عام على أحداث غزة .. هل حققت إسرائيل أهداف حربها على القطاع؟ خبراء يجيبون
دخلت إسرائيل حربها على قطاع غزة، زاعمة تحقيق أهدافها في غضون أيام قلائل، لكن سرعان ما تبين لحكومة حربها، أن الأمر يتطلب حتى بداية عام 2024، لكن الأقدار شاءت أن يقضى أجل تلك الحكومة، ولاتضع الحرب أوزراها.
القضاء على حماس.. وتحرير سراح المحتجزين.. وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لأمن إسرائيل.. هي أهداف إسرائيل المزعومة من حربها على القطاع، التي تشير جل آراء المراقبين إلى أنها فشلت في تحقيق تلك الأهداف جملة وتفصيل، على رغم من أن الحرب تدخل الساعة عامها الثاني.
وبات العام أمام مشهد مخزي خلقته آلة الحرب الإسرائيلية، التي خلفت ما يزيد عن 139 ألفًا بين شهيد وجريح، بينما لايزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لاتستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وتشير التقديرات العبرية إلى أن رحى الحرب قد تظل دائر في قطاع غزة حتى مطلع عام 2025 على أقل تقدير، وليس من المستبعد أن نرى سيناريو مفتوح على شاكلة الحرب الأمريكية في فيتنام.
واختلفت آراء مراقبين فيما إن كانت إسرائيل حققت أهدافها المنشودة من حربها على غزة، لكنهم أجمعوا في الأخير على أن أهالي القطاع دفعوا ثمنًا ليس بالهين جراء آلة الحرب الإسرائيلية.
إسرائيل فشلت في حربها
ويؤكد اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية، أن عملية طوفان الأقصى، التي شنتها الفصائل الفلسطينية كانت ناجحة، لأنها ضربت إسرائيل في أكثر من صعيد، يأتي في مقدمة ذلك أن المخابرات الإسرائيلية فشلت في التنبؤ بها.
بالمقابل، لم يكن الرد الإسرائيلي عليها ناجح، حيث فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها من الحرب، حتى الآن، ما وضعها في حرج شديد، بحسب ما يذكره "الحلبي" في حديثه لـ"دار الهلال"، الذي أشار إلى أن تلك الأهداف، هي استهداف حماس وتدمير إمكانياتها البشرية، تحرير الرهائن بالعمل العسكري، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لأمن إسرائيل.
وأردف:"وحتى تمضي الأمور في السياق الصحيح، فإن الرد الفعل الإسرائيلي، كان مدمرًا بالنسبة للمدنيين، حين فشل في التوصل بشكل كامل لحماس، ما أسفر عن استشهاد ما يزيد عن 41 ألف فلسطيني، وإصابة آلاف آخرين، فضلًا عن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية"، مؤكدًا على أن الثمن الذي دفعه قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي لم يكن بالهين.
وفي رأي الخبير العسكري والإستراتيجي، أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها من الحرب، رغم أنها بالفعل قامت بتدمير القطاع، في ظل صمت من المجتمع الدولي، ودعم أمريكي لامحدود لـ "تل أبيب".
ويعكس استمرار القتال حتى الآن في القطاع، كما هو حاصل في "جباليا" أن الفصائل الفلسطينية لايزال لديها القدرة على المقاومة، وإحداث خسائر في القوات الإسرائيلية، التي تعمل بالتوازي على استهداف المدنيين، وفق الحلبي.
ورأى أن ذلك الرد مؤلم بالنسبة للمدنيين، وهو أمر ليس لصالحهم، مختتمًا بأن الحكومة الإسرائيلية ترفض مسار المفاوضات ومقترحاته، سواء من مصر أو قطر أو أمريكا.
الهدف الإستراتيجي تدمير القطاع
ومن جهته، يقول الدكتور عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، إن إسرائيل نجحت في تحقيق هدفها الإستراتيجي من الحرب، وذلك عن طريق تدمير القطاع، وجعله بيئة طاردة لسكان على مدى سنوات قادمة، مما سيسهم بشكل أو بآخر في الهجرة الطبيعية.
وأوضح "مطاوع" في حديثه لـ"دار الهلال"، أن إسرائيل نجحت بشكل عملي في القضاء على الجزء الأكبر من قدرات حماس العسكرية، حيث بات ذلك واضحًا من تراجع العمل العسكري للفصائل الفلسطينية اتجاه إسرائيل، وفي الوقت نفسه، نجحت في اغتيال معظم القيادات العسكرية، حيث لم يتبقى من المجلس العسكري لحماس سوى ثلاثة أفراد.
كما نجحت في إطالة أمد الحرب بغطاء أمريكي، بهدف التدخل لتحديد اليوم التالي للحرب، وترسيخ واقع يتعلق ببقاء قوات إسرائيلية بالقطاع في نهاية الحرب، وفقًا له.
وفيما يتعلق بالأسرى، يقول المحلل السياسي الفلسطيني، إن ذلك الملف لم يكن بالألوية بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بدليل أن عدة مرات كانت إسرائيل تقتل أسراها، أو تسبب في مقتل عدد كبير منهم، دون اكتراث.
وأردف:"نتنياهو استطاع الحفاظ على ائتلافه الحكومي، وزيادة عدد المقاعد الخاصة به إلى 68، فضلًا عن أن الليكود نجح في استعادة صادرة استطلاعات الرأي، إضافة إلى أنه جرى استغلال الحرب للقضاء على قدرات حزب الله، حيث استهدفت أمينه العام وقيادت الصف الأول كما شاهدنا".
وفي رأيه أنه لايمكن الإقرار التام بفشل أو نجاح عملية عسكرية، إلا حين الوصول إلى النتائج السياسية، التي نجمت عن هذه الحرب، وحينها يمكن قياس مدى نجاح أو فشل إسرائيل، لكن حتى الآن وبشكل مؤسف فإن المؤشرات تشير إلى أنها ربما نجحت في تحقيق الجزء الأكبر من أهدافها، على رغم من أنها فشلت تكتيكيًا في بعض النقاط.
ويعتقد بأن الحرب ستستمر على الأقل حتى نهاية الإنتخابات الأمريكية، مشيرًا إلى أننا من الممكن ألا نرى تهدئة في حال فوز صديق نتنياهو دونالد ترامب، لذلك هناك جزء كبير من مخططات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بما في ذلك الإستيلاء على أراضي من الضفة الغربية يعتمد تنفيذه على نتائج تلك الإنتخابات.