ثروت أباظة .. صاحب القلم الذهبي
يُعد من أهم روّاد الرواية العربية في القرن العشرين، وله إسهامات بارزة في إثراء الأدب العربي وتطويره، نال إعجاب وتقدير القراء والنقاد على حدٍ سواء، ويُعتبر من أكثر الكتاب قرأءً في العالم العربي، ظلّت أعماله خالدة حتى يومنا هذا، ولا تزال تُطبع وتُقرأ من قبل الأجيال الجديدة، وقد اشتهر برواياته وقصصه القصيرة التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية، كما أن له مساهمات في الكتابة الصحفية والنقد الأدبي، تتميز كتاباته بأسلوبها السلس وقدرتها على تصوير التغيرات الاجتماعية في مصر، إنه الروائي ثروت أباظة .
ولد ثروت دسوقي أباظة في مثل هذا 15 يوليو من عام 1927 بقرية غزالة بمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، ونشأ في عائلة عريقة قدمت للأدب العربي عمالقة من بينهم والده الأديب دسوقي أباظة وعمه الشاعر عزيز أباظة وعمه الكاتب الكبير فكري أباظة.
حصل على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول عام 1950،عمل في العديد من المناصب الرسمية، من أهمها رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون عام 1975، رئيس اتحاد كتاب مصر.
حصل على العديد من الجوائز، منها: جائزة الدولة التشجيعية عام 1958، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1982.
تميز ثروت أباظة بإنتاجه الأدبي الغزير والمتنوع، حيث كتب أكثر من أربعين تمثيلية إذاعية، وأربعين قصة قصيرة، وسبعة وعشرين رواية طويلة، تنوعت موضوعات رواياته لتشمل مختلف جوانب الحياة المصرية، من السياسية إلى الاجتماعية إلى النفسية.
تميزت أعماله بالدقة الواقعية والعمق النفسي، ولعبت دورًا هامًا في تشكيل الوعي الاجتماعي والثقافي في مصر، وتحولت العديد من رواياته إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية ناجحة، مثل "هارب من الأيام" و"شيء من الخوف" و"بريق في السحاب" و"أحلام في الظهيرة" .
تتجلى فلسفة ثروت أباظة في اهتمامه بالقضايا الاجتماعية والسياسية في المجتمع المصري، حيث عكست كتاباته الواقع المعاصر وتحدياته، كان يؤمن بأهمية النقد الاجتماعي، وركز على التحولات الثقافية والاقتصادية، مُبرزًا التوترات بين التقليد والحداثة.
كما اتسمت أعماله بالعمق النفسي، إذ تناول الشخصيات والمشاعر الإنسانية بطريقة تعكس صراعات الفرد في مواجهة المجتمع، استخدم أسلوبًا واقعيًا وشفافًا، مما ساهم في تناول مواضيع مثل الفقر، الظلم الاجتماعي، وصراع الطبقات.
آمن ثروت أباظة بقوة الإنسان وقدرته على التغيير والتطور، دافع عن حرية الفكر والتعبير، ورفض الظلم والقهر والاستبداد، اعتقد في أهمية التعليم والثقافة في تحسين حياة الناس.
لم يتجاهل ثروت أباظة الجوانب المظلمة في المجتمع، لكنه لم يفقد الأمل في إمكانية تحسينها، سعى ثروت أباظة إلى فهم النفس البشرية ودوافعها، وقدم تحليلات عميقة للسلوك الإنساني.
احتلت قيم الحب والعدالة مكانة بارزة في فلسفة ثروت أباظة، دافع عن الحب بكل أنواعه، من الحب بين الرجل والمرأة إلى الحب بين أفراد العائلة والأصدقاء، نادى بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع الناس.
طرح أباظة العديد من الأسئلة حول معنى الحياة والوجود، بحث عن إجابات لهذه الأسئلة من خلال كتاباته ومواقفه، لم يقدم إجابات جاهزة، بل ترك المجال للقارئ للتفكير والتأمل.
أثرت فلسفة أباظة على العديد من القراء والمثقفين العرب، ساهمت أعماله في تحرير الفكر العربي وتوسيع آفاقه، لا تزال أفكاره حيةً ومؤثرةً حتى يومنا هذا.
رحل ثروت أباظة عن عالمنا في 17 مارس 2002 بعد صراع طويل مع المرض.