رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


إبداعات الهلال| «أين اختفى خروف العيد؟!».. قصة قصيرة للأطفال لـ صابرين عاشور

16-6-2024 | 15:56


صابرين عاشور

دار الهلال

تنشر بوابة دار الهلال، ضمن باب "إبداعات" قصة قصيرة للأطفال بعنوان " أين اختفى خروف العيد؟!" للكاتبة صابرين عاشور، وذلك إيمانا من مؤسسة الهلال العريقة بقيمة الأدب والثقافة ولدعم المواهب الأدبية الشابة وفتح نافذة حرة أمامهم لنشر إبداعاتهم.

قصة أين اختفى خروف العيد؟!

-1-

تتلصص أذنيه على صوته الذي اعتاده منذ أن قاموا بشرائه منذ شهرين، فلم يجده؛ فقام إلى أبيه متسائلًا:

- أبي.. هل تنام الخرفان؟!

فلاحقه مبتسمًا:

- كل شيء حي خلقه الله ينام يا أحمد.

فاطمئن واستاذن والديه أن يهبط إلى الأسفل؛ ليلقي نظرة على خروفه ليقوم بإيقاظه، ووضع الماء والطعام له لتسمينه؛ ليتمكنوا من الأضحية لاقتراب عيد الأضحى المبارك.

ينزل السلم وهو يتراقص على درجاته، وهو يردد تكبيرات العيد:

"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك.. إن الحمد والنعمة لك والملك"

يتوقف وينادي على خروفه؛ الذي أسماه "سعيد"، فلم يأتِ، فنظر يمينًا ويسارًا،

ولا أثر؛ فصرخ، التفَّ الجميع حوله ليروا ما أصابه، فقال باكيًا:

- هرب سعيد خوفًا من اقتراب العيد.

فاحتضنته أمه، قائلة:

- إن الحيوانات لا تعي شيئًا، ومن الأساس خلقها الله لنستفيد من لحومها وشحومها.

لم يهتم لما قالته، وأضاف وهو يزداد بكاء:

- إذا إلى أين ذهب؟!

فاقترب أبوه ليطمئنه:

- من الممكن أننا لم نربط وثاقه جيدًا وخرج من الباب الخلفي دون أن نراه.

ثلاثة أيام متتالية يبحثون دون أثر له..

كل فرد من أفراد الأسرة يبحث، يدلي بأوصافه الفريدة التي ميزه بها "أحمد" قبل اختفائه؛ صبغ جزءًا من فروته، حفر فوقها اسمه الذي أطلقه عليه.

ملأ الشوارع بصورته، يسأل المارة تارة، وأخرى يبكي ويعود إلى منزله يائسًا، فيجد ملامح الحزن ترتسم فوق الوجوه، والده الشارد يتذكر الشهور الماضية وهو يقلل من مصروفه والتزاماته الخاصه ليجلبه ويضحي به تقربًا إلى الله وليسعد أبناءه.

والأم التي حلمت بالمرق الدسم من مالهم الخاص.

و"أحمد" الذي فقد صديقه؛ الجميع في حالة حداد، إلا "زياد" - الابن الأكبر -، الذي لم يكلف نفسه السؤال، حتى إنه رفض تلبية نداء أبيه في البحث معهم.

 -2-

وفي الصباح.. رفض "أحمد" تناول الطعام، فرآه أخوه، وحاول أن يجلب له بعض الأطعمة والألعاب التي يحبها، ولكنه أصر على موقفه حتى عودة "سعيد"، فلاحظ الأب حزن "زياد" على أخيه للمرة الأولى منذ اختفاء الخروف...

فقال الأب: لقد قمت بشراء الخروف لكي نتقرب الي الله.

وأكمل:

- وكنت أنوي بعد صلاة العيد أن تقوم أنت - ولأنك ولدي الكبير - بتوزيع اللحوم على المحتاجين.

دمعت عيناه؛ فهرول "أحمد" إليه يحتضنه، واستكمل حديثه المخلوط بالبكاء:

- لقد قمت بإخفائه؛ لأنني حسبت أنك تحب أخي أكثر مني، وأنك جلبته لأجله فقط.

 

قام الأب متوجهًا إليه:

- علمت؛ فقد أخبرني جارنا أنه رآك تأخذه وتركته أمام إحدى محال الجزارة، وذهبنا إليه وتفهم الموقف وتركناه لحين اقتراب العيد.

قفز "أحمد" من مكانه غير مهتم بما دار بينهما، فما يهمه أن خروفه قد عاد.

وقف "زياد" منكس الرأس لا يجد ما يقول، فكسر أبوه الصمت، قائلًا:

- أحبكما بمثل المقدار ولا فرق بينكما داخلي.

اقترب منه يعتذر عن ما بدر منه من سوء فهم وسلوك، فقال والده:

- ستعاقب على ما فعلته، وستختار أنت عقابك.

اندهش، وفتح فاهه على آخره:

- أبي.. كيف أختار عقابي؟!

لم يهتم أبوه لسؤاله، وظل صامتًا، وحينها دخل "أحمد" يحتضن أخاه، قائلًا:

- عقابك أن تصطحبني معك وأنت توزع اللحوم على المحتاجين والفقراء.

رفع نظاراته بطرف إصبعيه:

- أعتقد أن هذا أشد عقاب.

واختلطت ضحكته معهم.

وفي الصباح.. ذهب الجميع ليجلبوا الخروف إلى البيت مرة أخرى، يجذبه "زياد" بحب تلك المرة، وهبط إلى الأسفل حيث كان من قبل، ووضع أمامه الطعام والماء، ووقف يربت على فروته ناصعة البياض، ووقف يتحدث معه:

- أتمنى أن يسامحني الله، وأن يتقبل منا، وأن يسامحني أبي وشقيقي على فعلتي.

 

فهبط الأب والأم وأحمد بجواره، قائلين:

- سامحناك أكيد.

فرفع الخروف رأسه إلى الأعلى..

(مااااء ماااء)

فضحك "أحمد"، قائلًا:

- انظر.. حتى سعيد أيضًا سامحك.