محمود درويش .. شاعر القضية والإنسانية
شاعر الإنسانية ، صوته لم يكن فقط صوت الشعب الفلسطيني بل كان صوت الملايين من العرب ، إرتبط اسمه بشعر الثورة والوطن ،فكلماته كانت مرآة تعكس معاناته وتطلعاته، ويعد أحد أبرز الشعراء العرب في القرن العشرين، ورمز من رموز القضية الفلسطينية حتى أُطلق عليه لقب "شاعر القضية " ، كما ساهم في تطوير الشعر الحديث وإدخال الرمزية فيه ، وكان تأثيره يتجاوز حدود الكلمات، حيث ترك بصمة عميقة في المشهد الأدبي والثقافي العربي، واشتهر بقصائده العميقة التي تعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والاستقلال ، فهو استطاع أن يمنح القضية قبلة الحياة الدائمة التى تحتاجها، فبالرغم من رحيله فمازالت أشعاره حاضرة وقادرة على صنع المقاومة.
ولد محمود درويش في قرية العلونة في فلسطين عام 1941، شرد من أرضه مع أسرته عام 1948 خلال حرب 1948، واستقر في لبنان ثم سوريا. بدأ بنشر شعره في سن مبكرة، وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة الأدبية، وتوفي في مثل هذا اليوم 9 أغسطس من عام 2008 في هيوستن، تكساس، بعد إجراء عملية جراحية في القلب.
أصبح درويش رمزًا للقضية الفلسطينية، وصوته هو الصوت الذي يعبر عن آلام ومشاعر الشعب الفلسطيني، فقصائده كانت بمثابة وثائق حية لمعاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والعودة، وأدخل تجديدًا على الخطاب الشعري العربي، حيث استخدم لغة شعرية حداثية، وعالج قضايا عميقة ومعقدة بطريقة شاعرية مبدعة.
تمكن درويش من التعبير عن الهوية الفلسطينية بعمق، وربطها بالهوية العربية والإنسانية، حيث جذب شريحة واسعة من القراء، ليس فقط في العالم العربي، بل في العالم أجمع، مما ساهم في نشر الثقافة الفلسطينية.
ألهم درويش أجيالًا جديدة من الشعراء الفلسطينيين والعرب، وشجعهم على التعبير عن أنفسهم وقضاياهم، وأظهر لهم أن الشعر يمكن أن يكون سلاحًا فعالًا في النضال السياسي، وأن الشاعر يمكن أن يكون صوتًا للمظلومين.
أعطى درويش صوتًا للمهمشين والمضطهدين، وجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم، كما أنه توسع في آفاق الشعر العربي، وجعله يتناول قضايا أكثر عمقًا ووعيًا بالواقع المعاصر، وأعطى الشعر بعدًا جديدًا، حيث ربطه بالهوية الوطنية والقضية الفلسطينية، وجعله أكثر واقعية، حيث عكس الواقع المعاش بكل مرارته وألمه، وساهم بشكل كبير في صياغة الهوية الوطنية الفلسطينية، فقصائده كانت بمثابة وثيقة هوية للشعب الفلسطيني، تحدد هويته، وتاريخه، وطموحاته.
كان درويش أحد أبرز رواد المقاومة الثقافية الفلسطينية، حيث استخدم الشعر كسلاح لمواجهة الاحتلال، وتعزيز الروح الوطنية، حيث رفع مستوى الوعي الوطني لدى الشعب الفلسطيني، من خلال قصائده التي تناولت القضايا الوطنية بعمق وحساسية.
غنى درويش اللغة العربية الفصحى، وأعطاها بعدًا جديدًا من خلال استخدامه لها في التعبير عن هموم الشعب الفلسطيني، كما ساهم في إطلاق حوار ثقافي واسع حول القضية الفلسطينية، حيث ترجمت قصائده إلى العديد من اللغات، مما جعل القضية الفلسطينية تصل إلى العالم أجمع.
ترك الشاعر الكبير محمود درويش ما يزيد عن 30 ديوانا من الشعر والنثر منهم "عاشق من فلسطين"، "حالة حصار"، "العصافير تموت في الجليل"، "أقول لكم"، "مديح الظل العالي"، "أثر الفراشة"، "أنا الموقع أدناه"، "لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي"، "آن لي أن أعود"، "يوميات الحزن العادي"، "في حضرة الغياب"، "كزهر اللوز أو أبعد"، "لا تعتذر عما فعلت"، "جدارية"، "سرير الغربة"، "لماذا تركت الحصان وحيدا"، "ذاكرة النسيان"، عابرون فى كلام عابر"، "أحد عشر كوكبا"، حصار لمدائح البحر"، أوراق الزيتون"، حبيبتى تنهض من نومها"، وغيرها من الدواوين.
وتوج مشواره الإبداعى بالعديد من الجوائز والأوسمة فقد حصل على عدة جوائز منها جائزة لوتس عام 1969، جائزة البحر المتوسط عام 1980، دروع الثورة الفلسطينية عام 1981، لوحة أوروبا للشعر عام 1981، جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفياتي عام 1982، جائزة لينين في الاتحاد السوفياتي عام 1983، جائزة الأمير كلاوس (هولندا) عام 2004، جائزة العويس الثقافية مناصفة مع الشاعر السوري أدونيس عام 2004.
رحل عن عالمنا وهو فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد إجرائه عملية القلب المفتوح فى مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، ودخل بعدها فى غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء فى مستشفى "ميموريال هيرمان"، وتم نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته.