رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


دراسة أثرية تكشف أسرار صناعة المرايا في مصر القديمة

12-9-2024 | 02:25


المرايا التي استخدمت في الدراسة

إسلام علي

حظيت المرايا في مصر القديمة باهتمام بارز لأهميتها الثقافية والدينية، إلا أن دراستها بشكل تفصيلي، خاصة من حيث تصنيعها، كانت محدودة.

 

مجلة العلوم الأثرية تكشف أسرار الصناعة

نشرت دراسة حديثة في "مجلة العلوم الأثرية: تقارير"، كشف بها عن أبحاث جديدة عن تفاصيل مثيرة حول تقنيات تصنيع المرايا في مصر القديمة، حيث أظهرت مدى التقدم في صناعة المعادن آنذاك.

أجرت الباحثة إليزابيث توماس من جامعة ليفربول تحليلاً معدنياً لعدد 19 مرآة مصرية من متاحف بريطانية مختلفة، تغطي فترات زمنية تمتد من عصر الدولة القديمة إلى العصر المتأخر.

وباستخدام أدوات متطورة مثل المجهر الإلكتروني الماسح وتقنية التحليل الطيفي بالأشعة السينية "SEM-EDX"، تمكنت من دراسة التركيب الكيميائي والبنية الدقيقة لهذه القطع الأثرية.

 

كل شيء خلق بقدر.. نسب المواد المستخدمة في التصنيع

أظهرت النتائج أن المصريين القدماء استخدموا ثلاث سبائك رئيسية في تصنيع المرايا: النحاس الزرنيخي، سبائك النحاس والقصدير، وسبائك تجمع النحاس الزرنيخي مع القصدير، ويعد الأكثر إثارة للاهتمام هو التناسق الملحوظ في نسبة الزرنيخ أو القصدير، التي بلغت حوالي 5%، مما يعكس تحكماً دقيقاً في عمليات التصنيع.

 

لا يعكس هذا التناسق في التصنيع فقط مهارة المصريين القدماء، بل يثير تساؤلات حول سبب اختيارهم لهذه السبائك بالذات، وفي جانب أخر، يرى الباحثون أن اختيار هذه التركيبة قد يكون مرتبطًا بخصائصها الفيزيائية المثالية مثل الصلابة والقدرة على التشكيل، إلى جانب تأثير اللون الناتج، الذي كان يعطي المرايا بريقاً ذهبياً أو فضياً.

 

ويعتبر من أهم الاكتشافات المثيرة في الدراسة هو استخدام تقنية تُعرف بـ"إثراء السطح"، التي تمنح المرايا مظهراً فضياً عبر تكوين طبقة سطحية غنية بالزرنيخ ، ويُعتقد أن هذه التقنية، التي تتطلب فهماً متقدماً لخصائص المعادن، والتي كانت تُستخدم لمحاكاة المرايا الفضية الأكثر قيمة في تلك الفترة.

 

ويعتقد أن اختيار الألوان الذهبية أو الفضية لهذه المرايا مرتبطاً بالمعتقدات الدينية، وخاصة ارتباطها بإله الشمس رع، كما أظهرت الدراسة أدلة على اتباع المصريين القدماء لعملية تصنيع موحدة تشمل طرق المعدن على البارد والتلدين المتكرر، مما ساهم في تحسين صلابة المعدن وزيادة وضوح انعكاساته.

ومن الجوانب الأخرى التي تناولتها الدراسة، تصنيع نماذج مصغرة من المرايا كانت تُستخدم كبدائل سحرية للمرايا الحقيقية في المقابر، وعلى الرغم من أنها رمزية، إلا أن هذه النماذج صنعت بعمليات مشابهة لتلك المستخدمة في المرايا الأصلية، مع بعض الفروق في التكوين، مما يعكس وظيفتها الدينية.

 

تُظهر هذه الدراسة أن المصريين القدماء لم يكونوا مجرد حرفيين ماهرين فحسب، بل امتلكوا تقنيات متقدمة جداً في صناعة المعادن، ما يجعل هذا الكشف خطوة هامة نحو فهم أكبر للمهارات الفنية في الحضارة المصرية، وذلك طبقا لما نشره موقع labrujulaverde.