ما بين اغتيال وتسامح .. كيف ولماذا حاولوا اغتيال أديب نوبل نجيب محفوظ؟
يُعد نجيب محفوظ من الأدباء التي غلبت روح الحارة والثورة على كتابتهم، فتمتعت معظم أعماله بكتاباته عن الحارة المصرية فيجعل القارئ يعيش في حالة خاصة معهم، ويبكي لبكائهم ويفرح معاهم، ويتحمس للثورة والنضال، ولكن قرر الخروج بروايته الأكثر إثارة للجدل والتي حاز بسببها على جائزة نوبل ضمن روايات آخرى، وكادت تتسبب في موته إنها رواية "أولاد حارتنا"، التي انتهج فيها أسلوبًا رمزيًا يختلف عن أسلوبه الواقعي، واتهم بسببها بالكفر وتعرض لمحاولة اغتيال.
محاولة اغتيال نجيب محفوظ
بتخطيط دَنِيء، ومحاولة اغتيال فاشلة، تسلل شابًا ارهابيًا ذات عقلية سطحية ورجعية ليسدد طعنة نافذة في عنق نجيب محفوظ، رُغم إن "محفوظ" قابله بسماحة وحسن نيه للسلام عليه فظنه من أحد معجبينه، فكان معروف عنه كرمه وعدم رده لأحد، ولكن قُبل الإرهابي ذلك الكرم والعطف بالقتل ومحاولة للإزهاق روح.
كان من وجهه نظر ذلك الإرهابي إنه قام بعمل بطولي وطبق شرع الله، رُغم جهله برواياته وخاصة "أولاد حارتنا"، فقد رأى محرضينه أنه يستحق ذلك لقيامه بإزدراء الأديان من وجه نظرهم، بسبب إضافة اسم "الجبلاوي" لأسماء الله الحسنى وكان الغرض من تلك الصفه، إضفاء حسه الأدبي.
وكان ذلك يوم الجمعة 14 أكتوبر 1994، ويُعد ذلك اليوم هو ذكرى حصول "محفوظ" على نوبل، اختيروا ذلك التوقيت لينفذوا جريمتهم، ردًا على رواياته التي قام بكتابتها وتحمل من وجه نظرهم كفر وإلحاد، ولكن جاءت الصفعة للجاني ومرتكي الجريمة البشعة، بإن "محفوظ" ذات الروح الكريمة والمتسامحة قام بمسامحتهم وقال: "أتمنى لو لم يعدما"، ولكن ذلك لم يمنع من تنفيذ حكم العدالة، وتم إعدامهم.
رواية "أولاد حارتنا"
تدور أحداث الرواية عن الأب "الجبلاوي" كان يعيش في صحراء المقطم، في شارع يحمل اسمه، وله قصره في الحديقة المحاطة بأسوار عالية، ويعيش مع أبنائه في قصره، ولكنه يبدأ يشعر بالتعب والكبر فيقرر ترك إدارة ممتلكاته لابنه الأضغر إلى أدهم بدلاً من ابنه الأكبر إدريس، فيشعر بالغضب ويتمرد على قرار والده ويطُرد من القصر، ثم يبدأ في محاولة خداع أدهم وطرده مثله ويحدث ذلك بالفعل.
تُعد رواية "أولاد حارتنا" هي من أكثر الأعمال الأدبية إثارة للجدل في العالم العربي منذ نشرها، سمح محمد حسنين هيكل، بنشر الرواية على حلقات، ولكن قُبلت بهجوم، ولكن أصر على استكمال نشرها حتى نشرت بالكامل، ورد على المنتقدين، إن الكتاب والأدباء لهم حق في التعبير.