رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


صحيح المناخي

16-8-2024 | 15:53


حمدي رزق,

مثلي، وكثيرون، لا نحمل ودا للصيف، وكان طيب الذكر الشاعر الجميل «مأمون الشناوى» يفضل الشتاء، تفصح عنها أبيات مقفاة من أغنيته الذائعة «الربيع» التى تغنى بها الموسيقار الكبير «فريد الأطرش»، وكما يقولون المعنى فى بطن الشاعر والأسباب أيضا.. 

يقول فى مناجاة مغناه:"لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك، وأيامك/ كان لي في عهدك أليف عهدني قدامك، قدامك/ وكان لي في قلبه طيف يخطر في أحلامك/ من يوم ما فاتني وراح، شدو البلابل نواح/ والورد لون الجراح، والورد لون الجراح..".

هرمنا على قاعدة مناخية راسخة رسوخ الجبال الرواسى، فى وصف الحالة المناخية المصرية تقول: "حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاء"، يقينًا باتت ماضيًا، وبالأحرى اختصار مخل لطقس مختل، قاعدة أطاحها صيف هذا العام، الذى جاء ساخنًا يشوى الوجوه، يذوب من صهده عين القطر "النحاس"، تحس باحتياج عارم لفتح باب الثلاجة طويلا.

حتمًا ولابد من وصف جديد لمناخ مصر، بات ضروريا ومستوجبا، ليس من قبيل رفاهية المتفكهين، أو من قبيل اللغو غير السياسى، أو ملء مساءات الخواء على المقاهى، أو تزجية فراغ ناس فاضية.

رسم الخريطة المناخية الجديدة تترجم إلى رسم الخريطة الزراعية الجديدة، تقلبات المناخ بلبلت الفلاحين، وأطارت صوابهم، ولخبطت ثوابتهم، وزعزعت قوانينهم الزراعية، فلم يعودوا يميزون بين بؤونة وأبيب (من أسماء الشهور القبطية الحارة التى تنظم الزراعة).

الثابت يقينًا والصهد يلفح الوجوه أن المناخ المصرى تقلب تمامًا، صار متقلبًا، مزاجه متعكرًا، وأرجو ألا يستنيم خبراء الأرصاد طويلا على قاعدة حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً، لا يودون المساس بها وكأنها من الثوابت المرعية، مع أن العالم بأسره يغير قواعده المناخية.

لسنا استثناء، ويستوجب أن نذهب سريعًا إلى قراءة جديدة لمؤشرات المناخ المصرى خلال العقد الأخير على أقل تقدير، هذا من قبيل الأمن القومى، الذى يرتهن بالأمن الغذائى، فضلا عن معايش الناس، وطبيعة اللباس، وشيوع الأمراض، ومتوالية الأوبئة القادمة من خارج الحدود فى بلد تلفه صحراوات قاحلة ذات مناخ قارى.

القاعدة الشعبية السارية بين الناس، جو خانق صيفًا، إذا جاز هذا الوصف مناخيًا، القاعدة القديمة حار جاف صيفًا، استنَّها علماء، وتغييرها سيقوم عليه علماء، لا هى معادلة مقدسة ولا اكتسبت قداسة، عفوا هنا لا نتحدث عن" صحيح البخارى"، نتحدث عن "صحيح المناخى".. ولم يكتسب قداسة بعد.