تحتوي المنارات الإسلامية على العديد من المعاني ذات المغزى العميق، فتصميمها وزخارفها فضلا عن كتاباتها المتنوعة تشير إلى نور الإسلام ومنبعه وتعاليمه الرئيسية التي يرتكزعليها، فاحتوت المآذن في شتى بقاع العالم الإسلامية على مجموع ما توصل إليه المسلمون سواء في الجانب المعماري والهيكلي، والجوانب الفنية والزخرفية.

اشتهرت مآذن سوريا في القرون الأولى للإسلام بشكلها المكعب والمأخوذ من الأبراج الكنسية القديمة والذي اشتهر في العالم الإسلامي بعد ذلك وحذت العديد من المآذن حذوها، وانتقل شكل المآذن المربعة إلى أوروبا تحديدا في إنجلترا، فنشاهد العديد من الأبراج هناك تأخذ التصميم العام للمنارات الإسلامية والمسيحية في سوريا ومن أشهرها برج السير كريستوفر رين الذي بني عام 1671م.

واشتهر برج ساحة بيازا دوكالي في إيطاليا بوجود تشابه بينه وبين مأذنة الجامع الأموي بشكل كبير، إذ تميز كلاهما بالبدن المكعب والقبة البصلية في نهاية كلاهما، فضلا عن الممر ذو الأعمدة المطل على الساحة، حيث يبرز البرجين ارتباطا بصريا وإنشائيا مماثلا.

ونتيجة لتأثير تجارة المسلمين في شمال إفريقيا مع القارة الأوروبية، انتقلت العديد من التأثيرات المعمارية إلى أبراج الكنائس الأوروبية في العصر الرومانيسكي والقوطي، ونذكر منها على سبيل المثال: أبراج كنيسة القديس أبونديو بإيطاليا، وأبراج كنائس القديس إيتيني بفرنسا، وأبراج كنيسة القديس إدموند بإنجلترا.

تأثرت هذه الأبراج بالعناصر المعمارية الإسلامية والتي شيدت في برج قلعة بني حماد والذي شيد عام 1007م، في الجزائر، وهو لغرضين: إعلان الصلاة والمراقبة للحدود الشرقية، وتميز ذلك البرج بأنه ذو عقود متنوعة، سواء كانت عقود ثلاثية أو نصف دائرية ومتعددة الفصوص، فضلا عن تأثير مآذن الجيوشي بالقاهرة في الأبراج المربعة في كنائس إنجلترا وإيطاليا.

عرفت الأبراج في أوروبا في العصور الرومانسيكية ولكن لم تكن منتشرة كثيرا كالعصر القوطي، وذكر كتاب "التراث الإسلامي في عالمنا"، في إحدى صفحاته، أنه لم يعرف استخدام الرؤوس المدببة أعلى الأبراج في القارة الأوروبية إلا بعد بناءه أعلى المآذن الإسلامية.

لم تحظى أبراج الكنائس أو الساحات في أوروبا بأي تصميم مدبب ألا بعد مرور 1200، وكان أولها برج كاتدرائية القديس بول بلندن عام 1221، وتتابع بعدها بناء العديد من الأبراج في أوروبا على نفس التصميم المربع والذي يتنتهي بالشكل المدبب خاصة بالعصر القوطي.