عُرفت المرأة بشجاعتها وقوتها وتحديها للصعاب، فحظيت بمكانة رفيعة، ولا يخلو مجتمع من نساء ناضلن وكافحن، وأخريات عالمات وكاتبات ومناضلات، بنبوغهن وذكائهن استطعن أن يحفرن أسمائهن في التاريخ، ويحققن المساواة مع الرجال، في العمل والتعليم والكفاح، فبفضل بطولاتهن وإنجازاتهن أصبحن خير مثال يُحتذى به، لكفاح المرأة في الحياة والنضال.

لقبت بـ "ملكة الجريمة" بفضل رواياتها البوليسية، عاشت حياة مليئة بالأحداث، مما أثر بشكل كبير على أعمالها الأدبية، لتصبح كواحدة من أعظم كتاب الروايات البوليسية في التاريخ.

أجاثا كريستي

وُلدت أجاثا كريستي في 15 سبتمبر 1890 في إنجلترا، عاشت في أسرة ميسورة الحال وتلقت تعليمها في المنزل على يد والدتها، ثمَّ التحقت بمدرسة في باريس وجمعت بين تعلم الموسيقى والتدريب عليها وبين زيارة المتاحف والمعارض الكثيرة في فرنسا.

رُغم أن والدتها كانت تؤمن بعدم تعليم الأطفال القراءة حتى سن الثامنة، ولكنها كانت ملهمتها ومشجعتها، حيث ذكرت كريستي، أنها أصيبت ذات يوم ببرد شديد، ألزمها الفراش، وقالت لها والدتها "خير لكِ أن تقطعي الوقت بكتابة قصة قصيرة وأنت في فراشك"، فأجبتها: ولكني لا أعرف، فقالت: "لا تقولي لا أعرف"، وبالفعل حاولت، وقضت سنوات قليلة تكتب قصصًا مؤثرة يموت أبطالها، كما كتبت مقطوعات من الشعر ورواية طويلة، ومن هنا كانت البداية في نمو الكتابة لديها.

بدأت كريستي كتابة الروايات فعليًا خلال الحرب العالمية الأولى عندما عملت كممرضة، في المستشفيات الميدانية وتعلمت كثيرًا عن السموم، وهو ما انعكس في العديد من رواياتها التي استخدمت فيها السم كأداة لارتكاب الجرائم.

وكانت أولى رواياتها التي نشرتها قضية ستايلز الغامضة التي قدمت فيها للمرة الأولى شخصية المحقق البلجيكي الشهير هيركيول بوارو.

تزوجت أجاثا من أرشيبالد كريستي، طيار في سلاح الجو الملكي، في عام 1914، خلال الحرب العالمية الأولى، وكانت الحرب مرحلة صعبة في حياتها، ولكن تُعد تلك الفترة شاهدة على بداية حبها للأدب البوليسي.

شهد عام 1926، فترة غامضة في حياة أجاثا كريستي، عندما اختفت لمدة 11 يومًا، بعد اكتشافها خيانة زوجها لها، وأثناء اختفائها، تم العثور على سيارتها مهجورة، وأطلقت الشرطة عملية بحث مكثفة، وبعد رحلة بحث عُثر عليها في فندق في هاروغيت، حيث كانت قد سجلت نفسها باسم امرأة آخرى، بعد عودتها، لم تتحدث عن أسباب اختفائها.

تزوجت أجاثا بعد ذلك من عالم الآثار ماكس مالوان، ورافقته في رحلاته إلى الشرق الأوسط، وتحديدًا العراق وسوريا، وأثرت تلك الرحلات بكتابتها، وظهرت المواقع الأثرية والحضارات القديمة في بعض أعمالها مثل رواية "جريمة في بلاد الرافدين".

أعمالها الأدبية:

كتبت كريستي أكثر من 66 رواية بوليسية، إضافة إلى 14 مجموعة قصصية، وظهرت شخصياتها المحبوبة والمفضلة مثل المحقق البلجيكي هيركيول بوارو والمحققة ميس ماربل في العديد من أعمالها، ومن أشهر مؤلفاتها: جريمة في قطار الشرق السريع، مقتل روجر أكرويد، ثم لم يبقَ أحد، موت فوق النيل.

كما كتبت مسرحية "مصيدة الفئران" "The Mousetrap"، التي عُرضت لأول مرة في عام 1952، وتعتبر أطول مسرحية عرضت في التاريخ.

استمرت كريستي في الكتابة حتى سنواتها الأخيرة، حيث كتبت روايات مثل الستارة "Curtain" واللغز الأخير "Sleeping Murder"، واختتمت فيهما مغامرات شخصيتيها الشهيرتين بوارو وميس ماربل.

رحلت أجاثا كريستي في 12 يناير 1976 عن عمر يناهز 85 عامًا في منزلها في إنجلترا، بعد تركت إرثًا يعتبر نموذجًا للأدب البوليسي الذي يجمع بين التشويق والتفكير العميق.