رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السيسى وسلمان علاقات قوية عصية على الاختراق

1-3-2017 | 15:04


بقلم: محمد حبيب

تتميز العلاقات المصرية السعودية بحالة من الخصوصية، فالبلدان هما جناحا الأمة العربية وقلب العالم الإسلامى، والعلاقات بين البلدين أعمق من كلمة أخوية وأهم من وصفها بالاستراتيجية، إنها علاقة تاريخية تمتد لأكثر من ٩٠ عاما.

على نهج سابقه الملك عبدالله وكل أشقائه ملوك السعودية، يسير الملك سلمان بن عبدالعزيز عملا بوصية الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود بضرورة الحفاظ على علاقات قوية مع مصر، وأن مصر إذا كانت قوية فالسعودية بخير، هذه هى وصية الملك عبد العزيز ويسير عليها الملك سلمان الذى أكد بمواقفه الشجاعة تأييد مصر والرئيس عبد الفتاح السيسى فى مسيرته للنهوض بمصر والتصدى لمحاولات التخريب والإرهاب.

من ناحية أخرى فإن الرئيس السيسى هو أكثر الرؤساء اهتماما بأمن الخليج وفى القلب منه أمن السعودية، وهو الذى صك مصطلح «مسافة السكة» تعبيرا عن سرعة التحرك المصرى إزاء أى تهديدات للسعودية ولدول الخليج، فمصر لا تتأخر عن أشقائها فى الخليج، وهى تأكيدات فعلية وليست أقوالا مرسلة، فمصر والسعودية دولة واحدة وشعب واحد. والعلاقات بينهما متأصلة وقوية وعصية على محاولات الاختراق أو التخريب من جانب أعداء البلدين، فالزعيمان عبد الفتاح السيسى وسلمان بن عبد العزيز تربطهما أواصر المودة والإخوة التى لا تتزعزع.

قطع الملك سلمان بن عبد العزيز الطريق منذ أيام على المزايدين ومن يصطادون فى الماء العكر ويسعون لزرع الخلافات.. «إن مصر قامت مرة أخرى.. مصر عادت من جديد» جاء ذلك خلال تفقد خادم الحرمين الشريفين الأجنحة المصرية فى مهرجان الجنادرية، وأثنى على الجناح المصرى المشارك فى المهرجان، مبديا سعادته بمشاهدة الجناح لمصرى والمشاركة المصرية المتميزة فى المهرجان بصفتها ضيف شرف الجنادرية هذا العام.

حفاوة سعودية بالغة من مشاركة مصر فى الجنادرية عبر عنها أيضا وزير الثقافة والإعلام السعودي، د.عادل الطريفي، الذى قال إن «مشاركة مصر بمهرجان الجنادرية للتراث، تثبت وترد على كل من يقولون ويحاولون إثارة مشكلة فى العلاقات المصرية السعودية، والعلاقات المصرية السعودية راسخة الجذور وأقوى من كل ما يتوهمون”، مؤكداً أن مصر دولة كبيرة وذات تاريخ وحضارة، وحضورها فى الجنادرية يضيف لهذا المهرجان كون مصر ضيف شرف.

وعلى المستوى الشعبى شهد الجناح المصرى، إقبالا جماهيريا كبيرا من السعوديين، وحازت منتجات مركز الحرف التقليدية والتراثية بالفسطاط، على نسبة عالية من الزيارات.

تصريحات الملك سلمان عن مصر فى الجنادرية لم تختلف عما أعلنه الملك سلمان عندما بويع ملكا للسعودية قبل عامين، حيث أكد فى أول خطاب له بعد توليه الحكم فى فبراير ٢٠١٥، أنه «سوف يسير على المنهج القويم الذى سنه المؤسس الراحل الملك عبد العزيز فى إقامة علاقات قوية مع مصر».

علاقة الملك سلمان بمصر ممتدة لأكثر من ٦٠ عاما فهو كان ضمن صفوف الشباب السعودى المتطوع للدفاع عن مصر خلال العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، ومنذ شبابه عرف عنه حبه لمتابعة الثقافة والكتاب المصريين، وزيارة مصر مرات عديدة.

ولعب الملك سلمان، فى عهد الملك عبد الله رحمه الله، دورًا مهمًا فى الدفاع عن مصر أمام منابر العالم، حيث وقفت الرياض مع القاهرة، ودعمت خريطة الطريق التى صدرت فى ٣ يوليو٢٠١٣ وحتى الانتخابات الرئاسية التى أفضت بالسيسى رئيسا لمصر، واستمر دعم المملكة فى عهد الملك سلمان للقاهرة على كل المستويات.

إذن حب الملك سلمان لمصر قائم قبل أن يصبح ملكا للسعودية بسنوات طوال وترسخ أكثر بعدما أصبح سلمان خادما للحرمين الشريفين وذلك عملا بوصية الملك عبد العزيز آل سعود، بضرورة الحفاظ على علاقة قوية بمصر.

وفى السطور التالية نبرز أهم المحطات فى علاقة الملك سلمان بمصر وتقديره للرئيس عبدالفتاح السيسى:

فى ٨ فبراير عام ٢٠١٥، أكد الملك سلمان، فى اتصال هاتفى تلقاه من الرئيس السيسي، أن «موقف المملكة تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير» مضيفا: «علاقة المملكة ومصر أكبر من أى محاولة لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين».

وفى ٢٨ مارس ٢٠١٥ كانت أول زيارة خارجية يقوم بها الملك سلمان إلى مصر، ترأس خلالها وفد المملكة إلى القمة العربية التى عقدت فى شرم الشيخ.

وفى ١١ نوفمبر ٢٠١٥ خلال أعمال القمة الرابعة العربية اللاتينية فى الرياض، أطلق الملك سلمان والرئيس السيسى مجلس تنسيق سعودى مصري، وشدد خادم الحرمين على ضرورة مواصلة التشاور والتنسيق القائم بين البلدين بما يحقق مصلحة الأمتين العربية والإسلامية، مؤكدًا وقوف المملكة إلى جانب مصر وحرصها على تعزيز التعاون معها فى مختلف المجالات.

لم يقتصر حرص الملك سلمان على دعم مصر داخليا فقط، ففى مايو ٢٠١٥ عقب زيارة السيسى للمملكة، عقد الرئيس السيسى مع الملك سلمان مباحثات عكست قوة ومتانة العلاقات بين البلدين وتطورات الأوضاع فى اليمن وأمن البحر الأحمر وتهديد حركة الملاحة الدولية.

واستمرت رغبة الملك سلمان فى تطوير العلاقات مع مصر وتقويتها على كل المستويات، ففى يوليو ٢٠١٥، وقع البلدان على إعلان القاهرة الذى يشمل الاتفاق على وضع حزمة من الآليات التنفيذية، وتشمل تطوير التعاون العسكرى والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، وتعزيز التعاون المشترك والاستثمارات، وتحقيق التكامل الاقتصادى بين البلدين.

وتوجت العلاقات المصرية السعودية بزيارة الملك سلمان إلى مصر فى أبريل الماضي، والتى استهلها الملك سلمان بالكتابة عن مصر على تويتر بالقول «لمصر فى نفسى مكانة خاصة، ونحن فى المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربى والإسلامي، حفظ الله مصر، وحفظ شعبها».

واستمرت تلك الزيارة ٣ أيام زار خلالها الملك سلمان الأزهرالشريف، وقابل البابا تواضروس بابا الكنيسة الأرثوذكسية كأول ملك سعودى يلتقى بابا الأقباط، وهى مقابلة عكست سماحة الأديان وكانت لفتة رائعة وذات دلالات قوية، كما ألقى الملك سلمان كلمة فى مجلس النواب أكد خلالها على وحدة مصير مصر والسعودية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات بين الجانبين المصرى والسعودي.

ودحضت تلك الزيارة الشائعات التى حاولت تسميم العلاقة بين البلدين الشقيقين، وعكست التلاحم العربى فى مواجهة التحديات التى تواجه الدول العربية والمنطقة فى المرحلة الراهنة، وكشفت للعالم كله أن مصر والسعودية دولة واحدة وشعب واحد، والدليل هو حالة الارتياح التى كان عليها المصريون خلال أيام الزيارة ومتابعتهم لنتائجها وتفاصيلها بتقدير وإعجاب وفرحة شديدة.

وعكست الزيارة تحقيق نقلة نوعية فى العلاقات بين البلدين، وعمل البلدان معاً من أجل تحقيق المصلحة المشتركة للشعبين المصرى والسعودي، وتنسيق الجهود حيال أزمات المنطقة، وإيضاح الصورة الحقيقية للإسلام الحنيف بوسطيته واعتداله ومجافاته للعنف والإرهاب والتطرف.

ومنذ ثورة ٣٠ يونيه وطوال ثلاث سنوات أمنت السعودية الشقيقة احتياجات مصر من الوقود، وهذا يعكس مدى قوة العلاقات، ويؤكد أنها النموذج الأمثل للعلاقات العربية، وتعنى أن العمل العربى المشترك بخير.

ومثلما أن الملك سلمان حريص على تقوية العلاقات مع مصر فإن الرئيس السيسى يعد أكثر الرؤساء اهتماما بالخليج وبخاصة السعودية وهو الذى دائم التأكيد على أن أمن السعودية والخليج من أولويات الأمن القومى المصرى وأن أمن الخليج خط أحمر لمصر، بل إن السيسى هو أول من صك مصطلح « مسافة السكة» للتأكيد على أن مصر لن تتأخر ثانية واحدةعن أشقائها فى الخليج إذا تعرضوا لأى تهديد كان .

لا يفوت الرئيس السيسى مناسبة إلا ويتحدث عن أمن الخليج وأنه جزء من الأمن القومى المصرى ومن ذلك تصريحات الرئيس فى حوار أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط فى مارس ٢٠١٥.

سئل الرئيس السيسى كيف ترون علاقات الرياض مع القاهرة ؟

قال : نحن فى مصر نؤمن أن العلاقة بين مصر والسعودية علاقة استراتيجية بامتياز، وهى ركيزة للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، والمسئولون فى البلدين مدركون لهذا الأمر المستقر والمتفق عليه منذ عهد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، الذى أدرك بحسه الاستراتيجى أهمية وضرورة دعم هذا التوجه، وقد سار على الدرب كل أبناء الملك بنفس الحرص والرغبة والقدرة على التنفيذ المخلص والأمين وبما يحافظ على هذه العلاقة.

وعندما سئل الرئيس عن العلاقة مع الملك سلمان قال: ننظر دون شك للعلاقة مع العاهل السعودى نظرة تحمل كل تقدير واحترام، ولن تنسى له مصر مواقفه المشرفة منذ أن تطوع فى الجيش المصرى فى حرب العدوان الثلاثي، وكذا مواقفه العروبية المساندة والداعمة لمصر فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، وسنكون حريصين كل الحرص على استكمال مسيرة العلاقات المتميزة مع الملك سلمان. وأستطيع أن أؤكد أننا سنعمل ليس للحفاظ على العلاقات فقط، وإنما لتطويرها مع تنفيذ كل الالتزامات أمام شعوبنا، بما يتسق ويتناسب مع المسئولية التى نتحملها، نظرا للمخاطر الحقيقية التى تهدد الوطن العربي. ونظرا لكل ما يحاك ضدنا وما يحدث من حولنا، يجعلنى أقول دائما يجب أن نعمل معا حتى نحافظ على بلادنا وشعوبها.

وعندما سئل الرئيس عن العلاقة بين مصر وإيران؟

أكد السيسى :أنه لدينا ٤ عناصر مهمة فى علاقتنا مع دول الخليج الأول: أمن مصر القومى يمر عبر دول الخليج، والثاني: أمن الخليج خط أحمر، والمحور الثالث: «مسافة السكة» التى تحدثت عنها سابقا. أما العنصر الرابع فهو إنشاء قوة عربية مشتركة. تخيل لو قمنا بمناورة مشتركة بين مصر والسعودية والإمارات والكويت، وعمل مناورات مشتركة بحرية وجوية وبرية، فمثل هذه الخطوة بالتأكيد تهدف إلى حماية دولنا وأمننا القومى وليست موجهة ضد أحد.

هل «مسافة السكة» لا زالت نفس المسافة السابقة؟

أكيد ولماذا تتغير؟ (وخلى بالك) عندما قلنا إن الأشقاء وقفوا معنا فى الأزمة التى مرت بمصر، فإننا نعتبر رد هذا الجميل من ضمن ثوابتنا وليست مجال تشكيك، ولن يتغير شىء فى الأمر لا اليوم ولا غدا.

ومن التصريحات المهمة للرئيس السيسى حول أمن الخليج، تصريحاته فى سبتمبر عام ٢٠١٥ التى قال فيها « إن الأمن القومى العربي، بما فى ذلك أمن منطقة الخليج العربي، يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى وأن مصر لن تتوانى عن تقديم كل سبل الدعم والمساندة للدول العربية الشقيقة فى حال تعرضها لأى اعتداء».

وبعدها بأيام قليلة وتحديدا أثناء افتتاح الرئيس السيسى مشروع «بشاير الخير ١» بالإسكندرية أ كد الرئيس “أن الأمن القومى العربى وأمن الخليج جزء من أمن مصر، ولن يستطيع أحد أن يفصلنا عن أشقائنا فى الخليج».

وكرر السيسى جملته قائلا «لن يستطيع أحد أن يتدخل فى العلاقات الأخوية والخاصة التى تربط مصر بأشقائها فى دول الخليج»، مؤكدا أن علاقات مصر مع دول العالم تسير بشكل متوازن.

واستمرت تصريحات السيسى تصب فى صالح أمن الخليج والدفاع عنه ومنها تصريحاته فى فبراير ٢٠١٦.

«إن مصر على أهبة الاستعداد للدفاع عن “أشقائها” فى الخليج فى حال تعرضهم لـ”تهديد مباشر”، وأن الجيش المصرى سيكون فى “مسافة السكة” فى حال تطلب الأمر، مؤكدا أن القوات المصرية العسكرية هى “جيش كل العرب».

وقال السيسى إن مصر تحترم إرادة الشعوب ولا تتدخل فى شئون الدول الأخرى ولكنها قادرة على صد أى هجوم، والرد على أى اعتداء أو تهديد مباشر سواء عليها أو على أشقائها، مؤكدا أنه «لا توجد أفضال بين الأشقاء وإنما كل الحب والتقدير والاحترام، وأن مصر لو كان لديها ما يكفى من الإمكانيات لما كانت ستتوانى عن تقديم كل الدعم لأشقائها العرب،» وذلك خلال استقباله وفدًا من الصحفيين والإعلاميين الكويتيين.

«وحتى بعد أن قامت شركة أرامكو السعودية بوقف الشحنات الوقود إلى مصر فإن السيسى أكد على أن مصر ستظل ملتزمة بعلاقاتها الوثيقة مع دول الخليج العربى».

وقال فى حواره مع رؤساء تحرير الصحف اليومية القومية فى أكتوبر الماضى إن العلاقات بين مصر والسعودية «استراتيجية وتاريخية ولا تعتريها أى سحابات».

وأضاف إن التناول الإعلامى وتداول الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعى هو الذى شكل هذه الصورة لكن لا توجد أى سحابة تعترى أجواء العلاقات المصرية السعودية.

وأشار إلى أن شحنة المواد البترولية هى جزء من اتفاق تجارى تم توقيعه أثناء زيارة الملك سلمان لمصر فى أبريل الماضي، ونحن عقب القرار أبرمنا التعاقدات اللازمة لتلبية احتياجاتنا، ولا نريد للأمور أن تأخذ أكبر من حجمها، فالعلاقة الأخوية والاستراتيجية بين مصر والسعودية لا تتأثر بأى شىء، ويجب عدم السماح بالإساءة لهذه العلاقات أو إثارة حالة من الشقاق فى هذه العلاقات، وللإخوة فى السعودية منا كل الشكر والتقدير على ما قدموه لمصر خلال الفترة الماضية.

وعلى مستوى الزيارات فإن الرئيس السيسى زار السعودية ٥ مرات فى عهد الملك سلمان وهى من أكثر الزيارات التى قام بها الرئيس لدولة خارجية وهو ما يعكس حرصه على العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة والرياض.

كما شاركت القوات المصرية فى المناورات العسكرية التى عقدت فى الخليج وأبرزها المشاركة المصرية فى مناورات رعد الشمال فى مارس ٢٠١٦ التى تم تنفيذها فى منطقة حفر الباطن بالمنطقة الشمالية وحضرها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فمصر تضع فى أولوياتها الاستراتيجية أمن الخليج وضرورة الحفاظ عليه باعتباره من أساسيات أمن مصر وتحقيق الأمن العربى.