برعاية وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو، وحضور الأمين العام أسامة طلعت، نظمت لجنة السرد القصصى والروائى بالمجلس الأعلى للثقافة ومقررها الأديب منير عتيبة، بقاعة المجلس، أمسية ثقافية عنوانها "تكريم الأديب الكبير يوسف القعيد"، وأدار النقاش الشاعر أحمد فضل شبلول، وشارك فيها: الكاتبة سلوى بكر، والكاتبة عزة بدر، كما شهدت الأمسية حضور كوكبة من الأدباء والنقاد والصحفيين من بينهم الناقد الأدبى الدكتور حسين حمودة، والشاعر شعبان يوسف، والكاتب محمد سيد قطب، والدكتور خيرى دومة والكاتبة الصحفية منى رجب.
واستعرض الشاعر أحمد فضل شبلول، في افتتاحية الأمسية مسيرة الروائى الكبير يوسف القعيد الثقافية، مشيرًا إلى أنه يُعتبر أحد أبرز الروائيين فى جيله، ومن أهم من واصلوا مسيرة الرواية العربية بعد نجيب محفوظ؛ حيث تميز القعيد بعمق رؤيته الاجتماعية، اهتمامه بالريف المصرى وقضاياه بشكلٍ خاص، وتميزت أعماله الروائية والقصصية بأسلوبه السردى الرصين والحكائى.
وتناولت الكاتبة سلوى بكر رواية (أخبار عزبة المنيسى)، موضحة أن هذه الرواية تُعد واحدة من أفضل ما كتب الأديب يوسف القعيد، وأشارت إلى أن أهم القيم التى تحملها رواية (أخبار عزبة المنيسى) تتمثل فى اهتمام الكاتب بنموذج القرية المصرية وكل ما يضمه عالمها من تفاصيل؛ حيث تُقدم الرواية منظور بانورامى لحياة الإنسان فى الريف المصرى، موضحة أن الحياة السياسية والاقتصادية التى طرحتها الرواية فى أحداثها الواقعة فى الماضى، ما زالت هى نفس الأمور التى يعانى منها المواطن البسيط إلى يومنا هذا، وأشارت سلوى بكر إلى أن القعيد قدم كذلك فى الرواية ذاتها صورة قوية عن وضع المرأة فى الريف المصري خلال فترة الستينيات؛ حيث أبرز انتهاكاتها واستغلالها فى ظل نظام اجتماعى تقليدى، وفى مختتم حديثها أكدت أن القعيد فى هذه الرواية استطاع تسليط الضوء على التناقض بين ادعاء الحداثة والتحديث فى مصر وبين الواقع المعاش فى القرى؛ حيث تبرز غياب قيم الحداثة وتجذر العادات والتقاليد القديمة. وأوضحت أن الرواية تمثل وثيقة تاريخية مهمة لفهم أوضاع الريف المصرى فى تلك الفترة، مشيرة إلى عمق إعجابها بالعمق فى الرؤى التى قدمها الكاتب يوسف القعيد فى هذه الرواية البديعة.
وتحدثت الكاتبة الدكتورة عزة بدر حول رواية (وجع البعاد) للروائى الكبير يوسف القعيد، فجاءت مداخلتها بعنوان: (رائحة الغياب) وهى قراءة فى رواية (وجع البعاد)، موضحة أن أبطال كاتبنا يوسف القعيد يحملون قراهم فى قلوبهم أينما ذهبوا، يتنفسون عطر حقولهم، و للأرض ينشدون؛ فهى جنتهم التى بها يحلمون ما وإذا عنها ابتعدوا يكون هذا الحنين، وذلك الشوق العارم، والمعاناة التى عبر عنها يوسف القعيد بعنوانه (وجع البعاد) الفريد؛ فهذه الرواية تدور أحداثها فى سبعينيات القرن المنصرم، والتى تصف تغريبة ما وأغنية حنين يعزفها أبطال الرواية للمكان الذى نشأوا فيه وتعلقت به : أفئدتهم، فیقول كاتبنا : (العتقا هى جنة العب كله، ريحانة يستريحون فيها من الهجير، يحضر إليها الناس صباحًا من كل بلاد الناحية، يشترون الفاكهة، ويصيدون السمك، ويعودون آخر النهار.)، و"العتقا" هى آخر نقطة فى محافظة البحيرة، وهى عزبة قريبة من قرية "الضهرية"، مركز إيتاى البارود، ويحب أهلها حبهم للدفء والونس والنيل؛ فيصفه كاتبنا بقوله: ("العتقا" تنام فى حضن جسر بحر النيل فى لحظات الصفاء والرضا، يقول أهل "العتقا" أن النيل يحضن بلدهم، عشقها منذ بدء الخليقة، ولم يشبع من حضنها أبدًا، ولأنها الماضى الذي يضرب بجذوره فى الأعماق، والحاضر فهى جنة العب كله).
وعبر الروائى الكبير يوسف القعيد، عن عمق سعادته بهذا التكريم من قبل المجلس الأعلى للثقافة بما يحمله من أهمية ومكانة كبيرة، وتحدث بدوره عن فن الرواية مؤكدًا أن نجيب محفوظ هو المؤسس الحقيقى للرواية المصرية، إذ أسس مدرسة روائية فريدة، متجاوزًا تجربة محمد حسين هيكل؛ فنجد أن مشروع محفوظ الروائى يشهد على عمق رؤيته وإبداعه؛ حيث قدم أعمالًا خالدة تناولت مختلف جوانب الحياة المصرية، واهتم محفوظ بالواقع المعاصر فقدم لنا إرثًا أدبيًا لا يضاهى، وفى مختتم حديثه أكد الروائى يوسف القعيد أنه يفتقد شقيقه ورفيق دربه الراحل جمال الغيطانى، الذى ما زال حاضرًا فى نفوس كل محبيه، برغم رحيل جسده عن عالمنا منذ أعوام، مما يجعله فى كثير من الأوقات يستشعر أنه سيهاتفه ويتحدث معه طويلًا كما اعتاد كل منهما، وفى ختام الأمسية الاحتفالية حرص الأستاذ وائل حسين رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية بالمجلس على منح الروائى الكبير يوسف القعيد درع المجلس الأعلى للثقافة تكريمًا له على جهده الدؤوب، وعرفانًا بما قدمه من أعمال روائية وقصصية عديدة خلال مسيرته الثقافية الحافلة بالإبداع.