رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حكايات على ألسنة الحيوانات «كليلة ودمنة» (2-30) | قصة «الأسد والثعلب المكار»

2-3-2025 | 10:51


كليلة ودمنة

فاطمة الزهراء حمدي

يُعَدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أشهر الكتب العالمية التي تحمل بين طياتها عالماً واسعًا من الحكايات والحكمـ و يضم الكتاب مجموعة متنوعة من القصص التي ترجمها عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري، مضيفًا إليها أسلوبه الأدبي المميز. ويُجمِع العديد من الباحثين على أن أصل الكتاب يعود إلى التراث الهندي، حيث تُرجم في البداية إلى الفارسية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بأسلوبٍ راقٍ ومبدع.

يُروى أن سبب تأليف «كليلة ودمنة» يعود إلى رغبة ملك هندي يُدعى دبشليم في تعلم الحكمة بأسلوب مشوّق ومسلٍ، فطلب من حكيمه بيدبا أن يضع له هذا الكتاب، فجاءت الحكايات في قالبٍ أدبي رائع استخدم فيه بيدبا أسلوب الحكايات على لسان الحيوانات، لتقديم دروسٍ أخلاقية وحِكَمٍ إنسانية خالدة.

أصبحت النسخة العربية من «كليلة ودمنة» محطةً هامةً في تاريخ الأدب، حيث أسهمت بشكل كبير في انتشار الكتاب وترجمته إلى العديد من لغات العالم. ويصنّفه النقاد العرب القدامى ضمن الطبقة الأولى من كتب الأدب العربي، ويعدونه واحدًا من أبرز أربعة كتب مميزة. يتألف الكتاب من خمسة فصول تحتوي على خمسة عشر بابًا رئيسيًا، تتناول قصصًا تراثية تعكس تجارب البشر من خلال حواراتٍ شيقة على ألسنة الحيوانات.

تُقدّم بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ حكاياتٍ يومية من كتاب «كليلة ودمنة»، في إطار سلسلةٍ مميزة تستعيد من خلالها عبق التراث الأدبي. وتُقدَّم اليوم قصة بعنوان « الأسد والثعلب المكار»، لتستمر الرحلة الممتعة مع عالم الحكايات والحكمة.

وجاء بالقصة: يحكى أن أسدا كان سيدا على غابة كان يرافقه دائما ثعلب شديد المكر يعيش على فضلات طعامه، غير أن الأسد أصابه الجرب والمرض ولم يقوى على الصيد، فجاءه الثعلب الماكر قائلا: مالي أرى سيد السباع مهموما لا يغادر عرينه، فقال له الأسد: لقد أصابني الجرب والأطباء وصفت لي دواء أذني حمار لتعود لي صحتي كما كانت ولكنني لشدة مرضي لا أقوى على الحراك ولم أستطع العثور على حمار، فقال له الثعلب: بسيطة فأنا أعرف حمار بالقرية المجاورة للغابة خير راض عن صاحبة وأعتقد أنني أستطيع أن أتيك به، فقال له الأسد: أسرع أيها الثعلب وأنا لن أستطيع أن أنسى لك معروفك هذا.

انطلق الثعلب باتجاه الغابة وحينما شاهد الحمار وحيدا اقترب منه وسأله: مالي أراك هزيلا ياصاحبي لماذا أنت هكذا، فقال له الحمار: إن معلمي يعمل علي كثيرا ولا يطعمني إلا القليل، فقال له الثعلب: وما يبقيك هكذا، فقال له الحمار: ليس لدي مكان أقصده وكل من قصدتهم كانوا أسوأ من معلمي هذا، فقال له الثعلب: اسمع ياصاحب أعلم مكان في مرعى كثير والحمير هناك سمان وجميلون ولا يقصدها أي بشر، فقال له الحمار: إذا كان ماتقوله صحيح فما الذي يؤخرنا عنهم.

انطلق الإثنان معا حتى وصلا إلى الغابة، وكان العشب وفيرا والحمار جائعا فلم يرى أحد من حوله، بينما ذهب الثعلب إلى الأسد، وقال له: السلام عليك ياسيدي لقد أتيتك بالحمار وأرجو أن توفق بالقضاء عليه، قال له الأسد: لا عليك سوف أهتم بأمره، خرج الأسد من عرينه واتجه صوب الحمار وحين رأه وثب عليه، ولكن الحمار استطاع الفرار منه مسرعا من شدة خوفه، فقال له الثعلب: ماذا فعلت يا سيد الغاب كيف استطاع أن يهرب منك، فقال له الأسد: لم أكن مستعدا للقضاء عليه أحضره ثانية، فقال له الثعلب: سأحاول أن آتي به مرة أخرى ولو أنه أمر صعب.

بدأ الثعلب بالبحث عن الحمار وحين وجده سأله: لماذا هربت أيها الحمار، فأجابه الحمار: لقد هاجمني وحش من دون أن أدري، فقال له الثعلب: سامحك الله كان عليك أن تبقى لقد كانت حمارة سمينه وكانت تريد امتحانك تعالى معي لتراها وإياك أن تهرب، طمع الحمار وصدق فذهب مع الثعلب من جديد معه إلى المرعى، فاتجه الثعلب إلى الأسد وقال له: هذه فرصتك الأخيرة فإن لم تقتله فسوف تموت من مرضك، تحمس الأسد وقال: سترى كيف سأقضي عليه بوثبة واحدة مني، فتحرك الأسد باتجاه الحمار وحينما اقترب منه انقض عليه بوثبة واحدة، ثم قال الأسد للثعلب: نصحني الأطباء أن أغسل يداي وأن أتطهر قبل أن أكل القلب والأذنين فاحر لي الحمار، لكن الثعلب أراد أن يحرق قلب الأسد فاستعجل بأكل قلب الحمار وأذنيه، وحينما رأى الأسد الحمار بدون قلبه وأذنيه قال للثعلب: أين قلبه وأذناه، فقال الثعلب: لو كان له قلب وأذنين لما عاد مرة أخرى بعدما جرى له.