كنوز ثقافية تتناول قضايا إنسانية عميقة.. رحلة الأدب الروسي من القرون الوسطى للعصر الحديث
يحل اليوم، 6 يونيو، ذكرى اليوم العالمي للغة الروسية، ويعد الأدب الروسي، أعظم ما جادت به اللغة الروسية في شتى عصورها منذ القرون الوسطي إلى العصر الحديث.
يعتبر "الأدب الروسي"، واحدًا من أهم الأدبيات في العالم، فهو يمتد بتاريخه في التاريخ الإنساني، وتناول العديد من الأساليب والمواضيع الأدبية، فتميز بتناول العديد من القضايا الإنسانية والسياسية، فضلا عن المواضيع السياسية، فقد أثر بشكل كبير على الأدب العالمي.
جذور الأدب الروسي
ويعود تاريخ الأدب الروسي إلى القرون الوسطى، حيث بدأت الكتابة في العصور الكييفية، وهي تطلق على الدولة السلافية، والتي نشأت في القرنين التاسع والعاشر الميلادي، وفي تلك الفترة اشتهرت الكتابة الأدبية من نواحي محددة، وهي النصوص الدينية، والملاحم والأشعار الشعبية والتي كانت منتشرة بين الناس.
الأدب الروسي في القرون الوسطى
كتبت الأعمال الأدبية في القرون الوسطى، باللغات السلافية وهي كانت اللغات الرسمية في حينها، وكانت في الأغلب تكون أعمال دينية، وذلك للتثقيف الديني، وأما أن تكون أعمالا ملحمية، مثل "حكاية حملة إيغور"، وهي قصيدة ملحمية تصف حملة فاشلة للأمير إيغور سفياتوسلافيتش ضد قبيلة البولوفتسي.
العصر الذهبي للأدب الروسي
يعتبر القرن التاسع عشر، هو أحد أهم القرن في تاريخ الأدب الروسي، فقد كان قرنا تميز بظهور العديد من الكتاب العظام اللذين آثروا في تاريخ الأدب الروسي الحديث، وتاريخ الأدب العالمي، ومن أهمهم: ألكسندر بوشكين، وهو المؤسس الحقيقي للأدب الروسي في العصر الحديث، ومن أبرز أعماله رواية "يفغيني أونيغين"، التي تعتبر واحدة من أهم الروايات الشعرية في الأدب الروسي.
واشتهر في الأدب الروسي، العديد من الشخصيات الأخرى والتي كانت تمتلك صيتا واسعًا في الأدب الروسي والعالمي، مثل ميخائيل ليرمنتوف، الذي كان شاعرا وروائيا، وعرف بروايته "بطل من هذا الزمان"، التي تعد أول رواية سيكولوجية في الأدب الروسي وتتناول قضايا الفرد والمجتمع.
ويعد فيودور دوستويفسكي، من أعظم الروائيين في التاريخ، وذلك بسبب تعمقه في كافة القضايا التي تشغل المجتمع الروسي والإنساني على حد سواء، مثل القضايا الفلسفية، والسياسية والإجتماعية، بالإضافة إلى القضايا النفسية، فقد قام بدراسة الجانب السيكولوجي للإنسان وراح يقدمه في هيئة روائية وبصيغة مبسطة، واشتهرت التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر: "الجريمة والعقاب"، و"الأخوة كارامازوف"، و"الأبله".
واشتهر روائي آخر من المتميزين في الأدب الروسي والعالمي، وهو "ليو تولستوي"، والذي تناول تولستوي في أعماله قضايا اجتماعية وسياسية ودينية، وغالبًا ما كانت رواياته تتسم بالطابع الملحمي، ومن أشهر أعماله الأدبية، "الحرب والسلام" و"آنا كارنينا".
الأدب الروسي في القرن العشرين
شهد الأدب الروسي أكبر التحولات في هيكله بعد الثورة البلشفية عام 1917م، ففي الحقبة السوفييتية، فقد أجبر العديد من الأدباء للامتثال الرسمي للسياسيات التي تتبعها الدولة، مما ترتب عليه تحجيم الأدب الروسي، المعروف عنه ثقله في تناول كافة الموضوعات بحرية، ورغم ذلك دافع الأدباء الروس عن إبداعهم وأظهر العديد منهم أعمالا ذات قيمة فنية عالمية.
واشتهر في تلك الحقبة العديد من الأدباء والذي منهم: ماكسيم غوركي، الذي كان واحدا من أبرز كتاب هذه الفترة، والذي يعد رائدا للأدب الاشتراكي الواقعي، ومن أهم أعماله "الأم"، و الكاتب بوريس باسترناك، الذي يعد من أهم الأدباء الروس في القرن العشرين، وفاز بجائزة نوبل للآداب عام 1958 عن روايته الشهيرة "دكتور زيفاجو"، التي تروي قصة حياة طبيب وشاعر خلال الثورة الروسية والحرب الأهلية.
واشتهر على الجانب الآخر، ألكسندر سولجنيتسين، والذي بالإضافة إلى كونه كاتبا بارعا، كان معارضا سياسيا شرسا، واشتهر برواياته التي تناولت الحياة في معسكرات الاعتقال السوفييتية، ومن أبرز أعماله "أرخبيل الغولاغ" و"يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش".
وفي الوقت المعاصر، يواصل الأدب الروسي تطوره مع ظهور كتاب جدد يعبرون عن التحديات والمشاكل المعاصرة، ومن بينهم: فلاديمير سوروكين، وهو واحد من أبرز الكتاب المعاصرين، وعرف بأعماله الإستفزازية والمثيرة للجدل، من أشهر رواياته "اليوم الأول من شهر أوبيريوم" و"سكر".
واشتهرت لودميلا أوليتسكايا، هي كاتبة روسية معروفة بأعمالها التي تتناول القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية، ممن أبرز أعمالها "سونيشكا" و"بيت الحزينة".
وفي الأخير، يعتبر الأدب الروسي كنزا ثقافيًا يمتد عبر العصور، حيث قدم للعالم العديد من الأعمال الأدبية التي تناقش قضايا إنسانية عميقة، فمن خلال استكشاف تاريخ الأدب الروسي وأبرز رواده، يمكننا فهم التطور الثقافي والفكري لهذا البلد العظيم والتعرف على الثروة الأدبية التي أثرت بشكل كبير على الأدب العالمي.