عادل.. إمام الموهوبين
غَزَل من الكلمة مشهدًا، ومن المشهد قصة حياة، امتدت عبر الأجيال بكاريزما لا تتوقف ولا تشيخ، انطلقت موهبة الفنان الكبير عادل إمام في اللحظة التي تمكّن فيها بحرفية الأستاذ ودهاء القائد من إدارة مواهبه، ليتحول من موهوب لإمام الموهوبين، كان الوجه الكوميدي الذي أضحك الزمان قبل أن تضحكه مفرداته المذهلة، حيث عبّرت ملامحه المصرية عن هموم مجتمعية، وأثارت ثقافته ورؤيته قضايا بالغة الأهمية، صاغها من خلال أعماله الفنية الرائعة، التي أصبحت أيقونات فنية خالدة على مدار مسيرته الحافلة.
ولد عادل إمام، كما أحبت الجماهير أن تلقبه بـ «الزعيم» في 17 مايو 1940، ومن كلية الزراعة تعلم كيف ينمي مواهبه الفنية، وكيف يرعاها، لتزدهر وينمو غصنها ويشتدّ، ولا ينتهي مهما تقدم به العمر، فكان كالشجرة السحرية التي تزداد ثمارها ويكثر خضارها.
بدأت مسيرة عادل إمام الفنية من مسرح الجامعة، حيث اختاره الفنان الكبير فؤاد المهندس من بين 90 ممثلًا ليكون الوجه الجديد للمشاركة في مسرحيته الكوميدية «أنا وهو وهي» وكان آنذاك في مرحلته الجامعية الثالثة، وكانت تلك المسرحية بمثابة إعلان ميلاد ممثل كوميدي واعد بمواصفات ابن البلد.
شكلت أفلام عادل إمام، التي تجاوزت المئة فيلم، وجدان الشعب المصري، وأثرَت جمَلُه الثقافة الشعبية، وكانت أفلامه تحقق الأعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية، وعلى الرغم من كونه اشتهر بأداء الأدوار الكوميدية إلا أنه أدى ببراعة أيضًا الأدوار التراجيدية، وامتزجت أدواره الكوميدية بالشخصية الاجتماعية.
في رحلة صعوده، قدم عادل إمام مجموعة من الأعمال الكوميدية مع كبار الفنانين، واتسمت تلك الأعمال بدمج الكوميديا بالرومانسية، مثل أفلام: "مراتي مدير عام"، و"عفريت مراتي"، و"كرامة زوجتي"، بالإضافة للأفلام الممزوجة بالكوميديا والإثارة كأفلام، "لصوص لكن ظرفاء"، و"برج العذراء".
وساهمت مسرحية «مدرسة المشاغبين»، في ازدياد شهرة عادل إمام بشكل كبير، حيث أدخلت الكوميديا داخل جدران المدرسة، كما قدم مسرحيتي "شاهد ماشفش حاجة"، و"الواد سيد الشغال" التي وصلت بالكوميديا إلى مستويات جديدة من الإبداع.
ناقشت العديد من أعماله، القضايا الاجتماعية والسياسية المهمة، في مصر والوطن العربي، وحظيت تلك الأعمال بالجرأة والشجاعة لتناوله القضايا السياسية والدينية في إطار لطيف من الكوميديا، من بينها فيلم "الإرهاب والكباب"، الذي تصدى لقضية الإرهاب داخل إطار كوميدي ساهم في توعية المجتمع حيال هذه القضية دون إثارة الرعب في نفوس الناس، وغيرها من الأفلام التي تناولت قضايا مهمة مثل: "الإرهابي"، و"اللعب مع الكبار"، و"طيور الظلام"، و"السفارة في العمارة"، وغيرها.
سيظل الزعيم عادل إمام راسخًا في ذاكرة الشعب المصري والعربي، لا كفنان كوميدي فحسب، بل كصوت فني صادق استطاع أن يعكس بجدارة واقع مجتمعه بكل إبداع وموضوعية، وعلى مدار عقود طويلة، يعد الزعيم أهم الأيقونات الثقافية في تاريخ مصر الحديثة، كانت الضحكة والابتسامة وسيلته لإيصال رسائله الهادفة، والتوعية بالآفات الاجتماعية دون خوف أو تهويل، وساهمت أعماله في خلق وعي جمعي ورفع لمستوى الثقافة الشعبية.