نجوم المسرح المصري.. محسنة توفيق.. «نعيمة وأنيسة وبهية» صوت في معركة التنوير
يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري.
ونلتقي اليوم مع الفنانة القديرة محسنة توفيق .. «بهية الفن المصري»
البداية على الخشبة
ولدت محسنة توفيق في 29 ديسمبر عام 1939، وكانت بدايتها الفنية مبكرة جدا خاصة مع تشجيعها من قبل شقيقتيها المذيعتين فضيلة توفيق «أبلة فضيلة»، ويسرا توفيق التي عملت مطربة بدار الأوبرا المصرية، حيث انضمت «محسنة» خلال المرحلة الإبتدائية إلى فريقي الموسيقى والمسرح
وكانت تمثل بالمسرح المدرسي بالمرحلة الثانوية ومن بعدها في الجامعة، وخلال تلك الفترة أسند لها المخرج الكبير نبيل الألفي بطولة مسرحية «الأشباح» للكاتب العالمي إبسن لإحدى الفرق الجامعية وتميزت كثيرا حينذاك.
احترفت محسنة توفيق الفن مبكرا، وهي طالبة بكلية الزراعة فاشتركت بالتمثيل في عروض فرقة «عبد الرحمن الخميسي» في عامي «1960 ،1961»، وبعدها شاركت في«مأساة جميلة» بفرقة «المسرح القومي» عام 1961، وأصبحت في قائمة سيدات المسرح المصري في ستينات القرن العشرين، وواحدة من مبدعات الفن المصري المخلصات.
وكانت فترة الستينات القرن الماضي لمحسنة توفيق من أهم فترات رحلتها الفنية حيث نجحت فيها إلى لفت الأنظار لموهبتها وخاصة من خلال مسرحيتي«مأساة جميلة»، «الدخان» و«أجاممنون».
نصف قرن مع المسرح
وقضت محسنة توفيق في العمل به كممثلة محترفة ما يقرب من نصف قرن، وتميزت وشاركت خلالها ببطولة عدد كبير من العروض مع الفرق المسرحية المهمة حيث شاركت في بطولة ما يقرب من ثلاثين مسرحية.
تميزت محسنة توفيق في تقديم العديد من الشخصيات الخالدة ومن بينها العالمية والمحلية الخالدة، بالمسرح وفي مقدمتها«نعيمة» في مسرحية «منين أجيب ناس» للمخرج والمؤلف نجيب سرور.
وتتمثل مشاركات «بهية الفن» محسنة توفيق المسرحية فيما يلي:
مع فرقة«المسرح القومي»
قدمت محسنة توفيق مسرحيات «مأساة جميلة، المحلل (1961)، الدخان (1962)، طيور الحب (1964)، حاملات القرابين (1968)، الجنس الثالث، 28 سبتمبر (1970)، عفاريت مصر الجديدة (1971)، دماء على ملابس السهرة (1979)، الأستاذ (1981)»
فرقة «مسرح الجيب»
مسرحيات «شفيقة ومتولي (1963)، يرما (1964)، حسن ونعيمة (1965)، أجاممنون، طبول في الليل (1966)، الأسلاف يتميزون غضبًا، مسحوق الذكاء، المسير الطويل (1967)، تحت المظلة (التركة يحيي ويميت 1969)، ثورة الزنج (1970) ، ومع فرقة «المسرح العالمي» شاركت في « أنتيجوني، مرتفعات وذرينج »(1965).
وبعد تخرجها من الجامعة مباشرة عام 1968 كانت قد قدمت دورا من أهم أدوارها بمسرحية «حاملات القرابين» لليوناني تاكيس موزينيدس عام 1968.
فرق مسرحية أخرى
وشاركت محسنة توفيق أيضًا بفرق مسرحية أخرى قدمت معها العديد من المسرحيات مثل: «عزبة بنايوتي» «عبد الرحمن الخميسي 1960»، «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» مع «جمعية أنصار التمثيل والسينما1961»، «منين أجيب ناس» مع فرقة «المسرح المتجول»1985، و مسرحيتي: «الابن (1973، قمبيز»
تميزت محسنة توفيق وبمهاراتها البديعة في التلوين الصوتي وقدرتها على التعبير عن مختلف المشاعر والمواقف الإنسانية، وبأدائها البديع وخاصة في التمثيل باللغة العربية أو إلقاء الشعر وبصوتها الحساس المتميز ومخارج ألفاظها السليمة.
أنيسة وبهية ونعيمة
ساهمت في إثراء الإذاعة المصرية بعدد كبير من الأعمال الدرامية على مدار مايقرب من نصف قرن، في المسلسلات والتمثيليات الإذاعية ومنها« بيتك بيتك، السندباد البحري ورحلاته السبع، ألف يوم ويوم المعجزة الكبرى، قلب امرأة، أنا وأنت وسنوات العمر، وأشرق النور، أحلام روبابيكيا».
وشاكت ببطولة عدة مسلسلات تلفزيونية مهمة وصلت إلى 50 مسلسلًا دراميا من بينها: «هارب من الأيام، الوسية، الشوارع الخلفية، المرسى والبحار، الكتابة على لحم يحترق، ليالي الحلمية بأجزائها المختلفة»
وقدمت شخصية «أنيسة» رمز الطبقات الكادحة في مسلسل «ليالي الحلمية» الشهير، للمؤلف أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ أيقونة الدراما المصرية والعربية.
وشاركت في بعض الأفلام السينمائية، ويذكر أنه بعد مشاركتها بفيلم «عظماء الإسلام» عام 1970 انطلقت مسيرتها السينمائية بفيلم «حادثة شرف»عام 1971، الذي جسدت فيه شخصية «مسعدة» زوجة فرج ، ومن بعد ذلك شاركت في بطولة بعض الأفلام المهمة في مسيرتنا السينمائية ومن بينها العصفور، البؤساء، إسكندرية ليه؟»
وكانت هي «بهية» الفن المصري التي غنى لها الشيخ إمام «مصر يامه يا بهية» من كلمات الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، عندما قدمت «بهية» في فيلم «العصفور».
في قائمة أفضل 100 فيلم
اشتركت محسنة توفيق ببطولة فيلمي:«العصفور»، و«إسكندرية ليه؟»، اللذين تم اختيارهما في قائمة أفضل «100» مائة فيلم بذاكرة السينما المصرية طبقا لاستفتاء النقاد والسينمائيين عام 1966 ،وكان دورها في فيلم «العصفور» جاء مختلفا حيث تميزت بدور «بهية»، وأصبحت رمزا للوطنية ورمزا لمصر، ووصف المخرج يوسف شاهين محسنة توفيق، بأنها واحدة من «مجاذيب الفن العربي» ووخاصة في السينما المصرية.
صوت في معركة التنوير
وكانت محسنة توفيق مثقفة ومفكرة تتحلى بالروح الوطنية، وتحرص على المساهمة في معركة التنوير بتقديم قيم الخير والحق والجمال، واتخاذ المواقف السياسية الواضحة، فهي لا تعرف المهادنة وترفض كل أشكال الظلم والقهر، وظلت تعلن دائما آراءها بكل صراحة، سواء ببعض المؤتمرات السياسية أو بمشاركتها ببعض المسيرات والمظاهرات.
تكريمات وأوسمة
نالت محسنة توفيق العديد من الجوائز بالمهرجانات المحلية والعربية،منها وسام الدولة للعلوم والفنون عام 1967، وحصلت على شهادات تقدير لمشاركتها في فيلمي:«العصفور»، «بيت القاصرات»، وفازت أيضا بجائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعمالها الفنية عام 2013.
وكرمتها بعض المهرجانات الفنية المحلية والعربية وحصولها على عدة جوائز ومنا: الجائزة الأولى بمهرجان «بغداد المسرحي» عام 1985، عن تجسيدها لشخصية «نعيمة» بمسرحية «منين أجيب ناس» لنجيب سرور ومن إخراج مراد منير.
و وكرمت بالدورة السابعة لمهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» عام 1995، وبالدورة الرابعة لمهرجان «المسرح العربي» للجمعية المصرية لهواة المسرح عام 2005، كما كرمت بالدورة الثالثة لمهرجان «أسوان لأفلام المرأة» عام 2018.
رحيل وأثر باق
رحلت محسنة توفيق بهية الفن المصري والتي ناضلت من خلال المسرح المصري وبرحلتها بالحياة عن عالمنا في 7 مايو 2019 بعد رحلة فنية طويلة بمسيرة غنية وشخصيات قدمتها في جميع أعمالها بصدق ومحبة وإخلاص، حفرت في ذاكرتنا ووجداننا وتبقى أثر باق لن يزول ما حيينا.
مسرحية منين أجيب ناس | الجزء 1 ..
«بطولة: محسنة توفيق - على الحجار من تأليف نجيب سرور إخراج أحمد عبد الجليل»