عام 2010، أخرجت فيلم "اللعبة"، الذي يصوّر الحرب كصراع أبدي بين القوى المختلفة، حيث يجسد لاعبين في مباراة شطرنج كيفية التضحية بالجنود، الذين ينتهي بهم المطاف في مفرمة للحوم، في إشارة إلى مصير الجنود في جميع الحروب عبر التاريخ، هذا الفيلم لا يتحدث فقط عن حرب معينة، بل يمكن مشاهدته في أي عصر، من حروب الماضي إلى معارك المستقبل، أؤمن أن الفن التشكيلي هو توثيق للتاريخ بأسلوب فني، يعبر عن المشاعر الإنسانية والقضايا المجتمعية بطريقة رمزية تتجاوز حدود الزمن، وهذا ما يجعل الفنان الحقيقي متميزًا عن أي إنتاج آلي.
هل ستشارك في فعاليات ثقافية في رمضان؟
سوف أنظم معرض جاليري نوكس في التجمع الخامس للفنان إبراهيم البريدي، حيث عرف بعمله المميز باستخدام القماش والخيط، وسيكون بعنوان الليلة الكبيرة يوم 8 رمضان، وسيتضمن أعماله الرائعة وهي الاحتفال بالفن المصري الشعبي بروح رمضانية.