رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الروائي السيد نجم: الاحتفاء الإبداعي بانتصار أكتوبر 1973 امتد لسوريا وفلسطين والأردن ولبنان| حوار

8-10-2024 | 14:24


الروائي السيد نجم

دعاء برعي

تكتسب أعمال القاص والروائي د.السيد نجم الإبداعية والنقدية التي تناول فيها انتصارات حرب أكتوبر، ميزة خاصة كونها تأتي من كاتب عايش الحرب وشارك فيها، وكان شاهدًا على الكثير من وقائعها وتأثيراتها على المجتمع المصري، واحتفاءً بذكرى نصر السادس من أكتوبر المجيد حاورت بوابة "دار الهلال" الكاتب الروائي د.السيد نجم فإلى نص الحوار..

بداية حدثنا عن تجربتك الإبداعة مع الحرب؟

قبل تجربة حرب 73 لم أكن أعرف الكثير مما أقرأ عن حقيقة معدن الإنسان المصري، وماذا تعني مقولة أنه يحمل تراث حضارة عمرها سبعة آلاف سنة. وبعد تجربتي عرفت المعنى، المعاني الغامضة كلها!"

بدأت التجربة الإبداعية متزامنة مع جملة الأحداث خلال تلك الفترة. نشرتُ عددًا غير قليل من القصص القصيرة قبل المعارك وبعدها، وقد جمعتها فى مجموعتي القصصية "أوراق مقاتل قديم"، وهناك قصص لم تجمع فى كتاب، ونشرت فى مطبوعة صدرت خلال أيام المعركة ولمدة سنتين تقريبًا من انتهاها وسميت "مجلة الشباب.

عقب عودتك من الحرب.. ما هي الخطة التي اتخذتها للتعرف على عالم الحرب في الإبداع؟ وما الذي خرجت به؟

فور الانتهاء من حمية المعارك، كانت خطوتي بقراءة ودراسة كل ما يتعلق بالحرب أدبيًا، سواء من روايات وقصص أو قراءات حول جوهر خصوصية تلك التجربة ذات الأبعاد الخطيرة على الأفراد والمجتمع كله.. حتى كان أول كتاب يدرس تنظيريًا فى "أدب الحرب" بعنوان" الحرب: الفكرة- التجربة- الإبداع" وهو أول كتاب تنظيري لأدب الحرب وقد صدر عن هيئة الكتاب عام 1995م. ومع نشر هذا الكتاب كان نشر أول رواية كتبتها عن التجربة الحربية وهى: "السمان يهاجر شرقًا" إلا أنها نشرت بعد نشر روايتي "أيام يوسف المنسي.

وتوالت بعد ذلك أصداء معايشتى لتجربة حرب 73 فى عدد غير قليل من الدراسات والإبداعات، وهى: قسم كامل من مجموعة قصص "عودة العجوز ﺇلى البحر" بمناسبة مرور 25سنة على معارك 73.. وأيضا "يا بهية وخبريني" روايات قصيرة عن الكتاب الفضي الصادر عن نادى القصة.. ثم مؤخرًا رواية "حصار الحمام الأبيض" عن هيئة الكتاب، وتلاحظ للنقاد أن ملامح التجربة متواجدة فى الكثير من الرويات، سواء فى الشخصيات أو الأحداث، وهناك العديد من كتب الدراسات فى أدب الحرب وأدب المقاومة: "المقاومة والقص في الرواية الفلسطينية.. الانتفاضة نموذجًا"، و"المقاومة والحرب فى الرواية العربية"، و"أدب المقاومة.. فى الفكر والإبداع" وغيرها.

وأدب المقاومة لم يلق الاهتمام الواجب، فليس فيه دعوة للحرب بقدر أنه يكشف لنا عن ذواتنا وذوات الآخرين، ويجعلنا نفهم، ومن المهم أن نتسلح بالفهم لأنفسنا وللآخر.  فلن يدهش الراصد للإبداع الأدبي خلال معارك أكتوبر73، وما بعدها (وحتى الآن) من كم ما نشر ولم يلق الاهتمام النقدي الواجب، بينما "إبداع أدب الحرب" هو ذاكرة الشعوب للأجيال الجديدة، وحصن الشعوب فى مواجهة الصراع المتجدد دومًا.

هل اقتصر إبداع التجربة الحربية في أكتوبر 73 على مبدعي مصر وحدهم؟

 لم يكن إبداع التجربة الحربية فى أكتوبر73 قاصرًا على مصر وحدها، فقد شارك الإبداع الأدبي فى سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، وبدرجات متفاوتة. وهو ما يشير إلى أهمية هذا الحدث المفصلي فى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والتجربة الحربية ليست قاصرة على الجنود بالخنادق وفى الطائرات، بل تعتبر هذه التجربة تحديدًا من أهم وأخطر التجارب التي يمكن أن تعيشها الشعوب والأفراد معًا، وهى ليست عامة وحسب، بل من أهم التجارب الخاصة التي يعيشها الأفراد.. ومن هذا المعنى، فإن الأم أو الزوجة التي فى انتظار ابنها أو زوجها الرابض على جبهة القتال، تعد من أشد التجارب إنسانية، والتي يمكن أن توصف بأنها تجربة خاصة وعامة. وهناك قصص رصدت مشاعر الأطفال وأحوالهم خلال فترة المعارك.. ثم هناك لهفة العامة فى المدن والقرى لمتابعة الأنباء التي تذاع وتنشر عن سير المعارك وأحوال الجبهة.. وتتعدد زوايا الرؤيا عند المبدع، وكلها تعبر بصدق عن التجربة الحربية، ويعد من أدب الحرب، وهو ما تم بالفعل مع تجربة أكتوبر73.

وهل الإبداع الحربي في 73 اقتصر على فترة المعارك خلال ذات الشهر؟

من يظن أن الإبداع الحربي فى أكتوبر73، قاصرًا على فترة المعارك خلال شهر أكتوبر، يخطئ فى فهم ما كان منذ معركة "رأس العش" فى يونيو1967م، وهو شهر النكسة نفسه، حيث أعلن الإنسان المصري منذ الملاحظات الأولى من النكسة، رفضه لها، واستعداده لمتابعة المعارك حتى استرداد الأرض، وإعادة الحق المغتصب، وهو ما تحقق بالفعل، كما أن هناك الكثير مما يمكن أن يقال عن البطولات الفردية، وللوحدات الصغيرة، ولمعارك الطائرات فوق سماء الدلتا، وتشييد منصات صواريخ سلاح الدفاع الجوى، لبناء حائط الصواريخ الشهير.. وغيرها.

لذلك كله تعد التجربة الحربية فى أكتوبر73 والتعبير عنها، يتضمن أحداث نكسة يونيو67 وما استتبعها من أحداث حتى أكتوبر73م. 

أما وقد حدثت النكسة في عام 1967م، ثم كانت حرب الاستنزاف بعد تهجير سكان مدن القناة، ثم معارك أكتوبر 1973م.. كلها تكفلت بجيل كامل بدأ معها وما زال يعطى على الساحة الأدبية وقد رسخت أقدامه، ومنهم فى القصة والرواية: فؤاد حجازي، ويوسف القعيد، والسيد نجم، وجمال الغيطانى، وإبراهيم عبد المجيد، وفؤاد قنديل، ورجب سعد السيد، وعلاء مصطفى، ومحمد الراوي، وفتحي امبابى، وسمير عبد الفتاح، ومصطفى نصر، وفؤاد قنديل، وسعيد بكر، وأحمد حميدة، وقاسم مسعد عليوة، ومحمد عبد الله عيسى، وسيد الوكيل، وربيع الصبروت.. وغيرهم.

كما شارك الشعراء: صلاح عبدا لصبور، وعبد العزيز موافي، وأمجد ريان، وحلمي سالم، وعبدالمنعم رمضان، وأحمد عبدالمعطى حجازي، وعدد آخر يفوق أعداد كتاب القصة والرواية.

كيف ترى تأثير التجربة الحربية في أكتوبر 73 على الإبداع الأدبي؟

أؤكد على عدد من الحقائق، أهمها أن التجربة الحربية فى أكتوبر73، لها تأثيرها الفاعل والدائم على الإبداع الأدبي، ولم تكن زاوية الرصد للمبدع المصري مكتفية بالجانب المباشر من أدب الحرب، بل هناك العديد من الروايات التي تتسم بالفنية والتقنية العالية، حيث لعبت التجربة الحربية فى أكتوبر73م، دورها الأكيد في إثراء الإبداع الشعري والنثري، وهناك من الأسماء من أخلص للتجربة وما زال يعطي في مجالها باعتبارها تجربة "جيله" ومنهم "فؤاد حجازي"، و"قاسم مسعد عليوة" وغيرهم.

ما تقييمك لمجمل تجربتك؟

تجربتي الابداعية مع منجز الرواية والقصة القصيرة وأدب الطفل وكذلك دراسات تنظيرية فى أدب المقاومة.. كلها محصلة طبيعية لتجربتى التى بدأت أوائل عام 1971م حين تم تجنيدى ﺇلى ما بعد المعارك وحتى عام 1975م.. وربما بمعنى ما حتى الآن ما زلت أستحضر التجربة، فتجربة الحرب لها خصوصية وخصاص يعرفها كل من مارسها، وقد نشرت مؤخرا رواية "حصار الحمام الابيض بمناسبة مرور خمسين سنة على تجنيدى.