رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الفاجومي.. الشاعر والمناضل

22-5-2024 | 13:28


فاجومي

بيمن خليل

في القاهرة، أُزيح الستار عن مسرحية شعرية استثنائية، بطلها مناضل بالكلمة، ثائر بطبعه، متمرد بقلمه، يستلهم الكلمات من معاناة البسطاء، يكتب حزنهم، وبأشعاره يستميل قلوبهم، لُقِّب بـ "الفاجومي" لصراحته الشديدة في قصائده، تارة بقلمه الساخر وتارة اللاذع، لا تعرف حروفه الخوف، ومن أجل وطنه كان ضميرًا صارخًا لا يعرف السكوت ولا يبالغ في الاستسلام، عبّر عن هموم الفقراء والمهمشين، فغدا فيلسوفَ الفقراء، ومناضلاً بالكلمة، إنه شاعر العامية الكبير أحمد فؤاد نجم.

ولد أحمد فؤاد نجم في قرية "كفر أبو نجم" بمدينة أبو حماد بمحافظة الشرقية، في 23 مايو عام 1929، وينتمي إلى عائلة "نجم" المعروفة في أرجاء مصر، والدته فلاحة بسيطة من الشرقية، ووالده كان يعمل ضابطًا في الشرطة يدعى "محمد عزت نجم".

تسببت وفاة والده في انتقاله إلى بيت خاله "حسين" بالزقازيق حيث التحق هناك بملجأ أيتام في عام 1936، وقضى فيه ما يقرب من 10 أعوام، والتقى في الملجأ آنذاك بالعندليب "عبدالحليم حافظ".

منذ صغره، عاش "نجم" طفولة قاسية، وتولد داخله شعور اليتم والغربة، وبعد خروجه من الملجأ وكان عمره 17 عامًا، عاد إلى قريته ليواجه حياة أخرى صعبة في معسكرات الجيش البريطاني، وامتهن مهنًا عديدة مثل لاعب كرة، بائع، عامل إنشاءات وبناء، ترزي وغيرها من الأعمال.

في إحدى مدن قناة السويس - مدينة فايد - التي كان يحتلها البريطانيون، التقى أحمد فؤاد نجم بعمال المطابع الشيوعيين، وكان قد علَّم نفسه القراءة والكتابة، بدأت معاناته الطويلة تكتسب معنى، كما اشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر عام 1946، وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال.

عُرف عن نجم امتلاكه معجمًا لغويًا عاميًا استثنائيًا، استطاع من خلاله أن يعبّر عن صوت الشعب في أشعاره، ويصف بدقة معاناتهم، ويثور من أجلهم، فأشعاره لم تخش أحدًا ولم تخف أحد، مما تسبب في كثير من الأحيان بمشاكل كبيرة له.

أصدر أحمد فؤاد نجم ديوانه الأول في السنة الأخيرة له في السجن، حيث اشترك في مسابقة "الكتاب الأول" التي كان ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وحصل على الجائزة، وصدر ديوانه الأول في شعر العامية المصرية بعنوان "صور من الحياة والسجن"، وكتبت مقدمة الديوان الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي، وأوصت بنشره.

وارتبط شعر الفاجومي بصوت الملحن والمغني الشيخ إمام، وكونا خلال مشوارهما الفني الحافل ثنائيًا عظيمًا في الشعر والأغاني، التي عبرت عن روح الاحتجاج الجماهيري الذي بدأ بعد نكسة 1967، حيث قدم الفاجومي أشهر أعماله ومنها: "يعيش أهل بلدي"، "الأخلاق"، "هما مين وإحنا مين"، "شيِّد قصورك"، "بابلوا نيرودا"، "جيفارا مات" وغيرها.

كما أصدر الفاجومي العديد من الدواوين الشعرية، منها: "اصحي يا مصر"، "عيون الكلام"، "أغنيات الحب والحياة"، "بيان هام"، "كلام على سفر"، "نوارة"، و"صور من الحياة والسجن" وغيرها.

رحل فؤاد نجم عن عالمنا يوم الثلاثاء الموافق 3 ديسمبر من عام 2013، عن عمر يناهز 84 عامًا بعد حياة قاسية وحافلة بالأحداث التاريخية والأشعار، وتم تشييع جثمانه من مسجد الحسين بمدينة القاهرة.