رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أدباء نوبل| النرويجي «كنوت همسون» صاحب «الجوع» إحدى أشهر روايات القرن العشرين

5-7-2024 | 01:40


كنوت همسون

همت مصطفى

تعد جائزة «نوبل»، أشهر جائزة عالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب من الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

 

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

 ونلتقي اليوم مع  الأديب النرويجي  «كنوت همسون»

ولد «كنوت همسون» في  4 أغسطس 1859 م، بالنرويج، واشتهر بروايته «الجوع»  في القرن العشرين،  والتي لا تزال  تعتبر من الروائع الأدبية في القرن المذكور.

 

طفولة قاسية 

 

انتمى «همسون» إلى عائلة ريفية فقيرة، وعاش طفولة قاسية في رعاية عمه الذي كان ينتمي إلى «الحركة التقوية » وهي حركة دينية نشأت في ألمانيا في القرن السابع عشر وأكدت على دراسة الكتاب المقدس وعلى الخبرة الدينية الشخصية – المنهل.

 

ومارس «همسون» العديد من المهن بعيدا عن الأدب والكتابة، لكسب قوته، سافر إلى بلاده بسبب المرض الذي أصابه في غربته، و بعد شفائه سافر من جديد إلى الولايات المتحدة الأمريكية،  سمحت له هذه الإقامة الثانية بالتعرّف على الحياة الأمريكية في جميع جوانبها، مما دفعه إلى إصدار عام 1889م  كتابا حمل عنوان «الحياة الثقافية في أمريكا الحديثة» ثم نشر في السنة التالية «1890م» مقالا بعنوان: «الحياة اللاواعية للروح» و هاجم بحدة «المادية الأمريكية الصاخبة».

 

ألقى «همسون» في بلاده العديد من المحاضرات في العاصمة أوسلو، وفي المدن النرويجية الأخرى حول نفس الموضوع معتبرا «المادية الأمريكية» ضدّ الإنسان وضدّ الطبيعة وأن الديمقراطية في بلاد «العم سام/ أمريكا» مزيّفة، وفي محاضرته هاجم كنوت همسون الكاتب النرويجي الكبير ابسن، مندّدا ب «أخلاقيته العرجاء».

 

وكان «همسون»  يؤمن بأن البشر درجات، وأنهم ليسوا متساوين في الذكاء، لذا كان يقول بأنه ينتمي إلى ما كان يسميه ب « أرستقراطية الحس والذكاء» وفي كتاباته حاول الدفاع عن أفكاره،  و جاءت لغته موسيقية، متدفقة وقادرة على أن تلتقط حتى التفاصيل الدقيقة.

 

 أصدر «همسون» في عام 1890م، روايته «الجوع» التي حققت له شهرة عالمية واسعة،  وفي هذه الرواية يدين «الحضارة المادية» وجميع مظاهرها التي ييراها أنها «لوثت الحياة الإنسانية» وجعلتها «غير محتملة»، وهذا ما فعله أيضا في  غالبية  الروايات التي أصدرها خلال مسيرته الإبداعية الطويلة.

 

حاز «همسون» على جائزة نوبل للآداب عام 1920 ،وجاء في تقرير الجنة التي اختارته  للجائزة «لعمله الضخم، نمو التربة».

 

 رؤية «همسون» للحياة ..  وأصالته الريفية

 

أوضح الناقد والمفكر النرويجي النرويجي « انغار سلاتن كولو»  في كتابه: «كنوت همسون، الحالم والغازي»  جوانب جديدة لأدب «همسون»  .. حيث كتب:  في حياة صاحب رائعة «الجوع» ويشير إلى أن بعض أفراد عائلة هذا الكاتب كانوا مصابين بالعفة والجنون. كما يشير إلى أن السنوات القاسية التي عاشها في طفولته وفي سنوات مراهقته وشبابه، تركت في نفسه جروحا لم تبرأ حتى عندما تقدمت به السن، وحصل على شهرة عالمية كبيرة،  وكان شديد الإعجاب بنيتشه وأيضا بالكاتب السويدي ستراندبارغ.

 

وفي رواية «فيكتوريا» كتب عن الحب حيث يقول: «ولكن ما هو الحب بالضبط؟ هل هو ريح تداعب شجرة الورد؟ لا إنه شلة تسيل في عروقنا وهو موسيقا جهنمية ترقص حتى قلوب الشيوخ وهم على حافة القبر!».

 

كما كتب «اسلاتن كولو» مؤكدا:  إن «همسون» كان فخورا بجذوره الريفية، وكان يتباهى بها أمام الجميع، بل انه حاول في جميع ما كتب أن يبتكر ما كان يسميه ب «الرومانسية الزراعية» المضادة لصخب المدينة الحديثة وللحضارة المادية، وعندما صعد النازيون إلى السلطة في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، راح كنوت همسون يحثهم على ضرورة حماية النرويج من «الخطر البريطاني» وحين اندلعت الحرب الكونية الثانية.

 

وبعد نهاية الحرب الكونية الثانية/ العالمية «1 سبتمبر 1939- 2 سبتمبر 1945»، حوكم  أديب نوبل النرويجي وأودع مصحة الأمراض العقلية، وهناك كتب نصًا للدفاع عن نفسه وعن أفكاره حمل عنوان: «على الدروب حيث ينبت العشب».

 

مرض وآلام ورحيل 

 

 أصيب  كنوت همسون أكثر من مرة بنوبة عصبية حادة، وفي أواخر حياته اشتدت عليه هذه النوبات حتى لم يعد يعي ما يقول وما يفعل، وفي السنوات الأخيرة من حياته، عاش «همسون» العزلة، وكان أهل بلاده يتعاملون معه كما لو أنه «خائن للوطن». أما الروايات التي ألفّها فلا تزال إلى حد هذه الساعة تفتن الملايين من القراء في جميع أنحاء العالم ورحل عن عالمنا  في 19 فبراير 1952 م. 

 

«كنوت همسون» وأسرته

=