أمين عام الإفتاء بسلطنة عمان: العلاقات المصرية العمانية تشهد زخما قويا في شتى المجالات
أكد الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام لمكتب الإفتاء في سلطنة عمان، أن العلاقات المصرية العمانية تشهد زخماً قوياً في شتى المجالات وفي القلب منها المجال الديني، منوهاً بالترابط بين المؤسسات الدينية في كلا البلدين.
وقال السيابي، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط على هامش زيارته للقاهرة للمشاركة في مؤتمر الإفتاء الدولي "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع "، إن هناك تعاوناً وثيقاً بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان والأزهر الشريف، مشددا على أن الأزهر الشريف يعد قلعة ومنارة للعلم والفكر الوسطي في العالم، علاوة على مكانته التاريخيه والعلمية والفكرية التي يتمتع بها.
ولفت إلى أنه تم توثيق العلاقات بين مصر وسلطنة عمان في المجال الديني عبر تكوين لجنة للتعاون بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العمانية والأزهر الشريف، حيث بدأت تلك اللجنة في عقد اجتماعات بصفة دورية اعتباراً من عام 2001، واستمرت هذه الاجتماعات بالتناوب بين مسقط والقاهرة، مبرزاً كذلك التعاون المشترك بين مكتب الإفتاء في عمان ودار الإفتاء المصرية.
وسلط "السيابي" الضوء على العلاقات التاريخية والأزلية التي تربط بين مسقط والقاهرة، مؤكدا أنها تقوم على أساس من الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة والحرص على تعزيز أطر التعاون على مختلف المستويات، لافتا إلى حرص العمانيين الشديد على القدوم إلى مصر والتعلم على أراضيها والدراسة في جامعاتها.
وقال الأمين العام لمكتب الإفتاء في سلطنة عمان "إننا نشهد بوادر ثورة صناعية خامسة، أهم معالمها هو الذكاء الاصطناعي والمتغيرات الرقمية والتي تعد سلاحا ذا حدين، ولكن لابد من العمل على استغلالها بشكل مثالي، حتى لا نتخلف عن ركب الحضارة"، مؤكدا ضرورة التعاطي مع متطلبات العصر خاصة فيما يتعلق بمستجدات الذكاء الاصطناعي، مطالباً بضرورة توظيفه في تقريب المعلومة الفقهية للناس، وتوظيفه كذلك في خدمة الفتوى.
وأضاف أنه لا يمكن أبدا أن نعيش بمعزل عن متغيرات العصر الحالي، إذ إنه من الصعب بأي حال من الأحوال رفض المتغيرات الرقمية الراهنة والتي أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة.
وبشأن الدور الذي يمكن أن تلعبه هيئات الإفتاء والمؤسسات الدينية للحفاظ على الشباب والنشء من الوقوع فريسة لفكر الجماعات المتطرفة، أوضح الشيخ أحمد بن سعود السيابي أن دور الإفتاء في العالم لم تقصر ولم تدخر جهداً في تبصير الناس وفرض سياسة الاعتدال التي جاء بها الشرع الحنيف الذي أمرنا بالاعتدال وقبول الرأي الآخر.
وتابع أنه على الرغم من ذلك فلا بد من تكثيف الجهود لحماية الشباب من الوقوع في براثن الفكر المتطرف خاصة في ظل تنامي المتغيرات الرقمية والسوشيال ميديا والتي تستخدمها الجماعات المتطرفة للإيقاع بالشباب، مطالباً بضرورة تصحيح المفاهيم لدى الأجيال الجديدة، وفرض ثقافة التسامح وإعلاء قيم الإسلام السمحة بين الجميع.
وأبرز أن هناك ضرورة لبناء منظومة مبادئ حاكمة قائمة على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة، لا سيما في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحديات كبيرة تهدد السلم والاستقرار العالميين، داعياً إلى مزيد من التعاون والتفاهم بين الدول للتصدي لهذه التحديات.
وأضاف أن هناك ضرورة ملحة لتعزيز الوعي والتفاهم العالمي بأهمية الفتوى الرشيدة في إرساء منظومة المبادئ والأفكار العالمية لتكون قائمةً على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة، وإعلاء قيم السلام والعدل والمساواة، التي يجب أن تكون أساسًا للواقع العالمي.
ونوه إلى أن سلطنة عمان تمثل حالة في إعلاء قيم التسامح والاعتدال، الأمر الذي جعلها تحظى باحترام وتقدير العالم، لافتا إلى أن تلك الحالة الاستثنائية من الوئام والتعايش في سلطنة عمان جعلها نموذجا يحتذى للسلم العالمي وتجربة ناجحة في العيش.
وشدد على أن الدرب الذي تسلكه سلطنة عمان على مر تاريخها في التعايش والانفتاح على الثقافات، كان ولا يزال أساسا للتماسك والتآزر في المجتمع العماني والذي انعكس بدوره على استتباب الأمن، وتواصل مسيرة التنمية، موضحا أن التسامح يشكل الإطار الأخلاقي للنهضة العمانية الحديثة والمتجددة، إلى جانب القيم الإنسانية الرفيعة التي جاء بها الشرع الحنيف.
وجدد التأكيد، في ختام تصريحاته، على ضرورة التعاون والتكاتف لمواصلة التجديد الفقهي والإفتائي، وتقديم خطاب فقهي يتناسب مع متطلبات العصر انطلاقًا من مقاصد الشريعة.