المفاوضات مستمرة .. هل اقتربت الجهود المصرية من الوصول لهدنة في غزة؟
جولة جديدة من المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار في غزة والوصول إلى اتفاق بشأن الرهائن، ومحاولات تقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحركة حماس، بشأن وقف العدوان المستمر منذ نحو 9 أشهر على القطاع، الذي بات مدمرا ويعاني أهله من ويلات الجوع والحصار والقتل جراء العدوان الإسرائيلي.
تنطلق المفاوضات اليوم، في الدوحة، بمشاركة مصر والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، بهدف وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن في غزة، حيث يشارك في المفاوضات باجتماع الدوحة رئيس الاستخبارات المصري ونظيره الأمريكي، فيما ستستأنف المفاوضات في جولة ثانية غدا الخميس في القاهرة.
وأكد مصدر رفيع المستوى، في تصريحات نقلتها قناة القاهرة الإخبارية، إن هناك اتفاقًا حول الكثير من النقاط واستئناف المفاوضات اليوم بالدوحة وغدا القاهرة، مضيفًا أن مصر أكدت مواقفها الثابتة حول ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
ووفقا لما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، فإن هناك تقدمًا كبيرًا في المفاوضات التي جرت بالقاهرة خلال اليومين الماضيين بشأن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإتمام صفقة لتبادل المحتجزين والأسرى.
موقف مصر الثابت
وعلى مدار الأشهر الماضية، كثفت مصر من جهودها لرعاية المفاوضات بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية، بما يهدف إلى تقريب وجهات النظر ووقف إطلاق النار في غزة، وهو الموقف الذي أكده الرئيس السيسي، مرار وتكرارا، وكان آخرها خلال لقائه أمس بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، الذي زار القاهرة، وعقد جلسة مباحثات مع الرئيس السيسي.
وناقش اللقاء آخر مستجدات الجهود المشتركة للتوصل لاتفاق للتهدئة ووقف إطلاق النار بقطاع غزة"، إضافة إلى الأوضاع الإقليمية المحيطة، وجدد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت ضد العمليات العسكرية المستمرة في غزة، وشدد على مسؤولية المجتمع الدولي لإنهاء الصراع.
كما أكد الرئيس مجددًا أهمية أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته لإنهاء الحرب، وضمان الوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية والإغاثة إلى غزة بكميات مناسبة وكافية للتخفيف من الوضع الإنساني الكارثي الذي يعاني منه الفلسطينيون في القطاع.
مرتكزات لازمة لاتفاق الطرفين
وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مفاوضات الدوحة اليوم، والقاهرة غدا، قد تؤدي إلى اختراق أو حلحلة في العملية التفاوضية بشأن العدوان على غزة، لكن الصعوبة التي تواجهها هي ذات الصعوبة التي تكررت عدة مرات من قبل، وهي العرقلة التي تأتي من الجانب الإسرائيلي، مضيفا أن كل من إسرائيل وحماس لهما مطالبهما، ولا بد من التوفيق بين هذه المطالب.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه لا ينبغي لأحد الطرفين أن يحقق المصلحة الكاملة له والطرف الآخر لا يحقق أي مكاسب، فإسرائيل ما يعنيها في المقام الأول هو الإفراج عن الأسرى والرهائن، والجانب الفلسطيني ما يعنيه الآن هو إيقاف إطلاق النار في غزة، وخروج القوات الاحتلال الإسرائيلية من القطاع، مشيرا إلى أن الفلسطينيين أيضا يعنيهم أن تكون هناك ضمانات لوقف إطلاق النار، وألا تصبح العملية مجرد ايقاف مؤقت لاطلاق النار ويتم إطلاق سراح رهائن، ثم تعود إسرائيل في مرحلة لاحقة إلى اخرى إلى العدوان على القطاع.
وأكد أن مطالب الجانب الفلسطيني مشروعة وهي إيقاف اطلاق النار وضمانه بضمانات دولية، لعدم عودة إسرائيل الى العدوان مرة أخرى على غزة، عقب حصولها على الأسرى المحتجزين في القطاع، مؤكدا أن ملف الأسرى أيضا محل خلاف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، من حيث الكم والكيف، وهي كم أسير فلسطيني سيطلق سراحهم مقابل كم أسير إسرائيلي، وكذلك نوعية الأسرى، لأن الاحتلال يتحفظ على اطلاق سراح بعض الفلسطينيين، الذين لهم دور مهم ومحتجزين لديها منذ عقود.
وأشار إلى أن جولة المفاوضات الحالية في الدوحة أو في القاهرة غدا، يجب أن تجد حلولا لهذه التناقضات، وطمأنة الجانب الفلسطيني أن يكون إيقاف اطلاق النار دائما، وليس مؤقتا أو مرتهنا بإطلاق سراح الاسرى الإسرائيليين، ثم تعود الامور مرة اخرى إلى ما كانت عليه، وكذلك ألا يكون وقف إطلاق النار مرتبط بالعملية التفاوضية التي استمرت عدة أسابيع، ثم تعاود إسرائيل العدوان مرة أخرى.
وشدد على أهمية أيضا إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وخاصة في ظل سياسة التجويع والحصار التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلية وإغلاق المعابر من الجانب الفلسطيني، مؤكدا أنه لكي تنجح أي عملية تفاوضية لابد أن تتحقق مصالح الشعب الفلسطيني المشروعة، وإذا نجحت الوساطة الدولية في حل هذه الفجوات وطمأنة الفلسطينيين وتنفيذ مطالبهم المشروعة وإيقاف أطلاق النار وإدخال المساعدات، وكذلك الالتزام بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، فسيتحقق تقدما إيجابيا في هذا الصدد وأن عملية الهدنة باتت وشيكة، وما دون ذلك سيؤدي لاستمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن.
وعن الموقف المصري، أكد أن مصر تلعب دورا مهما في هذا الأمر، سواء منذ بدء الأزمة من 7 أكتوبر الماضي وحتى الآن، أو على مر تاريخ وتطورات القضية الفلسطينية عبر العقود، مضيفا أن مصر منذ بدء العدوان على غزة بذلت جهودا حثيثة ومكثفة ومؤسسات الدولة المصرية قامت بجهودها بعقد لقاءات مختلفة مع كافة الأطراف المعنية، وكذلك المحافل الدولية ورعاية المفاوضات سواء في القاهرة باستضافة أطراف الأزمة وأطراف إقليمية، أو في خارج مصر.
وأشار إلى أن مصر ظلت تقدمت مقترحات لتقريب وجهات النظر بين الطرفين ولا تزال تبذل كل الجهود بهدف الوصول إلى تحقيق الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة، والعمل على إطلاق عملية سياسية تؤدي لإقامة الدولة الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
قضايا محل خلاف
ومن جانبه، قال اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، إنه لا يمكن الجزم حتى الآن بأي مؤشرات بشأن الوصول لاتفاق تهدئة في غزة، لأن التفاصيل لم يتم الاتفاق عليها بعد، مضيفا أنه يمكن لأي جزء من التفاصيل بين الطرفين أن تعيق إتمام الاتفاق، في ظل مطالب حركة حماس بوضع أسماء المفرج عنهم من المسجونين في السجون الاسرائيلية والتقيد بهذه الأسماء وعدم إلغاء أي اسم منهم، وهو ما يمكن لإسرائيل ألا تقبل به.
وأوضح في تصريح لبوابة" دار الهلال"، أن هناك حالة من الانتظار والترقب لجولة المفاوضات اليوم في الدوحة وغدا في القاهرة، وما ستسفر عنه، والمؤشرات الأولى من تلك المفاوضات، والتي ستكشف ملامح تقدمها، مضيفا أن الموقف المصري في هذا الأمر ثابت، حيث يلعب الدور المصري دورا في الضغط بكل قوة لتحقيق هدنة والوصول لاتفاق يوقف إطلاق النار ويحقق التهدئة في القطاع.
وأضاف أن هذا الموقف انطلاقا من مرتكز أساسي ثابت يركز على الشعب الفلسطيني في المقام الأول، في ظل ما يعانيه من حرمان من المساعدات، والأوضاع الإنسانية المنهارة في القطاع شمالا وجنوبا، مؤكدا أن هدف مصر من أي اتفاق هدنة أو مفاوضات هو حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق ذلك بكل الطرق.
وأضاف أن هناك نحو 10 من القضايا التي قد تكون محل خلاف بين الطرفين في المفاوضات، ومنها رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي عودة الشعب الفلسطيني إلى شمال القطاع، وهو ما يرفضه الفلسطينيون، وكذلك تأكيده على مضيه في الحرب وعدم وقف إطلاق النار ما لم ينهي المهمة المحددة، وهو أمر لن تقبل به حماس التي تؤكد أن وقف إطلاق النار بشكل دائم في القطاع هو الأساس لأي اتفاق هدنة، لذلك فالأمور تحتاج مزيدا من الانتظار لما ستخرج به المفاوضات اليوم وغدا.