ديوان العرب| أحوال مجدك في العلو سواء.. قصيدة السري الرفاء
تُعد قصيدة «أحوالُ مجدِكَ في العُلُّوِّ سَواءُ» للشاعر السري الرفاء، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «السري الرفاء» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «أحوالُ مجدِكَ في العُلُّوِّ سَواءُ».
وتعتبر قصيدة «أحوالُ مجدِكَ في العُلُّوِّ سَواءُ»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 25 بيتًا، تميز شعره بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
أحوالُ مجدِكَ في العُلُّوِّ سَواءُ
يومٌ أَغَرُّ وشيمَةٌ غَرَّاءُ
أصبحتَ أعلى الناس قِمَّةَ سُؤدُدٍ
والناسُ بعدَكَ كلُّهم أكفَاءُ
أيمينُكَ البحرُ الخضمُّ إذا طمتْ
أمواجُهُ أم صدرُكَ الدَّهناءُ
أَذْكرْتَنا شِيَمَ اللَّيالي في النَّدى
والبأسِ إذ هي شِدَّةٌ ورَخاءُ
نَسَبٌ أضاءَ عَمودُه في رِفعةٍ
كالصُّبحِ فيه ترفُّعٌ وضِياءُ
وشمائلٌ شَهِدَ العدوُّ بفَضْلِها
والفضلُ ما شَهِدَتْ به الأعداءُ
وإذا عَبسْتَ فصارِمٌ ومَنِيَّةٌ
وإذا ابتسمْتَ فمَوعِدٌ وعَطاءُ
وبنو قُبَيْصَةَ معشرٌ أخلاقُهُم
سيلٌ فمنه حَياً ومنه دِماءُ
وإذا تتابَعتِ النَّوائبُ أحسَنوا
وإذا تشاجَرتِ الرِّماحُ أساؤوا
فَضَلَتْ ليالي القَصْفِ ليلتُكَ التي
هي في المحاسنِ غادَةٌ حَسناءُ
رَقَّتْ غياهبُها فهنَّ غَلائلٌ
وسَخَتْ جنائِبُها فهنَّ رَخاءُ
وُصِفَتْ لكَ اللذّاتُ بينَ غَرائبٍ
للعيشِ في أفيائِهنَّ صَفاءُ
بِرَكٌ تحلَّتْ بالكواكبِ أرضُها
فَأَرَتْكَ وجهَ الأرضِ وهو سَماءُ
رُفِعَتْ إلى الجوزاء فوَّاراتُها
عُمُداً تُصابُ بصَوْبِها الجَوزاءُ
كادَتْ ترُدُّ على الحَيا أَعْطَافَهُ
لو لم يُمِلْ أعْطَافَهُنَّ حَياءُ
مثلَ القَنا الخَطِّيِّ قُوِّمَ مَيلُهُ
وجَرَتْ عليه الفِضَّةُ البَيضاءُ
حتى إذا انتشرتْ جلابيبُ الدُّجى
وتكاثَفَتْ من دونِها الظَّلماءُ
فرَّجْتَها بصائحٍ إن تَعتَلِلْ
فلهنَّ من ضَرْبِ الرِّقابِ شِفاءُ
شَمعاً حملتَ على الرِّماحِ رماحَه
فقدودُهُنَّ وما حملْنَ سَواءُ
لقيَ النجومَ وقد طَلعْنَ بمثلِها
وأعادَ جِنحَ اللَّيلِ وهو ضَحاءُ
يا سيِّدَ الوزراءِ نِلْتَ من العُلى
والمجدِ ما يَعيا به الوزراءُ
هي ليلةٌ لا زِلْتَ تَلبَسُ مثلَها
في نِعمَةٍ وُصِلَتْ بها السَّرَّاءُ
أغنيتَ قوماً حينَ هَزَّ غناؤُها
عِطْفَيْكَ رُبَّ غِنىً حَداه غِناءُ
وقطعتَها والليلُ يصدعُ قلبَه
ضدانِ نارٌ تستنيرُ وماءُ
نَعَمَ البريَّةُ في بَقائِكَ فلتَدُمْ
لهُمُ بطولِ بقائِك النَّعماءُ