بعد استعداد أمريكا لفرض عقوبات عليها.. تعرف على أغرب كتيبة بالجيش الإسرائيلي
منذ بَدْء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، والموت يجول في جميع أنحاء قطاع غزة وللفلسطينيين كان النصيب الأكبر منه، وبالرغم من ذلك تظل قوات الاحتلال الإسرائيلي تحت مظلة الخوف من الموت على أيدي الفلسطينيين وخاصة أعضاء حركة حماس.
وتستخدم إسرائيل في تلك الحرب أقوى الآليات التي تمتلكها، وأيضًا تستعين بأقوى الكتائب في جيشها أملًا منها في القضاء على أعدائها في غزة.
وفاة لواء كتيبة "نيتسح يهودا"
وكان قد أعلن الجيش الإسرائيلي عن وفاة اللواء سالم الخريشات خلال اشتراكه في عملية عسكرية في شمال قطاع غزة، وهو من سكان أبو ربيعة ويبلغ من العمر 42 عامًا، كما أنه كان يشغل منصب متعقب في لواء الشمال التابع لفرقة غزة في وحدة قصاصي الأثر، التابعة لقيادة جيش الاحتلال بالضفة الغربية.
وكان سالم الخريشات يعمل لدى كتيبة "نيتسح يهودا"، التي تُعرف أيضًا باسم ناحال حريدي، وهي كتيبة في لواء كفير التابع لجيش الاحتلال، وتتيح هذه الوحدة للرجال اليهود الأرثوكسيين المتشددين الخدمة في الجيش في جو يتوافق مع معتقداتهم الدينية، في إطار يخضع لتعاليم الهالاخاه، وكانت قد قررت القيادة الإسرائيلية نقل منطقة عمليات الكتيبة إلى جنين بعد أن كانت في رام الله، ولكنها استعانت ببعض رجالها في عملياتها العسكرية في غزة.
عقوبات أمريكية على كتيبة "نيتسح يهودا"
وكانت الولايات المتحدة قررت الاستعداد لفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة، وتلك الخطوة، ستكون الأولى التي تتخذ فيها مثل هذا الإجراء ضد وحدة عسكرية إسرائيلية.
من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن فرض عقوبات في غضون الأيام القادمة، حيث ستحول هذه الإجراءات دون قبول كتيبة "نتساح يهودا" وأفرادها لأي مساعدة أو تدريب عسكري من الولايات المتحدة.
تأتي هذه التوصية بفرض عقوبات على كتيبة "نتساح يهودا" عقب تحقيق أجرته لجنة خاصة تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة لقانون ليهي. وبينما تمت مقارنة هذا التحقيق مع الوحدات الأخرى في الجيش الإسرائيلي والشرطة، فإنه تقرر عدم فرض عقوبات عليهم بعد تصحيح سلوكهم.
تعرضت كتيبة "نيتساح يهودا"، التي نشأت في الأصل كوحدة خاصة للجنود اليهود المتشددين، لتدقيق شديد في السنوات الأخيرة بسبب تورطها في حوادث عنف ضد المدنيين الفلسطينيين. ومن بين هذه الحوادث، كانت واقعة وفاة الأمريكي الفلسطيني "عمر أسد" البالغ من العمر 80 عامًا في يناير 2022، حيث قُتل على يد جنود كتيبة "نيتساح يهودا".
وبعد هذه الأحداث، تم نقل الكتيبة من الضفة الغربية إلى مرتفعات الجولان في يناير 2023. وتشير التوقعات بفرض العقوبات إلى تطور كبير في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مع تأكيد واشنطن التزامها بدعم معايير حقوق الإنسان في سياستها الخارجية.
في حال فرضت الولايات المتحدة عقوباتها، ستمنع الكتيبة من الاستفادة من أي نوع من المساعدات أو التدريب العسكري المقدم من الولايات المتحدة.
ما هي كتيبة "نيتسح يهودا"
تأسست كتيبة "نيتسح يهودا" كوحدة عسكرية خاصة إسرائيلية عام 1999، وهي أول كتيبة قتالية حريدية في إسرائيل. تم تأسيسها على يد "يهودا دوفدفاني" بدعم من مجموعة من حاخامات "الحريديم"، في إطار مشروع رعته منظمة "نيتسح يهودا"، بهدف دمج شباب هذه الطائفة في الجيش والمجتمع الإسرائيلي، متجاوزين تقاليدهم الدينية.
أهداف كتيبة "نيتسح يهودا"
الهدف الرئيسي من إنشاء كتيبة "نيتسح يهودا" كان حل مشكلة الشباب الحريدي، الذين لم يستطيعوا الالتحاق بالنظام التعليمي الديني "يشيفا"، وتراوحت أعمارهم بين 18 و20 عامًا، عن طريق تمكينهم من خدمة عسكرية مع الحفاظ على تقاليدهم الدينية. تم إنشاء الكتيبة لتجعل الشباب الحريدي أكثر اندماجًا في المجتمع الإسرائيلي وتفاعلًا معه، دون تغيير أسلوب حياتهم الدينية.
فيما بعد، بدأت الكتيبة بقبول المستوطنين الشباب ذوي التوجه اليميني المتشدد، المعروفين بـ "شبيبة التلال"، الذين لم يستطيعوا الانخراط في وحدات الجيش الإسرائيلي التقليدية. اشتهروا بأعمالهم العدائية للفلسطينيين في الضفة الغربية.
نقلت الكتيبة أثناء تأديتها مهامها العسكرية بين الضفة الغربية والجبهة الشمالية في الجولان، ومنذ مطلع عام 2024 شاركت في العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
تعتبر هذه الوحدة الأكثر عنفاً ضمن الوحدات العسكرية الإسرائيلية في تعاملها مع المدنيين الفلسطينيين، وتورطت في جرائم حرب وانتهاك حقوق الإنسان. وهذا الأمر جعلها عرضة للوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية، مما يمكن أن يؤدي إلى حرمانها من المساعدات العسكرية الأميركية بكافة أشكالها.
الخدمة في كتيبة "نيتسح يهودا"
"نيتسح يهودا" تضم حوالي ألف جندي، وتابعة لـ "لواء كفير" ضمن الفرقة 99 في الجيش الإسرائيلي، المعروفة بـ "فرقة مشاة النار"، وهي قوة قتالية مؤهلة بشكل عالي تدربت للمشاركة في العمليات القتالية في مختلف المناطق مثل لبنان وسوريا وغزة.
تستمر خدمة المجندين في الجيش الإسرائيلي لمدة عامين و8 أشهر، وتشمل فترة تدريبية لمدة 8 أشهر. بعد ذلك، ينضمون كمقاتلين في السرايا القتالية لمدة 16 شهراً.
وفي السنة الثالثة، يحق للجنود الانضمام إلى برامج متاحة للحريديم، تشمل إكمال شهادة الثانوية العامة، وبرنامجاً تحضيرياً للتعليم الأكاديمي والمهني، بالإضافة إلى برنامج تمهيدي للمهندسين والتعليم المهني.
الفكر والأيديولوجيا
تضم الكتيبة عناصر تابعة إإلى التيار الديني اليهودي المتشدد، فأكثر أفرادها ينتمون إلى طائفة "الحريديم"، النابعة من رحم الأرثوذكس اليهود، مع ميل نحو فكر أكثر أصولية وتشددا في تطبيق العادات والتقاليد اليهودية القديمة.
ويُنظر للكتيبة على أنها وحدة خاصة، ويتم التعامل مع جنودها بنمط استثنائي، يتلاءم مع فكرهم ومعتقداتهم، بما في ذلك، الفصل التام بين الجنسين، حيث لا يسمح للنساء بالانضمام للكتيبة، ويتم تنظيم تعامل الجنود مع النساء في القوات الإسرائيلية، بحيث تجري في أطر ضيقة ومحدودة، كما يمنح الجنود ساعات للصلاة، ويسمح لحاخاماتهم بتقديم دروس دينية يومية، ويلتزم الجيش الإسرائيلي بتقديم وجبات طعام تتوافق مع المعتقدات الدينية لأفراد الكتيبة.
كتيبة "نيتسح يهودا" في غزة
في بداية العام الحالي، بدأت الكتيبة في تنفيذ مهامها القتالية في قطاع غزة لأول مرة منذ إنشائها، حيث ركزت نشاطها على الحدود الإسرائيلية مع القطاع. قامت الكتيبة بتنفيذ عمليات متعددة داخل القطاع، بما في ذلك اجتياح بيت حانون شمالي القطاع، وتدمير مواقع لإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، ونقاط المراقبة، وممرات الأنفاق.
كما نجحت في قتل عدد من المسلحين خلال هذه العمليات.
العنف والاعتداءات
اشتُهرت كتيبة "نيتسح يهودا" بوحشية تجاه المدنيين الفلسطينيين، إذ ثبت تورطها في جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وعُرفت بسرقة الممتلكات والاعتداء على الفلسطينيين. عُرفت الكتيبة بتعذيب وتنكيل السجناء الفلسطينيين، وتصاعدت الاتهامات بالاعتداء الجسدي والجنسي عليهم.
تعرض عدة فلسطينيين للاعتداءات الوحشية من قبل أفراد الكتيبة، ومن بينها حادثة مقتل المسن عمر أسعد في يناير 2022، حيث تم اعتقاله وتركه مكممًا ومكبلًا داخل مبنى قيد الإنشاء، ليتم العثور عليه ميتًا بعد ذلك. وقد أثارت هذه الأحداث استياءً واسعًا، لكن سلطات الاحتلال قمت بتوبيخ القادة العسكريين فقط، دون محاسبة جادة.
تم توثيق العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها الكتيبة بين عامي 2015 و2022، بما في ذلك إطلاق النار التعسفي والتعذيب والاعتداء الجنسي، مما أدى إلى تحميلها المسؤولية عن جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.