رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مسرح انتصار أكتوبر

5-10-2024 | 15:09


مسرحية لانتصار أكتوبر

د. سيد علي إسماعيل

في هذا العام أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب أحد مشاريع الدولة المتعلقة بحرب أكتوبر بمناسبة اليوبيل الذهبي لمرور خمسين سنة على انتصارات أكتوبر المجيدة، وهذا المشروع عنوانه «حكايات النصر» ويشرف عليه اللواء الدكتور سمير فرج، وأول إصدار في هذا المشروع كان كتاب «مسرح انتصار أكتوبر.. اليوبيل الذهبي 1973 – 2023» لمؤلفه «جبرتي المسرح العربي» الأستاذ الدكتور بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة حلوان. أما ديباجة المشروع المنشورة على غلاف الكتاب الخلفي - والتي توضح أهدافه - فتقول كلماتها: 

"منذ قديم الأزل تعاقب كل شيء، الشمس والقمر، الليل والنهار، وأجيال وشعوب وثقافات على أرض مصر البهية الأبية .. تعاقبت عليها أمواج وسلاسل من محاولات العدوان والطمع والتطلع إلى الأرض وخير الأرض، وكل الحكايات التي نُسجت في ثوب تاريخ المحروسة بقيت خالدة وصار لها إكليلاً ذلك النصر العظيم ليحيك أقوى حكايات النصر في العصر الحديث، حكايات النصر العظيم في السادس من أكتوبر المجيد، كل من حارب وكل من شهد وعاش بين طيات حقبة النصر المُبين، وكل باحث شغف بالنصر وكل مُبدع، يحكون لنا – ما بين نثرٍ وشعر ومسرح كي تُخلد الكلمات – بين طيات هذه الصفحات – حكايات النصر .. وليبقى النصر المصري في السادس من أكتوبر مُخلداً في ذاكرة الأجيال المُتعاقبة وخالداً في وعي الشعوب والأمم ما بقي الزمان".

وقال الأستاذ الدكتور «جبرتي المسرح العربي» في مقدمة الكتاب الأول من المشروع: كتبت هذا الكتاب بمناسبة الاحتفال بانتصارات أكتوبر عام 1973 حيث إن الاحتفال بهذه المناسبة في عامنا هذا، هو احتفال خاص لا يتكرر إلا مرّة واحدة في العمر!! فهو الاحتفال بمناسبة مرور خمسين عاماً على هذا الانتصار المجيد، أي أنه «اليوبيل الذهبي» لهذه الذكرى العطرة، وبهذه المناسبة، أقول: أخيراً عزيزي القارئ أصبح لانتصار أكتوبر مسرح!! وأصبح لمسرح انتصار أكتوبر كتاب!! لا تتعجب يا عزيزي .. فعلى الرغم من مرور خمسين عاماً على انتصار السادس من أكتوبر عام 1973 إلا أن مسرحه غير موجود .. وغير مكتوب .. وغير منشور .. وغير معروض!! هذه هي الحقيقة المؤلمة!! فلو كنت معاصراً لهذه الحرب وحاولت أن تتذكر أسماء المسرحيات المنشورة أو المعروضة عن هذا الانتصار خلال العام الأول من أكتوبر 1973 إلى أكتوبر 1974، ستجد نفسك في مأزق ولن تسعفك ذاكرتك باسم مسرحية واحدة منشورة في هذا العام!! وربما تتذكر أسماء بعض المسرحيات التي عُرضت في العام الأول، ورغم ذلك لن تسعفك ذاكرتك بعدد مساوٍ لعدد أصابع اليد الواحدة لأسماء هذه العروض!!

ولو سألتك عزيزي القارئ عن رأيك في مسرحيات انتصار أكتوبر - التي تكاد تتذكرها - ستقول: إنها مسرحيات بسيطة كونها كانت استجابة سريعة للانتصار، ولا تُعدّ مسرحيات بالمعنى الفني - أو الأدبي - للتعبير الحقيقي عن هذا الانتصار الكبير!! ولو وافقتك على رأيك هذا - كونه رأي الأغلب الأعم - وسألتك: ما هي أسماء المسرحيات المنشورة أو المعروضة بعد انتصار أكتوبر بسنوات - وحتى الآن - والتي عبّرت بحق عن هذا الانتصار الكبير؟! للأسف الشديد يا عزيزي .. ستصمت لأن ذاكرتك لن تُسعفك بأي أسماء، لسبب بسيط وهو عدم وجود مثل هذه المسرحيات التي لم تُكتب منذ انتصار أكتوبر 1973 وحتى الآن .. ولن تُكتب مستقبلاً!!

الإجابة على هذه الأسئلة - وأكثر منها - ستجدها داخل كتاب «مسرح انتصار أكتوبر»، وستجد أيضاً توثيقاً لكل صغيرة وكبيرة عن الحركة المسرحية المصرية المصاحبة لانتصارات أكتوبر طوال العام الأول من أكتوبر 1973 إلى أكتوبر 1974. وهذا التوثيق ستقرأه لأول مرة، حيث لا يوجد كتاب وثّق لتفاصيل العام الأول من مسرح انتصار أكتوبر، ولا حتى مجلة «المسرح» لأنها بكل بساطة كانت متوقفة ولا تصدر!!

عزيزي القارئ .. في هذا الكتاب ستقرأ أدق التفاصيل عن أحداث مسرحية واكبت انتصار أكتوبر - طوال العام الأول - وستقرأ عن مسارح لم تسمع بها، وأسماء مسرحيات لا تعلم حقيقتها، ونصوص مسرحية لا تتخيل وجودها .. إلخ المفاجآت والجديد الذي ستقرأه عن مسرح انتصار أكتوبر بعد مرور خمسين عاماً!! أما الجديد بحق في هذا الكتاب أنك ستقرأ عن نصوص مسرحيات مخطوطة غير منشورة - رغم عرض أغلبها على خشبات المسارح - وستقرأ كلمات نقدية متنوعة بأقلام نُقاد وكُتّاب كبار، مثل مسرحية «حبيبتي يا مصر» لسعد الدين وهبة، وكتب عنها الأستاذ «باسم صادق» الناقد المسرحي بجريدة الأهرام. ومسرحية «حدث في أكتوبر» لإسماعيل العادلي، وكتب عنها «عمر توفيق». ومسرحية «أغنية للحياة» لإبراهيم محمد علي، وكتب عنها الأستاذ «مجدي محفوظ». ومسرحية «الحمام على برج أكتوبر» لعبد العزيز عبد الظاهر، وكتبت عنها الأستاذة «صفاء البيلي».

وتشجيعاً لشباب الباحثين في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام 2015 - عندما كنت رئيسه - أشركتهم في كتابة مقدمات أو قراءات لبعض مسرحيات انتصار أكتوبر، ونجحوا في ذلك بفضل متابعة كل من الأستاذ «رضا فريد يعقوب» - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته - والأستاذة «رانيا بشر» شفاها الله وعافاها .. ومن هؤلاء الشباب: «أحمد عادل» الذي كتب عن مسرحية «السويس 24» لفتحي رأفت. و«علي داود» الذي كتب عن مسرحية «العبور» لجلال العشري. و«أسماء صلاح» التي كتبت عن مسرحية «يا صباح النصر يا مصر» لحسين محمود إسماعيل. و«رنا عبد القوي» التي كتبت عن مسرحيتي «في حب مصر» لسمير عبد الباقي، ومسرحية «يوم ستة شهر عشرة سنة 73» تأليف جماعي. و«دعاء الألفي» التي كتبت عن ثلاث مسرحيات هي: «رصاصة .. شظية .. حفنة رمال» لسعيد عبد الغني، ومسرحية «عبور» لحمدي عباس، ومسرحية «هيلا هيلا يا مصر» للسيد طليب. أما «حسن الحلوجي» فكتب عن خمس مسرحيات، هي: «الطريق للبوابة التاسعة» لأحمد رفعت متولي، ومسرحية «أنشودة سيناء» لماجد يوسف وسمير عبد الباقي، ومسرحية «حدث في القنطرة شرق» لمحمد سالم وزغلول الصيفي، ومسرحية «دموع الأخطبوط» لعلي عبد المنعم ومحمود السبكي، ومسرحية «وطلع النهار» لإبراهيم الحفني قطب.

وهناك نصوص أخرى لم يحالفها الحظ من القراءة أو الكتابة عنها، كونها ما زالت مخطوطة ولم تنشر حتى الآن!! هذه النصوص تفتح المجال أمام الباحثين لكتابة أبحاث ورسائل علمية حول مسرح أكتوبر المجهول!! ومن هذه المسرحيات التي ستقرأ عنها في هذا الكتاب: «البركان» لأنور عبد الدايم، «الحب والحرب» لشوقي خميس، «العمر لحظة» ليوسف السباعي، «القرار» لسعيد عبد الغني، «الكل يعبرونها والعة» لنبيل بدران، «اليوم الكبير» لكريم المخزنجي، « انتقام السماء» لصلاح الدين أحمد عوض، «حُراس الحياة» لمحمد الشناوي، «سقوط بارليف» لهارون هاشم رشيد، «سنين الصبر» لعبد الحي عبده سرحان، «عبور الفلاحين أو ملحمة العبور» لمحمد محمود عبد العال، «عفاريت من ورق» لصلاح راتب، «عمار يا مصر » لمحمد توفيق، «عيلة 6 أكتوبر أو كارت للذكرى» لحمدي العدوي غيث، «قاهرة السادات: مصر 2000» لمحمد إبراهيم أبو العلا، «كفاح الأحرار» لمحمد رشاد عبد الرحمن.

وإذا تركنا كل ما سبق وذهبنا إلى الصحف المصرية يوم السبت السادس من أكتوبر 1973، لنرى توثيقها لمسرح هذا الانتصار، سنجد إعلاناً ضخماً، نشرته هيئة السينما والمسرح والموسيقى بوزارة الثقافة تُعلن فيه بأنها تقدم أقوى العروض المسرحية والاستعراضية خلال شهر رمضان المعظم، وترفع الستار في جميع مسارح الهيئة الساعة التاسعة والنصف مساء. ومن العروض - الموجودة في الإعلان - مسرحية «الإسكافية العجيبة» التي يقدمها المسرح القومي على مسرح جورج أبيض، بقلم عبد الرحمن بدوي، وإخراج نبيل الألفي! ومسرحية «العم النبيل» تأليف موليير وإخراج أحمد زكي، ويقدمها مسرح الجيب على مسرح زكي طليمات - مسرح 26 يوليو سابقاً - ومسرحية «الأميرة والبغبغان» إخراج فكري أمين وعنتر حافظ، ويقدمها مسرح القاهرة للعرائس على مسرح عزيز عيد - مسرح العرائس سابقاً - ومسرحية «ابن مين فيهم» اقتباس د.عمر وصفي وإخراج محمود عزمي، ويقدمها المسرح القومي على مسرح سيد درويش بالإسكندرية .. هذا ما نشرته جريدة «الجمهورية» يوم السادس من أكتوبر، وتوقعت أن هذا الإعلان سيتغير في اليوم التالي بعد إعلان الحرب وعبور الجيش المصري قناة السويس، واقتحامه خط بارليف! ولكن للأسف وجدت الإعلانات المسرحية كما هي طوال ثلاثة أيام من بداية المعركة!! والأغرب إنها كانت تتغير وتتنوع، وكأن البلد ليست في حرب!!

وإذا اتخذت جريدة «الأهرام» نموذجاً لهذا الأمر - في أيام 7، 8، 9 أكتوبر - سنجدها تُعلن عن مسرحية «أجمل لقاء في العالم» على مسرح محمد فريد، بطولة أمين الهنيدي وصفاء أبو السعود، ومن إخراج عبد المنعم مدبولي! ومسرحية «افتح يا سمسم» على مسرح عمر الخيام بالزمالك، ومسرحية «ولد وجنيه» على مسرح على الكسار بعماد الدين، ومسرحية «هالو دولي» على مسرح الزمالك الصيفي تقدمها فرقة الكوميدي المصرية، ومسرحية «جوليو وروميت» لفرقة ثلاثي أضواء المسرح على مسرح الريحاني، ومسرحية «نيام .. نيام» لفرقة تحية كاريوكا على مسرح ميامي، ومسرحية «مدرسة المشاغبين» إعداد علي سالم وإخراج جلال الشرقاوي على مسرح الحرية بشارع الشيخ ريحان! كما توجد إعلانات بها بعض التفاصيل، مثل مسرحية «مقالب عطيات» المعروضة على مسرح جورج أبيض بالأزبكية سابقاً، بطولة: سميحة أيوب، عبد المنعم إبراهيم، محيي إسماعيل، سلوى سعيد، أحمد الناغي، نجوى السيد، عمر ناجي، بالاشتراك مع سعيد خليل. وهي من إعداد سمير عبد الباقي، وديكور عبد المنعم كرار، وإعداد موسيقي محمود يوسف، والمخرج المساعد مجدي مجاهد، ومن إخراج سميحة أيوب. أما إعلان المسرح الحديث فجاء هكذا: تقدم فرقة توفيق الحكيم، عقيلة راتب، مديحة حمدي، يوسف شعبان، سلامة إلياس، محمد عبد المعطي، أحمد عفيفي، عبد العظيم بدار، محمود السيد، محمد عبد الحليم، في الكوميديا الجديدة «واحد ولا اتنين» اليوم والأيام التالية على مسرح سيد درويش بالإسكندرية، ديكور مجدي رزق، اقتباس أحمد عفيفي، المخرج المساعد عبد الغني زكي، الموسيقى التصويرية إبراهيم أبو المجد، إخراج عبد الرحيم الزرقاني.

ثلاثة أيام من بداية المعركة، كانت كفيلة لإقناع الجميع بأن بيانات وسائل الإعلام عن عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، هي بيانات حقيقية يجب تصديقها، لذلك تغير الوضع بالنسبة للمسرح المصري ابتداء من يوم 10 أكتوبر!! ففي هذا اليوم نشرت جريدة «الأهرام» إعلاناً ضخماً يساير ظروف المعركة والانتصار المنتظر، قالت فيه تحت عنوان «الدخول مجاناً»: 

"هيئة المسرح بوزارة الثقافة، تفتح أبواب مسارحها للجمهور بدون مقابل، مشاركة من هيئة السينما والمسرح والموسيقى - قطاع المسرح والموسيقى - في التعبئة الوطنية لجماهير شعبنا الواعي. فقد تقرر فتح أبواب مسارح الهيئة للجمهور بدون مقابل، وسوف تكون برامج الفرق المسرحية التابعة للهيئة على النحو التالي: المسرح القومي ويقدم مسرحية «أقوى من الزمن» تأليف يوسف السباعي وإخراج نبيل الألفي على مسرح جورج أبيض - الأزبكية سابقاً - اعتباراً من يوم الخميس 11 أكتوبر 1973. ومن الاثنين 15 أكتوبر 1973 ستقدم مسرحية «صلاح الدين» مع قراءات شعرية. أما المسرح الحديث فيبدأ برنامجه الغنائي الموسيقي التمثيلي «مدد مدد .. شدي حيلك يا بلد» مع قراءات شعرية على مسرح يوسف وهبي - مسرح الجمهورية سابقاً - ابتداءً من يوم السبت 13 أكتوبر 1973. ومسرح الجيب يبدأ يوم الخميس 11 أكتوبر 1973 بعرض مسرحية «الغول» مع قراءات شعرية على مسرح زكي طليمات 26 يوليو سابقاً. والفرقة القومية للفنون الشعبية تقدم لوحات وتابلوهات راقصة تحكي قصص البطولات العظيمة التي حققها شعبنا الباسل، على مسرح يوسف وهبي - الجمهورية سابقاً - وذلك حتى يوم الجمعة 12 أكتوبر 1973. وفرقة رضا تقدم عروضاً استعراضية جديدة تعبر عن كفاح الشعب المصري في المعارك التي خاضها من أجل الحرية والحياة، مع قراءات شعرية تسبق العرض وذلك اعتباراً من يوم الخميس 11 أكتوبر 1973 على مسرح أم كلثوم - مسرح البالون سابقاً بالعجوزة - ترفع الستار الساعة 8 مساء في جميع المسارح .. والدعوة عامة لكل أفراد الشعب".