رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عبرت عن فهم المصريين القدماء للكون.. أسطورة خلق العالم

3-7-2024 | 09:52


أسطورة الخلق

إسلام علي

تنوعت أساطير خلق العالم في الحضارة المصرية القديمة حسب المناطق والعصور المختلفة، لكن من أبرزها وأكثرها شهرة وتأثيرا هي أسطورة الخلق في مدينة هليوبوليس، دمج المصريون القدماء في هذه الأسطورة العديد من المفاهيم الفلسفية والدينية، بالإضافة إلى رؤى علمية متنوعة، مما يجعلها موضوعا غنيًا للنقاش والتحليل في مختلف المجالات.

وتبدأ هذه الأسطورة بالاله أتوم أو كما يسمى "رع أتوم" الذي يعتقد أنه خلق نفسه بنفسه عن طريق المياة الفوضوية "نون"، فكان آتوم يجلس على تلة بدائية مدببة الرأس، وكانت هي أول تلة تظهر من قلب المياة الفوضوية، فرمز المصريون القدماء لهذه المياة بالجانب الأنثوي، والتلة بالجانب الذكوري.

فنشأت الحياة عن طريق هذه العنصرين البدائيين وهما "العنصر المذكر والعنصر المؤنث"، بدأ أتوم بخلق جميع الآلهه الأخرى، فخلق أولا شو وهو إله الهواء، ثم تفنوت وهو إلهه الرطوبة، وبعدها خلق كلا من إله الأرض "جيب" وإلهه السماء "نوت" وكان جيب ونوت في البداية متحدين، لكن شو فصل بينهما، فرفع نوت لتكون السماء وجعل جيب لتكون الأرض.

وأنجب نوت وجيب، أربعة آلهه رئيسية، وهم أوزوريس، إيزيس، ست، ونفتيس، هؤلاء الآلهة يمثلون القوى الأساسية في الكون وكان لهم أدوار هامة في الأساطير المصرية القديمة، أخذ أوزوريس دوره كحاكم للإله العالم السفلي وحاكم الموتى بعد أن قتله أخاه، و إيزيس كانت إلهة السحر والخصوبة وحامية الأطفال، ولعبت دورا كبيرا في إحياء أوزوريس بعد مقتله.

كما أوضحت أسطورة خلق العالم العديد من الأفكار الفلسفية والرمزية التي كانت تتبلور حولها تلك الأسطورة والتي توضح ما توصل إليه المصريون القدماء عن الكون، ففكرة الخلق من المياه الفوضوية الأولى إلى النظام، تمثل تحول الكون من الفوضى الكلية إلى النظام، وذلك يعكس الأعتقاد الفلسفي لدى المصريين القدماء، أن الحياة والكون يحتاجان إلى تنظيم ونظام لتحقيق التوازن.

ويظهر هذا في كيفية فهم المصريين لأهمية القوانين والنظام الاجتماعي لضمان استقرار المجتمع، وخلق الإله أتوم لنفسه من العدم يرمز إلى قدرة الإله على الإبداع الذاتي، وهو مبدأ يتوافق مع فكرة الإبداع المستمر والتجديد.

وذكرت الأسطورة أن أتوم قد خلق أربعة آلهه من العدم وهم: إله الهواء وإلهة الرطوبة وأزواجهما جيب ونوت، وذلك لأجل التعبير عن  مبدأ الثنائية والتكامل، فكل عنصر يعتمد على الآخر لتحقيق التوازن، ووذلك من الناحية الكونية والفيزيائية.

ويمكن تطبيق هذا المبدأ الرباعي على الناحية الاجتماعية عند المصريين القدماء، ففي الفلسفة المصرية كان للرجل والمرأة أهمية في الأدوار المختلفة لتحقيق المجتمع المثالي.

وبدأ بعدها الألهه الأربعة في خلق أوزوريس وست وإيزيس، فضلا عن الصراع الدائم بين بين أوزوريس وست، والذي يمثل صراع الخير والشر، والحياة والموت، وهذا الصراع والتوازن بين القوى المتضادة يعكس مفهوم التوازن الكوني.

وظهر أيضا في هذه الأسطورة، فكرة الوحدة في التنوع، فخلقت الآلهة المتعددة من إله واحد وهو آتوم، والذي يعبر عن الوحدة الأساسية في التنوع الإلهي والكوني، ويعكس هذا الفلسفة المصرية حول الترابط بين الكائنات والأحداث في الكون.