«الدمار» للتشيكي ستانيسلاف بيلر تسلط الضوء على العلاقات الاجتماعية والأسرية في الريف
تقع أحداث رواية "الدمار" للكاتب التشيكي الشاب ستانيسلاف بيلر، في قرية من أقصى الريف التشيكي الذي يتميّز بطبيعةٍ خلَّابة تَسلب الألباب، وتدور حول علاقة المُعلّم، بطل الرواية، بهذه القرية وشكل العلاقات الاجتماعية والأُسَرية في الريف ومدى تأثّرها بالثورة الصناعية والتطوُّر التقني، وهل سيجد المعلِّم التَّرحابَ الكافي في القرية ليقوم بدَوْره الـمَـنُـوط به كما كان يتوقَّع.
وتضئ الرواية التي نقلها للعربية المترجم المصري د.عمرو شطوري، وأصدرها مركز أبوظبي للغة العربية، ضمن مشروع "كلمة" حول رحلة المعلّم الذي ذهب إلى الريف ليعمل مدرّساً لكنه لم يجد فيه الهدوء المنشود الذي لطالما بحث عنه في المدينة، بل وجد الفوضى، وبدلاً من الحياة وجد الموت، فالطبيعة في الريف أصابها الدمار وجفّت الآبار وذبلت الغابات ومات الزرع في الحقول، ويرجع كل هذا إلى وجود مصنع في المنطقة، مما سبب دمارها.
كان الناس يرون الحقيقة بارزة أمامهم، لكنهم يخشون أن يفقدوا الوظائف والمميّزات التي يقدّمها لهم هذا المصنع، فيتمتمون بكلمات غير مفهومة ويسوقون مبرّرات غير مقنعة لما أصاب القرية من دمار، فصارت شخصيات الرواية تُكرّر عبارات لا معنى لها وتبدو كأنها روبوتات سيّئة البرمجة، فما المرض الذي تُعانيه هذه الشخصيات؟ يعتقد "المعلّم أن المرض الذي أصاب كل شيء هو أزمة العقلانية، أزمة معنى الأحداث والحياة في حدّ ذاتها، لكن عند وصوله إلى القرية، أصبح كل تصرّف من تصرّفاته منتقدً، وكل حركة من حركاته مراقبة، ما أفقده ثقته بنفسه وجعله يعاني الارتباك والتخبّط وفقدان التوازن، ونرى هذا في الترتيب العشوائي لفصول الرواية، فأرقام الفصول غير مسلسلة، ولكنها عشوائية وغير مرتّبة.
حصلت هذه الرواية على جائزة «ماجنيسيا ليتيرا» الأدبية المرموقة لعام 2022، التي تمنحها جمعية الأدب التشيكي كل عام لأفضل عمل أدبي.
وولد الكاتب ستانيسلاف بيلر عام 1982 في التشيك، وهو صحفي ومتخصّص في علم الاجتماع بحكم دراسته، درس علم الاجتماع والعلاقـات الدوليـة والدراسـات الأوروبية في كلية الدراسات الاجتماعية بجامعة ماساريك في مدينة برنو بجمهورية التشيك، ونُشرت كتاباته في الكثير من وسائل الإعلام، وعمل في التلفزيون التشيكي كاتباً دراميّاً، وشارك في تأسيس حركة «تحيا برنو» الساخرة ،كما شارك في وضع الدليل الطبوغرافي لمدينة برنو بعنوان «هذه هي برنو»، ومن مؤلَّفاته: روايتـه الأولـى «المرشـح الأفضل» عام 2017، و«111 مكاناً تجب زيارته في برنو» عام 2020، وفاز في عام 2023 بجائزة الصحافة من "مؤسسة المجتمع المنفتح" (OSF ) لأفضل مقال صحفي لعام 2022.
أما الدكتور عمرو أحمد شطوري، فأستاذ اللغة التشيكية ورئيس قسمها بكلية الألسن في جامعة عين شمس، حصل على الدكتوراه من كلية الآداب فـي جامعة شارلز بجمهورية التشيك عام 1999، ولـه الكثير مـن الترجمات مـن الأدب التشيكي إلـى اللغـة العربيـة، مـن أبـرزها رواية «الخلود» ومسرحية «أصحاب المفاتيح» لميلان كونديرا، وروايتا «حُفظت القضية» و«مستوطنة الأناركية» لباتريك أورشـيدنيك، وروايـة «معسكرات الشيطان» لياخيـم توبـول، وروايـة «عـام الديك» لتيريزا بوتشكوفا، ورواية «جرائم براج» لميلوش أوربان، و«القضية لم تنتهِ بعد» لميخال سيكورا، وغيرها.