«لايشترط كسب التصويت الشعبي».. طريقة عمل النظام الانتخابي الأمريكي
تتسم الولايات المتحدة الأمريكية بنظام انتخابي رئاسي فريد من نوعه، معقد إلى حد ما، فعلى الرغم من أن انتخاب الرئيس يجري بواسطة المواطنين، إلا أنه في الأخير لابد أن يحصل على التسمية من "المجمع الانتخابي"، الذي يتولى بدوره ترجمة أصوات الأمريكيين إلى تحديد من سيجلس في البيت الأبيض للسنوات الأربع القادمة.
وعلى سبيل المثال، في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، نجحت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في كسب التصويت الشعبي، متخطية المرشح الجمهوري دونالد ترامب بقرابة 3 ملايين صوت، لكنه فاز بالأخير بالبيت البيضاوي، بفضل تصويت المجمع الإنتخابي حيث حصل على 306 صوت مقابل 232 لكلينتون.
ولكي تتضح الصورة أكثر، جاء فوز ترمب نتيجة النموذج الإنتخابي القائم في الولايات المتحدة، الذي يقضي بأن يتم اختيار رئيس البلاد من قبل المجمع الانتخابي الذي يضم ممثلين عن كل ولاية، بصرف النظر عن عدد سكانها، ولأن المرشح الجمهوري فاز في عدد ولايات أكثر من المرشحة الديمقراطية، فقد حظي بتأييد المجمع.
المجمع الانتخابي الأمريكي
يضم المجمع الانتخابي الأمريكي 538 مندوبًا، وحتى يتحقق فوز المرشح الرئاسي، لابد من حصوله على أغلبية بـ 270 صوتًا من أصوات أعضاء المجمع، مع العلم أن عدد المندوبين عن كل ولاية هو نفس عدد وفدها في الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ.
وعقب الإنتخابات الرئاسية، يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي، في أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر، للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين، وتباعًا يجري تدوين أصوات المندوبين في كل ولاية في شهادة التصويت قبل أن يتم إرسالها إلى الكونجرس، الذي يتولى عد أصوات مندوبين كل ولاية في جلسة مشتركة له في 6 يناير من العام التالي لتصوت المندوبين على الرئيس ونائبه، قبل أن يعلن الرئيس المنتخب ونائب الرئيس المنتخب، طبقًا للنتائج.
وينظر إلى المجمع الانتخابي على أنه جزء لا يتجزأ من الفلسفة الفدرالية التي تأسست عليها الدولة الأميركية، حيث يسهم في تخطي كل الانقسامات التي جمعها الاتحاد الأميركي سواءً الدينية أو العرقية أو الإثنية.
ويرى مؤيدو هذا النظام أنه يُجبر المرشحين على الدخول في منافسات على المستوى القومي بصورة كاملة، لأن بدونه يمكن لمرشح الفوز اعتمادًا على أصوات الولايات الست الأكبر من حيث عدد السكان، مثل كاليفورنيا وتكساس ونيويورك وفلوريدا وإلينوي وبنسلفانيا، مسقطًا بقية ولايات الاتحاد.
وفيما يلي نصوص الدستور الأمريكي المتعلقة بهذا الشأن:
وبحسب المادة الثانية من الدستور الأمريكي، فإنه يجري انتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مع نائبه، لمدة أربع سنوات على النحو التالي:"تعين كل ولاية، بالكيفية التي تحددها هيئتها التشريعية، عددًا من الناخبين مساويًا لمجموع عدد الشيوخ والنواب الذين يحق للولاية أن يمثلوها في الكونجرس، ولكن لا يجوز لأي عضو في مجلس الشيوخ أو في مجلس النواب، أو لأي شخص يشغل لدى الولايات المتحدة منصبًا يقتضي ثقة أو يدر ربحًا، أن يعين ناخبًا".
المادة ذاتها تنص على أن "يجتمع الناخبون كل منهم في ولايته ويصوتون بالاقتراع السري لشخصين، يكون أحدهما على الأقل من غير سكان الولاية نفسها للناخب، ويضعون لائحة بأسماء جميع الأشخاص الذين اقترع لهم، وبعدد الأصوات التي نالها كل منهم، ويوقعون اللائحة ويصادقون على صحتها ويحيلونها مختومة إلى مقر حكومة الولايات المتحدة، موجهة إلى رئيس مجلس الشيوخ".
وبدوره، يقوم رئيس مجلس الشيوخ، بحضور أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، بفض جميع مظاريف اللوائح ثم تحصى الأصوات، والشخص الذي ينال أكبر عدد من الأصوات يصبح هو الرئيس، إذا كان هذا العدد أغلبية مجموع عدد المنتخبين المعينين، وإذا نال أكثر من شخص مثل هذه الأغلبية، وكان عدد الأصوات التي نالوها متساويًا، عندها يقوم مجلس النواب فورًا، وعن طريق الاقتراع السري، باختيار واحد منهم رئيسًا، وإذا لم يحصل أي شخص على أغلبية، عندها يقوم مجلس النواب، بالكيفية عينها، باختيار الرئيس من بين الخمسة الفائزين بأكبر عدد من الأصوات في اللائحة، وفق الدستور الأمريكي.
ويوضح المصدر ذاته، أن "عند اختيار الرئيس، تحسب الأصوات على أساس الولايات بحيث يكون لممثلي كل ولاية صوت واحد، ويتشكل النصاب لهذا الغرض من عضو أو أعضاء من ثلثي الولايات، وتكون أغلبية جميع الولايات ضرورية ليتم الاختيار، وفي كل حالة، بعد اختيار الرئيس، يصبح الشخص الحائز على أكبر عدد من أصوات الناخبين نائب الرئيس، لكن إذا بقي شخصان أو أكثر لديهما عدد متساو من الأصوات، يتعين على مجلس الشيوخ اختيار نائب الرئيس من بينهما أو من بينهم بالاقتراع السري".
وتجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 في 5 نوفمبر المقبل، في ظل منافسة محتدمة بين المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب، ومنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، مع حضور شبه منعدم لعدد من المرشحين الآخرين.