قصة قصيرة .. هو فى حياتى
بقلم : يوسف الجــــداوي
أقابله كثيرا... ولا انتبه إليه .. وكلانا يكون مسرعا.قد نتبادل التحية بهزة رأس أو إيماءة أو نكتفى بالنظرة... وقد تكون هى كل الصلة إلى بيننا
بالامس كنت انتظر أمام فندق البارون صديقا سيأتى لكى نذهب معا إلى لقاء دفعة 72 حيث اتفق الجميع على اللقاء.
فوجئت به أمامى....اقتربت منه لكى اتحقق.اقترب منى...دنوت منه أكثر رأيته يحدق فى بتمعن
بلا شعور وجدتنى أحدق فيه أيضا.....تقريبا عمره مثل عمرى أو أكبر قليلا
شدنى إليه تلك النظرة الحزينة مرتسمة على ملامحه كلها.. ودققت النظر أكثر
هناك تجاعيد حول العينين.... هذا الرجل مجهد أو لا ينام جيدا.. وما هذا الشعر الابيض الذى يحمله فوق رأسه.. يشبه الذى أحمله فوق رأسى ولكن أنا لا أعانى من الصلع الواضح تحت الأنوار الساطعة فى مقدمة رأسه ويزحف إلى المنتصف
اشفقت عليه خاصة أن الجو بارد جدا حولنا.. هممت أن اسأله (معك بالطو أو حاجه ثقيلة لمواجهة البرد الشديد)
ولكنى تراجعت..لايجوز أول مرة اكلمه فيها ان اسأله سؤالاً محرجاً مثل هذا لا لا لابد وأن اراعى شعوره ولا داعى للاحراج .
- (بلاش الاندفاعية وأهدى شوية ده أنا لنفسى)
وبدل ان اسأله.. وجدته يبتسم لى تشجعت ولكن نظرت اليه معنى الابتسامة ايه؟؟؟
هل هو سعيد برؤيتى؟؟؟ رغم أننا فى مكان بعيدا عنما تعودناه.هل هى ابتسامة اعتذار؟؟؟عن إيه؟؟؟ وشغلنى تفسير الابتسامة ومعناها وابتسمت أنا الآخر
فى الذهن أسئلة عديدة.. هل هو ساكن بالجوار ؟؟؟هل تربى معنا؟؟؟فى السكاكينى؟؟
لازم كان معى فى المدرسة؟؟ طيب إمتى اعدادى ؟طيب ثانوى؟؟ لا أذكر كالعادة....
- لانى اصبحت انسى الاشياء كثيرا... بطريقة تستعصى على الادراك المنطقى...
مفاتيحى ابحث عنها وهى فى يدى !!! وأبحث عن التليفون وأنا أتحدث فيه
وأعود الى أفكارى..ربما كنا فى مدرسة من المدارس التي تنقلت فيها على مدى حياتى التعليمية العريضة...ربما وربما.....
وما هذه التجاعيد حول فمه.. تنبئ عن فقدان أسنان مهمة فى المقدمة والمؤخرة من الفم طبعا.
ثم ان هناك بعض البقع البنية على جلد الوجه لا .. كده بقى هو أكبر فى السن لا محالة... نرتاح كثيرا عندما نرى الآخر أكبر منا ويستطيع الحركة والذهاب والمجئ... بالطبع هذا يعنى ان أمامنا ان شاء الله سنوات من النشاط والحركة
وما بال نظارته ثقيلة وكبيرة الحجم..... ورغم هذا كطبيب أؤكد انه يجهد عينيه كثيرا
أو النظارة غير مناسبة .... قررت ان انهى كل هذه الاسئلة والتردد وسأذهب للكلام معه.... ابتسامته مازالت على وجهه...
احتشدت إقداما ...ونفضت عنى الخجل والحرج.. فخيركم من بدأ السلام..
فإذا هو فى نفس اللحظة يمد يده..الله ده لون بدلته هو نفس.....هذا أنا فى زجاج فندق البارون