رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


شهادة مثقف| صلاح شعير: ازدهار الإبداع مرتبط بنمو العلاقة بين القصة والرواية والدراما

22-7-2024 | 19:03


الكاتب الروائي صلاح شعير

دعاء برعي

ولد الكاتب الروائي د.صلاح شعير في قرية بشتامي محافظة المنوفية، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

يكتب الرواية والمسرح، والسيناريو، وله العديد من المؤلفات في مجال الاقتصاد المحلي والعربي والدولي، إضافة إلى بعض المؤلفات في مجال السياسة والفلكلور، والنقد الأدبي، وكذا الكتابة الصحفية، ويتمتع بعضوية اتحاد كتاب مصر، والجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، والجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع.

 

في شهادته التي يخص بها بوابة دار الهلال يقول شعير: "تبلورت علاقتي بالأدب منذ المرحلة الابتدائية، حيث كنت شغوفًا بالقراءة منذ الصغر، وذلك من خلال بواقي الكتب التي كان يقتنيها جدي منذ أن كان يتعلم في الأزهر الشريف، أو من خلال الاستعارة من مكتبة المدرسة، وخاصة الكتب الأدبية، حيث كانت القراءة من أهم وسائل التواصل الثقافي في هذه الفترة، وتأتي في المرحلة الثانية بعد الإذاعة، كما أن التلفزيون كان قناتين فقط، ينتهي بثه عند الثانية عشرة".

 

وحول دور المدرسة في حياته الثقافية يتابع: "كنت ضمن فريق الإذاعة المدرسية، وهذا منحني فرصة للتواصل مع الزملاء والأساتذة، كما أنني كنت ألقي شعر العامية في طابور الصباح، للتعبير عن المناسبات الوطنية، أو الرياضية، بأشعار جديدة من تأليفي، علاوة على عرض بعض النصوص القصصية والمسرحية على مدرسي اللغة العربية، وكنت أجد تشجيعًا منهم".

 

نقطة التحول في تجربة شعير كانت في المرحلة الثانوية، يقول: "عندما توسعت في الاطلاع، وقرأت عن حال معظم الأدباء والشعراء والفنانين، أحزنني أن حياة الكثير منهم انتهت بالفقر الشديد، أو الحرمان، وهذا دفعني ألا أعول على المنتجات الثقافية كمصدر للدخل، لأنها خيار غير مضمون، وكان الرهان على الالتحاق بأي عمل مناسب بعد التخرج، ثم ممارسة الهواية إلى جانب ذلك، وهذا الخيار كان شديد الصعوبة؛ لأن الإرهاق في العمل يجهد العقل، ويؤثر على مساحة الإبداع، وكان البديل هو تنظيم الوقت، واستغلال أي مساحة من الفراغ في القراءة أو الإبداع، ولكن ميزة هذا الخيار جعلني حرًا فيما أكتب، فلا أستعطف أحدًا، ولا أقف أمام الأبواب أتسول العمل من أي جهة، وهذا منحني ثقة بالنفس انعكست على الإنتاج الثقافي والعلمي، واعتقد أن الكاتب دون ثقة في الذات سيكون صاحب قلم مهزوز، لقد كافأني الله بأن أصبحت كتاباتي العلمية والبحثية مراجع في الجامعات العربية والدولية، وأيضًا انتشرت أعمالي الأدبية خارج الحدود، وهذا التوفيق منحة إلهية تستحق الشكر المستمر".

 

وحول السيناريو يشير إلى أن أهم شيء في السيناريو هو الحصول على الفكرة، ثم ترجمة هذه الفكرة إلى لغة الكاميرا، عبر عملية ميكانيكية تقوم على بناء سلسلة متتابعة من المشاهد والحوارات، وطالما أن الكاتب يمتلك حسًا أدبيًا سيصيغ الفيلم أو المسلسل بسهولة ويسر، ويضيف: "بدأت كتابة السيناريو في 1991، ولكني لاحظت أن أسواق الدراما قد تراجعت، فبعد أن كان المخرج هو سيد الموقف في العصر الذهبي للدراما، انتقلت السيطرة للمنتج، ثم أصبح النجم لاحقًا هو صاحب الصوت الأعلى، وبلغت ذروة هذه المأساة؛ بأن الأمر برمته أصبح خاضعًا للمعلن، وتوجهاته الفكرية، وازدادت سيطرة الشللية عللا هذا المجال، فعلى سبيل المثال عام 1999م، عندما حصلت على موافقة من قطاع الإنتاج بالتلفزيون على إنتاج سهرة بعنوان الشبكة، لم يتم تنفيذها، ولم تكلل المحاولات التي تقدمت بها إلى جهات إنتاج خاصة؛ إلا بالاعتداء عليها، وتنفيذها باسم آخرين، فتوقفت عن كتابة السيناريو".

 

وعن المسرح يؤكد: "على الرغم من أن المسرح في الإنعاش منذ ثلاثة عقود، لكنه عشق من نوع خاص، ووسيلة للتفاعل مع الجمهور، ويمكن من خلاله طرح أفكار عديدة للتنوير، أو بهدف تغير المجتمع نحو الأفضل، كما أنه أصعب أنواع الإبداع، لأن المؤلف يبني الحبكة والحكاية من خلال الحوار في المقام الأول، وهذا هو العامل الأول في نجاح العرض، ثم تأتي بعد ذلك باقي المفردات من تمثيل وإخراج وديكور وموسيقى، وغيرها، لقد طبع لي 15 مسرحية، منها 8 مسرحيات للكبار و6 للأطفال، نفذ لي نص واحد من قبل ثلاث شركات، ونجح العرض جماهيريًا، ونظرًا لأن المنتجين كانوا حديثي العهد بالإنتاج، وقدرتهم المادية محدودة، فالعرض لم يصور، ولا تزال هذه النصوص قابلة للعرض متى وجدت منتجا جادا، خاصة المسرحيات ذات الطابع الكوميدي".

 

وحول بعض إبداعاته الروائية يلفت إلى طباعة 7 روايات له منذ 2011م حتى الآن، هي: العنيدة والذئاب، والظمأ والحنين، وأحلام الملائكة، وكفر الهوى، وتوتة محبوب، وعبيد وأقلام، ورحيق النساء، إضافة إلى رواية "زهرة من حي الغجر" التي هي تحت الطبع.

ويرى أن الرواية لديه عبارة عن تحليل للواقعية الرومانسية، حيث لاحظ من خلال القراءات المتعددة، أن هناك علاقة تكامل بين علم النفس والأدب، وهذه العلاقة تظهر بوضوح عندما يتقاطع البناء المعماري للنص مع منطلقات علم النفس، وتلك هي سمة الأدب الحقيقي، لأنه يقوم على التحليل النفسي للشخصيات عند بناء الحبكة الدرامية.

ويواصل: "قادتني المعرفة إلى أن العلاقة المتبادلة بين الأدب والمجتمع وطيدة الصلة، لأن دور الأدب لا يتوقف على المتعة فقط، وإنما غدت له وظيفة اجتماعية، وهذه الوظيفة تبدو عندما أتناول تجارب إنسانية مرتبطة بما هو اجتماعي وإنساني وثقافي، لقد تشكل الوعي الإبداعي بذهني، على أساس أن النسق الرومانسي لا بد أن يطرز بكل هذه المعاني؛ عند تحليل العلاقة بين الدوافع التي تحرك سلوك البطل، وبين صناعة الحدث، وهذا يعطي للسرد جمالًا فوق جمال التشويق، لأن القلم يخاطب العاطفة والعقل في آن واحد، فالأدب أكبر من كونه سردًا جماليًا، فهو سرد يحمل دلالات متعددة متعلقة بكل ما يدور بالمجتمع؟ كما أن كل رواياتي قابلة لأن تتحول إلى أفلام ومسلسلات، ربما لأنني أكتبها بروح كاتب السيناريو".

 

وطبع للكاتب الروائي صلاح شعير ثلاث مجموعات قصصية للطفل، أو 25 قصة للمرحلة العمرية من 9: 12 عامًا، ورواية للفتيان، ويراه من أفضل المجالات التي يعشقها، ولكن المشكلة في أن النشر محدود، ويحتاج إلى تكاليف باهظة، لأنها تقترن بالطبع الملون على ورق فاخر، وهذا الأمر مشكلة أمام كل كتاب الطفل، ولكني أعمالي كلها قابلة إلى أن تتحول إلى أعمالي كرتونية، أو دراما سمع بصرية للطفل.

وصدر له أيضًا كتابان في النقد، وطبع سيناريو وحوار كوميدي بعنوان لسان ونص، وفيلم وثائقي عن المقاتل المصري وكلها أعمال تناقش قضايا حيوية، هذا علاوة على نشر أكثر من 12 كتابًا في الاقتصاد والسياسة والفلكلور. ولشعير علاقة وطيدة بالكتابة الصحفية حيث بدأ بالصحافة الإقليمية أو العربية، منذ 2003، ومارس أشكال الكتابة الصحفية كافة، كالتحقيقات، والصحافة الفنية، والاقتصادية، والرياضية، وغيرها، يقول: "كان هذا المجال أحد الأدوات التي استخدمتها للانتصار على الظروف المُحبطة، ولكن الصحافة تؤثر على مساحة الإبداع، لأنها إبداع من نوع آخر، وهذا الإبداع يستنزف الطاقة، ولذا قررت التوقف بعد 11سنة صحافة، باستثناء مقالات الرأي المتنوعة، أو بعض الدراسات الاقتصادية والنقدية، وعندما أدركت أن الجهود التي تبذل في الكتابة السينمائية أو المسرحية هي جهود شبه مهدرة، توقفت لعام، ولكن هذا التوقف كان لتحليل الموقف، وهذا جعلني استقر على أمرين: الأول ألا أكتب ما يتسبب في هدم المجتمع مهما كانت الإغراءات، أو الإلحاح النفسي نحو النجاح وتحقيق الذات. والأمر الثاني هو التركيز على الأدب بالاعتماد على الذات من خلال دور النشر الخاصة، وذلك بالتزامن بالتوجه نحو الدراسات العليا منذ عام 2009م، حتى حصلت على درجة الدكتوراه في الاقتصاد عام 2019. ولرب ضارة نافعة، فقد أفادني هذا التنوع، في إثراء الموهبة، لأن الإبداع دون ثقافة في بعض الحالات، قد يكون إبداعًا تخريبيًا، لقد منحتني قسوة الظروف، فرصة الإطلاع على معلومات وأفكار جديدة، وهذا منحنى رؤية ابتكارية في صياغة مشروعي الثقافي، وأيضًا منحي صلابة في مواجهة الحياة، فمهما كانت المعوقات، لا أشعر بالملل، لأن الموهبة المدعومة بالعلم، هي أقوى ما يعتصم به المبدع". 

 

ويؤكد شعير أن الإبداع لن يتوقف، ولكن ازدهار هذا الإبداع مرتبط بنمو العلاقة الشرعية بين القصة والرواية والدراما، لأن الأفكار الأدبية من أهم روافد الأعمال السينمائية أو المسلسلات، كما أن معظم من لديهم موهبة أدبية، سوف يتجهون إلى كتابة السيناريو، لأنه أدب العصر الحالي، وأي كاتب يكتب الرواية والمسرح، يستطيع كتابة الدراما، لأن الروية معظمها صورة سردية بالكلمة، والمسرح معظمه مبني على الحوار، وهذا هو السيناريو، وبالتالي، لا يحتاج أي مبدع سوى مطالعة الشكل الميكانيكي لكتابة السيناريو لإنجاز العمل السمع بصري على أكمل وجه.