رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


التراجع الاقتصادي للصحراء الشرقية في العهد الروماني.. أدلة أثرية تكشف الحقيقة

12-9-2024 | 01:10


الصحراء الشرقية

إسلام علي

نشرت دراسة حديثة في مجلة علم الآثار المصرية من جامعة تافتس بالولايات المتحدة فترة انتقالية هامة في تاريخ مصر القديمة تحت الحكم الروماني.

تناول الباحث براندون ماكدونالد من الجامعة من خلال دراسة دقيقة للأدلة الأثرية للإمبراطورية الرومانية أثناء تواجدها في مصر، بيّن فيها أن منطقة الصحراء الشرقية المصرية التي كانت نشطة للغاية شهدت تراجعًا ملحوظًا في النشاط بين أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الميلادي، وذلك قبل ما كان يعتقد سابقًا.

تصحيح كتابة التاريخ 

تشكل هذه الدراسة تحديًا للرأي التقليدي الذي كان يرى أن المنطقة ظلت تحتفظ بأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية للإمبراطورية الرومانية حتى منتصف القرن الثالث.

 

بدلاً من ذلك، قدم ماكدونالد أدلة قوية تشير إلى أن عملية التخلي التدريجي عن هذه المنطقة الحيوية بدأت قبل عقود، بالتزامن مع نهاية سلالة أنطونيوس وبداية عصر سيفيران.

 

الصحراء الشرقية وأهميتها للأمبراطورية الرومانية

 

لعبت الصحراء الشرقية دورًا محوريًا في اقتصاد مصر الرومانية بفضل محاجرها التي وفرت الحجارة الزخرفية، ومناجم الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.

 

هذا وبالإضافة إلى موانئها التي كانت بوابة للتجارة المربحة مع شبه الجزيرة العربية والهند، كانت هذه المنطقة متصلة بشبكة من الطرق المحصنة التي ربطت مواقع الإنتاج بوادي النيل.

 

أجرى ماكدونالد مسحًا شاملاً للمواقع الأثرية الرئيسية في المنطقة، شمل محاجر مونس كلوديانوس ومونس بورفيريتس، بالإضافة إلى موانئ ميوس هورموس وبيرينيك على ساحل البحر الأحمر.

 

 

وأظهرت النتائج ازدهارًا كبيرًا في النشاط خلال القرن الأول والنصف الأول من القرن الثاني، قبل أن يشهد تراجعًا واضحًا في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث.

 

أظهرت محاجر مونس بورفيريتس الشهيرة بحجارتها البورفيري الأرجوانية، الأدلة الفخارية والعملة أن معظم المستوطنات هناك تم هجرها في النصف الثاني من القرن الثاني.

 

وعلى الجانب الأخر، كان ميناء ميوس هورموس تم هجره بالكامل حوالي عام 220 م، بينما استطاع ميناء بيرينيكي أن يبقى نشطًا لفترة أطول ولكنه شهد أيضًا تراجعًا ملحوظًا في حجم التجارة.

 

يفترض ماكدونالد أن هذا الانحدار الواسع لا يمكن تفسيره بالعوامل المحلية فقط، بل يعزوه إلى أزمات وأحداث جيوسياسية أثرت على الإمبراطورية الرومانية بشكل عام.

 

ومن بين تلك العوامل، يبرز انتشار طاعون أنطونيوس والحروب المكلفة التي خاضها ماركوس أوريليوس، بالإضافة إلى التغيرات في أنماط التجارة العالمية.

 

وبحسب ماكدونالد، فإن هذا الانحدار يمكن أن يكون مؤشرًا على التحديات التي أدت إلى "أزمة القرن الثالث"، ومع أن بعض المواقع، مثل ميناء بيرينيكي، شهدت انتعاشًا في العصور المتأخرة، إلا أن المنطقة لم تستعد أبدًا نشاطها السابق الذي كان يميز القرنين الأول والثاني الميلاديين.

 

في النهاية، يستنتج ماكدونالد أن هذه الفترة شهدت تراجعًا واضحًا في اهتمام واستثمار الإمبراطورية الرومانية في المنطقة، ما مهد الطريق لتدخل القبائل المحلية وانسحاب الرومان من المنطقة بشكل نهائي، وذلك نقلا عن موقع labrujulaverde.