العملة المصرية الورقية.. تطور الرموز والمعاني من 1899 حتى الآن
شهدت العملة المصرية الورقية رحلة طويلة منذ إصدارها لأول مرة عام 1899، وتميزت كل مرحلة بتصميمات ورموز تعكس الأحداث والتوجهات في ذلك الوقت.
وسنستعرض أهم المراحل التاريخية للجنيه المصري الورقي، بدءا من إصداره الأول في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، مرورا بمراحل مختلفة مثل عهد الملك فؤاد الأول وعهد الملك فاروق الأول، وصولا إلى التصميم الحالي للجنيه المصري.
بداية إصدار الجنية الورقي عام 1899
في الثالث من أبريل، عام 1899م، بدأ البنك الأهلي المصري، سطرا جديدا في تاريخه المالي العريق، وذلك بإصداره الأوراق النقدية لأول مرة، تنفيذا للقرار الصادر في 25 من يونيو عام 1899م.
وشهد ذلك اليوم ميلاد "الجنيه المصري" الورقي في التاريخ، حاملا على أحد وجهيه صورة جملين خلفهما صورة لصحراء مص الشاسعة، ورمز الجمل هنا إلى القوة والصبر في بداية إصدار أولى العملات المصرية الورقية، أما الوجه الآخر، فقد زين بزخارف هندسية بديعة لونت باللون الأحمر، احتضنت في وسطها اسم "البنك الأهلي المصري"، مرفقةً بقيمة الورقة النقدية المعنية، بالأرقام العربية والإنجليزية.
فكان هذا الإنجاز بمثابة شمس مشرقة، للتجارة والاقتصاد المصري، إيذانا ببدء حقبة جديدة من الاستقرار المالي والنقدي.
إلغاء تبعية الدولة العثمانية
تلى ذلك، مرحلة جديدة في العملات المصرية، وهي تبدأ من 1914 إلى عام 1924م، بعد أن ألغت مصر تبعيتها للدولة العثمانية، التي كانت توصف في أوروبا بالشيخ العجوز، أو المريض الذي لا يمكن علاجه، وأعلنت نفسها سلطنة تحت الحماية البريطانية عام 1914، شهدت العملة المصرية مرحلة جديدة.
أصدر البنك الأهلي المصري العملات المتداولة في عهد السلطان حسين كامل، سلطان مصر الذي حكم من 1914 إلى 1917. كانت العملات المعدنية تسك في دور الضرب البريطانية، بينما جاء الجنيه الورقي بتصميم جديد.
تميز التصميم الجديد للجنيه الورقي، بصور تعكس تاريخ مصر العريق، فكان على الوجه الأول، ظهرت صورة معبد خنسو بالكرنك، الذي يرمز للقوة والخلود عند المصريين القدماء، ويمثل الوحدة الوطنية حيث كان يجذب المصريين من جميع أنحاء البلاد. أما الوجه الثاني، فتضمن زخارف هندسية مميزة، وفي الوسط اسم البنك الأهلي المصري وفئة الورقة النقدية.
1924-1926م
أعلن في الفترة ما بين 1924 إلى 1926م، كمملكة مستقلة، وتوج السلطان، أحمد فؤاد الأول، كملك عليها، وتم صك النقود باسمه في دور السك البريطانية، وقد حمل الجنيه الذي تم صكه خلال عهده في عام، 1924 صورة لجمل ورجال بدو أمام أسوار القاهرة والقلعة، تعبير عن القوة العسكرية لدى مصر بعد الاستقلال، بالإضافة إلى التاريخ العريق من الانتصارت الحربية، في حين زينت خلفية الورقة بنقوش هندسية، يتوسطها اسم البنك الأهلي المصري مع الفئة النقدية التي تمثلها.
1926_ 1930 " جنية الفلاح"
صدرت أول عملة مصرية، خلال عهد الملك فؤاد الأول تحمل صورة شخص، وكانت هذه العملة هي الجنيه الورقي، الذي تضمن صورة "عم إدريس"، مما جعل الناس يطلقون عليه اسم "جنيه الفلاح".
تميز تصميم الجنيه بوجود صورة فلاح مصري على الوجه الأمامي، بينما حمل الوجه الآخر صورة جامع المنصور قلاوون.
تميز الجنيه المصري في تلك الحقبة برسائل اجتماعية، وكان اختيار صورة "الفلاح المصري" عم إدريس إشارة إلى تقدير دور الفلاحين في الاقتصاد المصري.
بداية استخدام العلامة المائية في الأوراق النقدية المصرية بداية من 1930.
بدأت الحكومة المصرية، في عام 1930، بإصدار عملة ورقية مع علامات مائية لمنع التزوير.
وأصدر البنك الأهلي المصري في 23 أبريل 1930 ورقة نقدية جديدة من فئة الجنيه، تضمنت علامة مائية بصورة أبي الهول، مع صورة توت عنخ آمون على أحد الوجهين، وصورة جامع المنصور قلاوون على الوجه الآخر.
وتمثل هذه العملة الجديدة تمثل تحولا نحو استخدام الرموز المصرية القديمة والإسلامية، مما يشير إلى توجه جديد لتعزيز الاهتمام بالآثار المصرية لدعم السياحة.
ظهور الملك فاروق الأول على أوراق البنكنوت المصرية عام 1950
أُضيفت صورة الملك فاروق الأول، إلى أوراق النقد المصرية، لأول مرة في تاريخ البلاد، ليصبح الحاكم المصري الوحيد الذي حدث ذلك في عهده.
أصدر البنك الأهلي المصري، في يوليو 1950م، ورقة نقدية من فئة الجنيه المصري، تضمنت صورة الملك فاروق، وذلك على الوجه الأمامي، بينما حمل الجانب الخلفي، رسما لمعبد إيزيس وكشك تراجان في جزيرة فيلة، تجسيدا للحضارة المصرية.
التحول في العملة المصرية بعد ثورة 1952
ثار الرئيس محمد نجيب "قائد الثورة" ضد النظام الملكي، عام 1952، وشهدت العملة المصرية، إعادة تصميم مشابه للعمله التي كانت في عام 1950، ولكن مع اختلاف كبير، يتمثل في استبدال صورة الملك فاروق الأول، بصورة الملك توت عنخ آمون.
وأصدر البنك الأهلي، في مايو 1952، ورقة نقدية من فئة الجنيه المصري، احتوت هذه الورقة على صورة تمثال الملك توت عنخ آمون، فيما زين الجانب الآخر، بمعبد إيزيس في جزيرة فيلة.
الجنيه المصري في عهد جمال عبد الناصر عام 1963
اكتمل تمصير الجنيه المصري عام 1960 عندما صدر قانون بقرار جمهوري أنشأ البنك المركزي المصري، ومنحه صلاحية إصدار أوراق النقد المصرية.
في عام 1963، أصدر البنك المركزي المصري ورقة نقدية جديدة من فئة الجنيه. تضمنت الورقة علامة النسر المائية كإشارة وطنية، وعلى وجهها صورة الملك توت عنخ آمون، بينما غطت الزخارف والخطوط الهندسية المتداخلة الجانب الخلفي، كتبت على الورقة عبارة "جنيه مصري" باللغة الإنجليزية.
تحسينات أمنية على الأوراق النقدية لمواجهة التزييف
قام البنك المركزي المصري، في آواخر عام 1969، بتحسين الأمان في الأوراق النقدية لمكافحة التزييف، من خلال إضافة خيط معدني وصورة رأس تمثال الكاتب المصري القديم كعلامة مائية.
وأصدرت الورقة النقدية الجديدة من فئة الجنيه بتصميم مختلف، حيث تضمنت صورة مسجد قايتباي على الوجه الأول، بينما حمل الوجه الآخر صورا من معبد أبو سمبل الكبير والصغير، وزخارف فرعونية في الجزء العلوي.
التصميم الحالي للعملة النقدية
أصدر البنك المركزي في 15 مايو ، 1979 ورقة نقدية جديدة بتصميم أصغر وحجم جديد يغلب عليه اللون البني.
وحمل أحد وجهي الورقة صورة لمسجد السلطان قايتباي مع زخارف عربية، في حين يحمل الوجه الآخر، صورة لمعبد أبو سمبل وخرطوشتين فرعونيتين، واستمر استخدام هذا التصميم في الجنيه الورقي المتداول حتى اليوم.