روائع معمارية.. رحلة عبر قباب مصر والعالم الإسلامي
اشتهرت القباب الإسلامية بتنوعها الفريد في شكلها وتصميمها، من الهند في أقصى شرق العالم الإسلامي إلى أقصى غربه في المغرب العربي. تبرز هذه التنوعات بوضوح سواء من حيث الهندسة الجانب الهيكلي أو في الجماليات الزخرفية.
بنيت قبة صحن مسجد السلطان "أحمد بن طولون" في عام 1296م، خلال حكم السلطان "لاجين" خلال العصر المملوكي، تُعدّ مثالاً بارزاً على هذا التنوع.
تتألف القبة من ثلاثة أقسام: القسم السفلي والقسم العلوي والبناء الأوسط الذي كان له دور فعّال في ربط الجزء السفلي بالعلوي، مما يبرز التميز الهندسي والإبداع في الجانب الهندسي.
تميز الجزء السفلي الذي جاء على هيئة "مكعب" بوجود أربع مداخل توصل إليه بهيئة صليب رباعي الشكل، وكانت المداخل الأربعة إلى القبة مستطيلة الشكل تعلوها عقد مخموس" من أشهر أنواع العقود التي انتشرت في العصر المملوكي".
لون بدن المكعب السفلي باللونين " الأبيض والأحمر" ويتضح أكثر ذلك اللونين في الجانب العلوي من المكعب وهما كانا من أهم الألوان التي اشتهرت بها العمارة الإسلامية وقتها.
يميز الجزء السفلي، المصمم على شكل مكعب، بأربع مداخل يتخذون شكل صليب رباعي الشكل، وتُعلو هذه المداخل الأربعة عقد مخموس، ويعد هذا الشكل من أشهر أنواع العقود في العصر المملوكي.
يتميز لون الجزء العلوي من المكعب بالأبيض والأحمر، وكانت هذان اللونان من بين الألوان الأساسية التي اشتهرت بها العمارة الإسلامية في تلك الحقبة.
ويقع أعلى المكعب السفلي ثلاث درجات تتضح أكثر من الأركان، تفصل بين المكعب السفلي والقبة العلوية، وتُعرف في العمارة الإسلامية بـ "مناطق الانتقال"، وتتكون هذه المناطق من ثلاث مصاطب تتوسع تدريجياً كلما ارتفعنا إلى الأعلى، ويتم فتح نافذة في الطبقة أو المصطبة العلوية منها.
وقد وضع المعماري أعلى كل مكعب سفلي في داخل "منطقة الانتقال" ثلاث نوافذ وضعوا بهيئة نافذة واحدة أسفلها نافذتين، ويعلو منطقة الانتقال السابقة، نوافذ توجد في الجزء السفلي من القبة "رقبة القبة" ثم القبة المدببة.
على العكس من ذلك، تكشف القبة من الداخل عن عناصر معمارية متنوعة تختلف تمامًا عن الخارج، تتوزع من الداخل عدة مقرنصات على ثلاث طبقات بمجموع يبلغ 60 مقرنص.
ويقع فوق المقرنصات منطقة تضم 24 نافذة، ومن بينها يوجد 8 نوافذ فقط تسمح بدخول الضوء إلى داخل القبة.
انعكست الأفكار الدينية بشكل واضح على قبة أحمد بن طولون، خاصة خلال العصر المملوكي الذي شهد انتشار العديد من الفرق الدينية والتي أثرت في الفنون الإسلامية والمعمار، ويتجلى هذا الانعكاس بوضوح في شكل القباب الإسلامية خلال تلك الحقبة.
في العصر المملوكي، ازدهرت ثلاث مراحل للتطوير الروحي والديني للفرد في سعيه للاتصال بالخالق، وتبدأ هذه المراحل بمرحلة الشريعة، حيث يدرس الفرد علوم الفقه والسنة، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي الطريقة، الذي ينعم فيها الدارس للعلوم الدينية في دراسة الدين الإسلامي وتطبيقه على الحياة، وأخيرًا، مرحلة الحقيقة التي تهدف إلى استخدام العقل في استكشاف الحقائق الدينية العميقة.
تمثل هذه المفاهيم في تقسيم القبة إلى ثلاثة أقسام، يمكن فهمها على أنها تمثل تلك المراحل الدينية.
ويعكس الجزء السفلي المتمثل في المكعب مرحلة الشريعة، بينما يمثل القسم الأوسط الطريقة، والقبة العلوية تمثل المرحلة الأخيرة وهي التي تحث على استخدام العقل في فهم الدين والوصول إلى الحقائق العميقة.