عامًا على الإبادة.. مصر السند والشقيق للشعب الفلسطيني
لأكثر من سبعين عامًا، دعمت مصر القضية الفلسطينية بشكل لم يلحقها فيه لاحق، إيمانًا منها بحق الشعب الفلسطيني الراسخ، الذي أخرج من أرضه من قبل محتل غاصب، يضرب بجميع قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط.
ومثلت عملية طوفان الأقصى، التي شنتها الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023، محطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، نظرًا لما أسفرت عنه من تداعيات، سخرتها تل أبيب في تزييف الحقائق.
وجعلت من تلك العملية، حجة لشن حرب إبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، دمرت بشكل فعلي 70 بالمائة من القطاع الإسكاني والمستشفيات والمدارس والكنائس، في مختلف أنحاء قطاع غزة، الذي يضم نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وأيقنت مصر بدورها، منذ اللحظة الأولى، أن إسرائيل لاتستهدف من وراء ذلك العدوان إلا إفراغ القطاع من أهله، بشكل يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، حيث أكدت في هذا السياق أن ذلك لن يحدث دون حل عادل، وفي كل الأحوال لن يحدث أبدًا على حسابها.
وتمثلت المطالب المصرية حيال الصراع، منذ اللحظة الأولى، أنه لا للتهجير القسري، لا للإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، ضرورة تحقيق وقف إطلاق النار، ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية من ماء وطعام ودواء لقطاع غزة دون قيد أو شرط، التأكيد على وقف استهداف المدنيين في قطاع غزة.
إدخال المساعدات إلى القطاع
ومع فرض إسرائيل لحصار كامل ضد أهالي قطاع غزة، تحت شعار:"لن يكون هناك طعام، لن يكون هناك وقود"، فضلًا عن قطع الماء، عملت مصر جاهدة على تيسير إدخال المساعدات إلى غزة، من خلال معبر رفح الذي بات بوابة العالم إلى القطاع.
في غضون ذلك، قدمت مصر نحو 87 بالمائة من المساعدات التي دخلت إلي القطاع، خلال 200 يوم من العدوان، حيث بلغ حجم الأدوية والمستلزمات الطبية التي أدخلتها إلى القطاع عبر معبر رفح 10868 طنًا، ونحو 10235 طنًا من الوقود، و129329 طنًا من المواد الغذائية، و26364 طنًا من مياه الشرب، فيما بلغت كميات المواد الطبية التي دخلت القطاع من معبر رفح 43073 طنًا، بجانب 123 سيارة إسعاف مجهزة، حسبما أشارت إليه التقديرات.
أما فيما يتعلق بالفترة المتبقية، فقد شددت إسرائيل حصارها على القطاع، منذ مطلع مايو الماضي، بإغلاق معبري رفح وكرم أبوسالم، ما حال دون دخول المساعدات.
مساعي وقف إطلاق النار
وحاولت مصر جاهدة من خلال محادثات غير مباشرة استضافتها بين حماس وإسرائيل التوصل إلى حل ينهي معاناة الشعب الفلسطيني، لكن تلك الجهود قوبلت بتعنت إسرائيلي واضح، أدي إلى إفشال أي مسار لتهدئة.
ففي ليلة الـ 30 نوفمبر الماضي، كثفت مصر وقطر اتصالاتهما من أجل تمديد الهدنة القائمة في قطاع غزة، إلا أن تلك المساع قوبلت بتعنت إسرائيلي بحت، إذ اختارت مواصلة حربها على القطاع، دون القبول بأي عرض مقدم لاستكمال مسار التهدئة حتى ولو ليوم إضافي.
وفي هذا السياق، قدمت مصر في شهر ديسمبر الماضي مقترحًا لهدنة بين حماس وإسرائيل في محاولة منها لتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف المعنية، سعيًا وراء حقن الدماء الفلسطينية، ووقف العدوان على قطاع غزة، وإعادة السلام والاستقرار للمنطقة، وتمت صياغة هذا الإطار بعد استماع مصر لوجهات نظر كل الأطراف المعنية بهذا الشأن.
لكن إسرائيل كان دائمًا تحول دون الوصول إلى تهدئة، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه تهديد من وزراء حكومته بالانسحاب من الحكومة في حال التوصل لاتفاق مع حركة حماس، وفي حال حصول تلك التهديدات فستسقط الحكومة الإسرائيلية، ما يعد تهديد لمستقبل نتنياهو السياسي، الذي يعتبره أولوية.
بات ذلك التعنت جليًا في الـ6 مايو الماضي، عندما قبلت حماس بالمقترح الذي صاغته "تل أبيب" بشأن وقف إطلاق النار، فيما أكد مجلس الحرب الإسرائيلي مواصلة العمل العسكري في القطاع.
وعلى هذا النحو، لم تسفر أي مفاوضات بين حماس وإسرائيل عن نتائج تذكر، جراء عدم تجاوب تل أبيب مع مطالب الأولى، التي تتمسك بتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار.
ومن جهتها، أكدت مصر أن الدلائل تواترت بشكل يؤكد غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي لإنهاء تلك الحرب، إمعانًا في استمرار المعاناة الإنسانية للفلسطينيين تحت وطأة كارثة إنسانية دولية يقف العالم عاجزًا عن وضع حد لها.