عام على أحدث غزة..سياسيون : مصر استطاعت تغيير الرأي العام العالمي وأعادت تصدير القضية الفلسطينية للمشهد
جهود حثيثة بذلتها الدولة المصرية، على مدى عام كامل، في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، التي تدخل الحين عامها الثاني، دون أي مؤشرات تشير إلى انفراجة قريبة في المشهد الراهن.
ومنذ اللحظة الأولى لبدء العدوان على غزة، أيقنت مصر أن ذاك الدمار المُلحق بالقطاع، من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، لايرمي إلى تحقيق أهداف الحرب المزعومة، بل يستهدف تهجير أبناء الشعب الفلسطيني بدرجة الأولى، بما يحقق تصفية القضية الفلسطينية، تحت هذا الغطاء.
وبناء عليه، أكدت مصر بشكل واضح على موقفها الرافض لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسريًا، أو خلق الظروف التي تجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها.
وحاولت مصر جاهدة من خلال محادثات غير مباشرة استضافتها بين حماس وإسرائيل التوصل إلى حل ينهي معاناة الشعب الفلسطيني، لكن تلك الجهود قوبلت بتعنت إسرائيلي واضح، أدي إلى إفشال أي مسار لتهدئة.
بدورها، أكدت مصر أن الدلائل تواترت بشكل يؤكد غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي لإنهاء تلك الحرب، إمعانًا في استمرار المعاناة الإنسانية للفلسطينيين تحت وطأة كارثة إنسانية دولية يقف العالم عاجزًا عن وضع حد لها.
في غضون ذلك، أجمع خبراء على أن الدولة المصرية بذلت جهود مضنية على أكثر من صعيد في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، لكنها أعيقت بتعنت إسرائيلي ملحوظ.
وأكد الخبراء على أن الدبلوماسية المصرية أعادت تصدر القضية الفلسطينية على المشهد العالمي بعد أن كانت قد تراجعت نسبيًا أمام قضايا أخرى انشغل بها العالم.
وأوضحوا أن التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة ما إلا نتاج لإستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، الأمر الذي حذرت منه مصر مرارًا وتكرارًا.
مصر أعادت تصدر القضية الفلسطينية
وفي هذه الإطار، يؤكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر بذلت دور كبير على الصعيد الدبلوماسي في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأشار في حديثه لـ"دار الهلال"، إلى أن مصر شاركت في محاولات عديدة من أجل الوقف العدوان سواء من خلال المفاوضات أو الوساطة أو تقديم مقترحات، فضلًا عن عمله على تقريب وجهات النظر.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن مصر لطالما نادت إلى تطبيق قواعد الشرعية الدولية، حتى لاتنجرف دول أخرى إلى هذا الصراع، بما يؤدي إلى اتساعه، متابعًا:"هذا ما نشاهده اليوم"، في إشارة منه إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، خاصة العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وأفاد بأن الدور المصري بدء منذ اللحظة الأولى للعدوان، ولايزال مستمر حتى هذا اليوم، لكن العرقلة لهذه الجهود كانت تأتي دائمًا من الجانب الإسرائيلي، الذي كان يعوق إنفاذ القرارات الناتجة عن العملية التفاوضية، كما أنه كان لايستجيب للوسطاء.
وأردف إن الدور المصري ساهم في التعريف بحقيقة الأحداث الجارية، ما ساهم في إظهار الإجراءات الإسرائيلية على حقيقتها أمام العالم، هذا بالإضافة إلى أن الإتصالات المكثفة التي أجريت على أكثر من صعيد، أعادت القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى "بؤرة الإهتمام" بعد أن كانت قد تراجعت نسبيًا أمام قضايا أخرى انشغل بها العالم.
ومضى موضحًا أن العدوان على غزة هو "المتغير الأصلي"، الذي ترتب عليه جميع التداعيات التي تشهدها المنطقة، حيث أصبح الصراع على صعيد أوسع نطاقًا، وهذا ما حذرت منه مصر مرارًا، بأن يتسع نطاق الصراع، وألا تقتصر الأمور على غزة.
الموقف المصري لايحتاج لشاهد
وبهذا الخصوص، يؤكد الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، أن الموقف المصري من القضية الفلسطينية عمومًا، والعدوان على قطاع غزة خصوصًا، لايحتاج لمن يشهد له.
وأوضح في حديثه لـ"دار الهلال"، أن هذا الدور لم يقتصر على فترة السابع من أكتوبر 2023، وما تلاها، بل إنه ممتد على مدار القضية الفلسطينية بأكملها، حيث بذلت مصر كل الجهود الممكنة على الصعيد الدبلوماسي، والسياسي، والعسكري أيضًا، بغرض حماية تلك القضية.
ويتجلى ما قدمته مصر، منذ السابع من أكتوبر 2023، من خلال الدعوة إلى قمة القاهرة لسلام، وتواصل مع زعماء العالم سواء في المحيط العربي أو المحيط العالمي، فضلًا عن تواصل مع الأطراف المباشرة، سواء في الجانب الفلسطيني أو الاحتلال، في إطار محاولاتها لحقن الدماء، بحسب أستاذ العلوم السياسية، الذي أشار إلى أن الجانب الإسرائيلي غالبًا ما كان يتعمد إفساد تلك الجهود.
وأكد على أن الجهود المصرية لاتزال مستمرة حتى يومنا هذا، لأن مصر تتبنى فكرة الحل الدبلوماسي، بما ينقل الوضع من مسار العدوان إلى مسار سياسي، يجري من خلاله تنفيذ مبدأ حل الدولتين.
وأوضح أن الدبلوماسية المصرية كان له دور كبير في تغيير وجهة النظر العالمية حول القضية الفلسطينية، مستدلًا بالمظاهرات التي ضربت مختلف مدن العالم، للمطالبة بوقف العدوان على غزة، هذا بالإضافة إلى مظاهرات طلاب الجامعات الداعمة للحق الفلسطيني.
وأردف سلامة، أن مصر نجحت في استثمار ذلك كأداة من أدوات الضغط على الدول لحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، والإعتراف بالدولة الفلسطينية، وكان هذا نتاج لدبلوماسية الناجحة التي سلكتها مصر إيمانًا بعادلة تلك القضية.
وأشار إلى أن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان له دور بشكل مباشر في توسع الصراع على النطاق الإقليمي، معقبًا:"هذا ما حذرت منه مصر لأكثر من مرة".
ولايشير استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى دخوله العام الثاني، إلا لوجود خطة إسرائيلية خبيثة، ترمي إلى إبادة الشعب الفلسطيني من جهة، وتصفية القضية الفلسطينية من جهة أخرى، وفقًا له، مشيرًا إلى أن مصر كانت ولازالت عقبة كؤود أمام تلك المحاولات.