11 عاما على ثورة 30 يونيو .. مصر تحقق طفرة في قطاع الموارد المائية
يعاني قطاع المياه في مصر من العديد من التحديات، حيث يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى ١١٤ مليار متر مكعب سنويًا من المياه، في حين تقدر موارد مصر المائية بحوالي ٦٠ مليار متر مكعب سنويًا، معظمها من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري.
وتلجأ مصر إلى تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويا من المياه.
ولذلك، أقامت مصر على مدى السنوات الماضية العديد من المشروعات القومية الكبرى التى تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد منها، ومن ذلك المشروع المشروع القومى لتأهيل الترع، الذي يساهم في توفير نحو 5 مليارات متر مكعب من المياه التي كانت تهدر.
وأثمرت أعمال التأهيل بمكاسب عديدة مثل تحديث شبكة الترع التي كانت تعاني من مشاكل عديدة في السنوات السابقة، واستعادة القطاع التصميمي للترعة، وتحقيق عدالة توزيع المياه بين المزارعين وحصول جميع المنتفعين على حصتهم من المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع خاصة فى فترة أقصى الاحتياجات، فضلًا عن العديد من المنافع الأخرى.
وحتى الآن، تم الإنتهاء من تأهيل ٧٦٠٠ كيلومتر من الترع وجارى العمل في ٢٥٠٠ كيلومتر، مع وضع الوزارة دليل إرشادي لتأهيل الترع، ودراسة سبل استخدام مواد صديقة للبيئة في أعمال التأهيل.
وتأتي المشروعات التي نفذتها الدولة في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج كواحدة من المشروعات القومية في إطار إستراتيجية الدولة لترشيد استخدام المياه، مثل محطة "بحر البقر" التي أنشئت بغرض معالجة ملوحة مياه الصرف الزراعي، ومنع تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية، وتحسين البيئة في شرق الدلتا.
كذلك تعمل الدولة المصرية على التوسع في استخدام المياه الجوفية؛ وذلك باتباع بعض السياسات التي تساعد على استغلال الخزانات الجوفية وحمايتها من التدهور كفًا ونوعًا، بالإضافة إلى تعظيم الإستفادة من مياه الأمطار والسيول وتعزيز سبل الحماية؛ والتي تتركز في مصر على سلاسل جبال البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء والساحل الشمالي خاصة الساحل الشمالي الغربي.
اتصالًا، وضعت الدولة استراتيجية حتى عام ٢٠٥٠، بهدف تحقيق الأمن المائي لمصر من خلال تحقيق إدارة مستدامة للموارد المائية.
وتعتمد الإستراتيجية على تنمية وإدارة الموارد المائية المحدودة من جانب، وإدارة الاحتياجات المائية الحالية والمستقبلية من جانب آخر، وترتكز الاستراتيجية على ضرورة تعزيز التعاون مع دول حوض النيل؛ ودعم وترسيخ العلاقة التاريخية بين مصر وتلك الدول، وتشجيع وجود الشركات والمستثمرين والقطاع الخاص المصري.
إنجازات في مشاريع المياه
وفي هذا الصعيد، نفذت مصر أعمال تطوير لمنظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالى بأحدث التقنيات وبخبرات مصرية وبإستثمارات تتجاوز ١.٥٠ مليار جنيه خلال الأعوام العشرة الماضية، فضلًا عن تنفيذ أعمال لتطوير وإحلال وتجديد البنية التحتية لمنشآت الري الكبرى بإستثمارات ١٢.٢٠ مليار جنيه من أبرزها إنشاء قناطر أسيوط الجديدة بتكلفة ٦.٥٠ مليار جنيه، وإنشاء مجموعة قناطر ديروط الجارى تنفيذها حاليا بتكلفة ١.٢٠ مليار جنيه.
كما تم حصر كافة المنشآت المائية بالجمهورية بإجمالى ٤٧ ألف منشأ وتصنيفها طبقًا لحالتها والعمل على وضع كود لكل منشأ، حيث صدرت التوجيهات الرئاسية بتوفير مبلغ ١٠ مليار جنيه للبدء الفوري بصيانة، وإحلال وتجديد المنشآت الخطيرة جداً والخطيرة.
كذلك، جرى تنفيذ مشروعات بتكلفة إجمالية ٦.٤٠ مليار جنية فى مجال تأهيل محطات الرفع؛ لحسم مشاكل الرى فى بعض النقاط الساخنة مثل محطات وادي النقرة بكوم أمبو بأسوان، وإنشاء وإحلال وتجديد عدد ٤٥ محطة لخدمة زمامات ١.٧٠ مليون فدان، وتدعيم مراكز الطوارئ بمعدات ومهمات للتدخل السريع وقت الأزمات والسيول والأمطار، وتأهيل وتوفير المهمات الكهروميكانيكية لرفع كفاءة المحطات، وتوفير قطع غيار محلية من المصانع الوطنية لإنهاء العمرات بالمحطات، وتنفيذ ٤ محطات بتمويل من صندوق تحيا مصر لمجابهة أزمة السيول والأمطار بغرب الدلتا.
المياه وقضايا المناخ
وقد حققت مصر نجاحات بارزة في هذا الصدد عبر مسار طويل من الفعاليات واللقاءات والدولية، مثل أسابيع القاهرة للمياه التي تُعقد سنويًا تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى النجاحات التي تحققت بمؤتمر COP27 من إدراج المياه في القرار الجامع للمؤتمر وهى المرة الأولى التي يتم فيها ذكر كلمة المياه في تاريخ مؤتمرات المناخ، بالإضافة لإنشاء صندوق الخسائر والأضرار، هذه المجهودات التي إستمرت خلال فعاليات COP28.
وتسعى الدولة من خلال مشروع "تعزيز التكيف مع تغير المناخ فى الساحل الشمالي ودلتا النيل في مصر" والممول من "صندوق المناخ الأخضر" إلى حماية المناطق الساحلية المنخفضة بشمال دلتا النيل والمعرضة للغرق والغمر بالمياه المالحة؛ بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية الشديدة، وذلك بتنفيذ مشروعات حماية بطول ٦٩ كيلومترًا في خمس محافظات ساحلية هي: بورسعيد، دمياط، الدقهلية، كفر الشيخ، والبحيرة باستخدام تقنيات منخفضة التكلفة من البيئة المحيطة بمنطقة المشروع لإنشاء خطوط طولية لمصدات الرمال المستخدمة في أعمال الحماية والتي تم إعدادها بمشاركة المجتمع المحلي، وهو الأمر الذي ينعكس على استدامة هذا المشروع.
كما يهدف المشروع لإقامة محطات رصد على البحر المتوسط لمتابعة التغيرات في الأمواج والرياح ومنسوب سطح البحر نتيجة التغيرات المناخية، وكذلك وضع خطة إدارة متكاملة للمناطق الساحلية على طول السواحل الشمالية لمصر على البحر المتوسط، للحفاظ على الاستثمارات والثروات الطبيعية بالمناطق الساحلية.