في يومهم العالمي.. تأريخ قضايا العمال في الرواية المصرية
قدمت الأعمال الأدبية المصرية، العديد من الروايات، التي تركز على العمال وقضاياهم، فمنذ زمن طويل، كان الأدباء المصريون يروون قصص نضال العمال وتاريخهم العريق، بدءً من الحضارات المصرية القديمة ومرورًا بالعصور الإسلامية، ووصولا إلى العصر الحديث.
وسلط مؤلفو الروايات، الضوء على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها العمال، بالإضافة إلى التحديات اليومية مثل الأجور المنخفضة، رغم الأعمال الشاقة التي يؤدونها، وغالبا ما تتناول الروايات المصرية، قضايا الفروقات الطبقية والصراعات بين مختلف الفئات الاجتماعية، يظهر العمال في هذه الروايات كجزء من طبقة عاملة تكافح ضد أصحاب السلطة أو الفئات الأكثر ثراء.
رواية "الأرض"
تناول الروائي والكاتب، عبد الرحمن الشرقاوي، في روايته، حياة الفلاح في ظل البيئة الإقطاعية في القرن العشرين، مسلطا الضوء على الظلم والمعاناة التي كان يواجهها، تدور أحداث الرواية، في قرية منية الملاحة، في صعيد مصر، وتوثق الأحداث التاريخية مثل الصراعات مع الطبيعة والتحديات الناتجة عن الجفاف وغيره من الكوارث الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، تتناول الرواية الصراعات مع أصحاب السلطة في القرية، وكذلك الصراعات الداخلية التي يعيشها الفلاح المصري، كالصراع من أجل البقاء وتحقيق العدالة، تكشف الرواية عن التحديات اليومية التي يواجهها الفلاحون، والتي غالبا ما تتجسد في العلاقات غير المتكافئة بينهم وبين أصحاب السلطة والأراضي.
رواية " شيء من الخوف"
قام الروائي والكاتب المصري، ثروت أباظة، بتوثيق العديد من الأحداث التي شهدتها مصر في القرن العشرين، مع التركيز على الحياة في القرى المصرية، تعكس رواياته الصراعات بين أصحاب الوظائف والفلاحين الصغار، ويعكس من خلال كتاباته الواقع المعقد الذي يواجهه سكان تلك القرى.
كما يسلط ثروت أباظة، الضوء على مظاهر القمع التي يعاني منها الفلاحون، وكذلك جهودهم نحو التحرر من القيود التي يفرضها النظام الاجتماعي والاقتصادي السائد، وتتناول رواياته التوترات الاجتماعية والاقتصادية، والصراعات بين الطبقات، ما يعكس صورة حية للحياة في القرى المصرية خلال تلك الفترة، ويمثل دعوة للتأمل في قضايا العدالة والحرية.
رواية "الزيني بركات"
في روايته، يتناول الكاتب، جمال الغيطاني، العمال في مصر بشكل ضمني، مركزا على العصر المملوكي في القرن السادس عشر الميلادي، يعكس العمل الأدبي المظاهر السياسية والاقتصادية لتلك الفترة وتأثيرها على العمال، ويستعرض الغيطاني فئات مختلفة من العمال، مثل الحرفيين كالنجارين والحدادين وغيرهم، وكيف يتفاعلون مع الظروف الاجتماعية في ذلك الوقت.
ورغم أن التركيز ليس مباشرا على العمال فقط بل يتناول العديد من القضايا الأخرى، ومع ذلك تسلط الرواية الضوء على الفقر والظلم الذي عانى منه العمال في العصر المملوكي والعثماني، مما يعطي لمحة عن التحديات التي واجهوها، يمزج الغيطاني بين العناصر الحقيقية والخيالية، ليقدم سردا يمتزج فيه التاريخ بالخيال، مع إشارات واضحة إلى استغلال العمال وتدهور ظروفهم المعيشية، مما يعكس الصراعات الاجتماعية والاقتصادية.
رواية "الرحلة"
صدرت رواية عام 1987، للكاتب والصحفي، فكري الخولي، وتتحدث عن مصنع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، الذي كان نقطة تحول في قطاع الصناعات المحلية بمصر، تروي الرواية قصة عامل مصري شاب يقرر مغادرة بلدته والانتقال إلى هذا المصنع، جنبا إلى جنب مع العديد من الأشخاص القادمين من مناطق بعيدة في الصعيد وغيرها من الأقاليم.
تسلط الرواية الضوء على رحلة هؤلاء العمال الشاقة نحو حياة أفضل، والصعوبات التي يواجهونها في بيئة صناعية جديدة، بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعترض طريقهم، تعكس القصة واقع الحياة اليومية في تلك الفترة، حيث تحولت المحلة الكبرى إلى مركز صناعي حيوي، واجتذبت العديد من العمال من مختلف أنحاء مصر. كما توضح الرواية كيف لعب هذا التحول الصناعي دورا هامًا في تغيير أنماط الحياة وتشكيل العلاقات الاجتماعية بين العاملين.
رواية "الحرام"
تحدث الروائي المعروف يوسف إدريس عن "عمال التراحيل" في مصر، وهم فئة مهمشة في المجتمع المصري تواجه الفساد والظلم، في روايته، سلط الضوء على معاناة هؤلاء العمال من ناظر التفتيش، الذي اشتهر بسوء معاملته وتعسفه، بالإضافة إلى تورطه في علاقات محرمة مع العديد من النساء، وتطرقت الرواية إلى قضية "الغرابوة"، خاصة في حادثة "أم اللقيط"، حيث تساءل يوسف إدريس عن احتمالية أن تكون "أم اللقيط" إحدى الغرابوة.
يستخدم مصطلح "الغرابوة" للإشارة إلى عمال التراحيل، وهم عمال فقراء ليسوا من أهل العزبة، يأتون من مناطق مختلفة للعمل الموسمي في الزراعة بمزرعة التفتيش، يعيش هؤلاء العمال في ظروف قاسية، حيث يعملون بجد من أجل كسب ما يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
أما أهل العزبة، المعروفون بـ "أهل التفتيش"، فيطلقون اسم "الغرابوة" على هؤلاء العمال، وينظرون إليهم باحتقار، بسبب المكانة الأدنى التي يتمتع بها عمال التراحيل، فـ "أهل التفتيش" يمتلكون المال والأرض والحيوانات، ويرتدون ملابس نظيفة، ما يجعلهم يشعرون بالفوقية على "الغرابوة"، الذين يعاملون كما لو كانوا مجرد نفايات.