رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مذكرات جرجي زيدان| الفصل الثالث «ظهور طبقة المتعلمة» (7-3)

18-9-2024 | 11:32


جرجي زيدان

بيمن خليل

بمناسبة الذكرى الـ110 لرحيل عملاق الأدب والفكر العربي، جرجي زيدان، تقوم "بوابة دار الهلال" بإعادة نشر مذكراته الشخصية، هذه المذكرات القيّمة، التي خطها زيدان بقلمه، سبق أن نشرتها مجلة الهلال على سبعة أجزاء متتالية في أعدادها الشهرية، بدأ نشرها في الأول من فبراير 1954، واستمر حتى الأول من سبتمبر من العام نفسه، مما يتيح الآن فرصة جديدة للقراء للاطلاع على هذه الوثيقة التاريخية الهامة في سيرة أحد أبرز رواد النهضة العربية.

هذا هو الفصل الثالث من هذه المذكرات القيمة التي ننشرها لتكون درسا في العصامية لشباب الجيل، وقدوة حسنة للذين يحبون العمل ويميلون إلى الكفاح للوصول إلى المجد، وقد بدأ مؤسس الهلال في هذا الفصل بالحديث عن الآداب العامة في بيروت، وكان قد تناول جانبا منها في الفصل السابق.

 الفصل الثالث: ظهور طبقة المتعلمة

نشأ في أثناء ذلك، أي بعد حوادث الستين "سنة 1860" - طبقة ثالثة من أهل بيروت تخرجت في مدارس الإرساليات الدينية المسيحية، خصوصا الأمريكان والإنجليز والألمان فقد تقاطرت الإرساليات على بيروت على إثر حوادث تلك السنة، فانشأوا المدارس لنشر العلم والأدب على نهج التمدن الحديث في أوربا، فنشأ من ذلك طبقة من الفتيات المهذبات تخرجن في مدرسة مسز موط الإنجليزية، ونشأت طبقة من الشبان المتخرجين في الكلية السورية أو في مدارس اليسوعيين أو البطريركية أو غيرها

فهذه الطبقة الثالثة، كان عليها المعول في تغيير الآداب الاجتماعية، مما كانت عليه إلى ما صارت إليه، حتى أصبحت آداب المعاشرة في بيروت تضاهي أرقى آداب الإفرنج

غير أن هذه الطبقة نمت تدريجا، وكانت في أول ظهورها تعد في نظر عامة البيروتيين بدعة من التخنث أو الخلاعة، ولا سيما لما أخذ أولئك التلامذة في لبس الزي الإفرنجي، فأنهم لاقوا احتقارا كثيرا

وكنت أنا أيضا أنظر إلى أبناء المدارس وبناتها نظر الاحتقار، لأنهم لا يخاصمون ولا يضاربون ولا يسكرون، غير أن هذا الاعتقاد لم يطل مكنه في ذهني، فبعد أن كنت أشعر بعجزي عن مجاراة أهل الفتوة ولا أرى لي رفاقا يقبحون لي هذه الحركات، أتيح لي معاشرة صديق أديب كان له تأثير في تغيير مستقبلي، وإن لم يكن ذلك عن عمد منه