د. وفاء علي,
لا شك أن الخسائر المالية التى تعرض لها العالم بيوم الاثنين الأسود بالأمس، والذى لم يشهده العالم منذ 37عامٱ يحتاج إلى قراءة فنية صحيحة، ومرحلة من التعلم العميق فكما نقول الأسواق لا تدق الأبواب وإنما تدخل فجأة تحاول تصحيح الأوضاع، وتضع المخاطر فى نصابها فالبيانات جاءت عكس الواقع وهبطت أسواق المال العالمية، واتشحت الشاشات باللون الأحمر أصبح البيع على المكشوف وشراء الأصول ذات الطابع الدفاعى كالسندات الحكومية طويلة الأجل، وهنا يبرز سؤال هام هل أخطأ الفيدرالى الأمريكى فى تأخير عملية خفض الفائدة ؟ الإجابة نعم.
لقد أخطأ العالم كله فى الاعتماد على شخص واحد وهو رئيس الفيدرالى الأمريكى الذى ترك الباب مواربٱ نحو موعد خفض أسعار الفائدة وتدريجيٱ تغيرت المعادلة وارتفعت معدلات البطالة فى أمريكا ويخيم شبح الركود الاقتصادى على العالم وأصبح السوق العالمى والبورصات مهددة تعانى من الخوف وعدم الثقة، والأسواق المالية العالمية بطبيعة الحال منفتحة على بعضها اقترض المستثمرون من أسواق اليابان ذات الفائدة الصفرية وبدأوا الإستثمار فى أسواق أخرى وعندما رفعت اليابان الفائدة بدأت عملية البيع وانكشف العالم وتسطحت الأسواق العالمية وسيطر الهلع فى تأخر الفيدرالى الأمريكى فى الخفض، لا شك أنه موقف صعب على الفيدرالى لأنه من وجهة نظرنا إذا حاول الخفض فى الوقت الحالى فهناك هلاك وهلع أكبر للأسواق وهنا يضع نفسه فى فكرة وراء المنحنيات وستعود الأسواق إلى التصحيح فلا يمكن الاعتماد على بيانات الوظائف الأمريكية فقط ولكن يجب التنبيه إلى أن الاقتصاد الأمريكى قد يكون على وشك هبوط حاد بعد أسابيع من الارتفاع والخوف من الموجة البيعية العالمية وخروج الأموال الساخنة.
فالعالم يحتاج إلى تصفية نموذجية للمخاطر فقد أصبح الكاش سيد الموقف فهل العالم مهدد بأزمة اقتصادية جديدة أم هى خسائر مرحلية والسلام؟ نرى أن الخوف من الركود مفتعل تدخل فيه زخم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لأن من ينظر إلى حال الأسواق المالية العالمية يقول لنفسه كيف تضافرت كل هذه العوامل فى يوم واحد والثقة فى سياسة الفيدرالى الأمريكى قد فقدت.
لقد أصبحت الأسواق تسعر نفسها بنفسها بدون آليات بشكل غير مبرر وإذا زحف الركود الاقتصادى إلى الاقتصاد الأمريكى فالأمر يدعو للقلق لأن عدوى الركود ستنتقل إلى العالم كله وهذا يدعونا إلى تدبر أمرنا ونتعلم من تجربة خروج الأموال الساخنة وعلى العالم ألا يمسك السكين وهى فى الهواء وإنما الانتظار حتى تستقر الأوضاع وأن تصحح الأسواق المالية العالمية والمحلية أوضاعها ونعود لنقول أن الخطر لا يطرق الأبواب وأن الفيدرالى الأمريكى الذى مارس سياسة الإكراه الاقتصادى بالتشديد النقدى غير المبرر أخطأ فى تأخره بالخفض لأسعار الفائدة متعللٱ بالتضخم، فالخسائر طالت كل الأسواق المالية، وتبخرت الأموال وعلى الكل أن يتحسب من أجل تصحيح الأوضاع الاقتصادية.