خسائر جديدة سيتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، نتيجة لاستمرار الحرب على غزة والتصعيد في جنوب لبنان، بخلاف الضغط على المالية العامة بسبب ضخامة الإنفاق العسكري، وفق تقرير لمجلة "فوربس".
ونقلت المجلة في تقرير باللغة الإنجليزية عن بيتر ديكسون، رئيس إدارة مخاطر الدول في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "بي إم آي" التابعة لشركة الأبحاث فيتش سوليوشنز، قوله، مع استمرار الصراع في الشرق الأوسط، قد تقوم إسرائيل بشكل متزايد بتحويل الموارد من أنشطة القطاع الخاص الإنتاجية إلى الجهود العسكرية.
وحذر المسئول من أن ذلك له عاقبتين رئيسيتين فمن ناحية، سيستمر الضغط على المالية العامة في إسرائيل، حيث كان العجز يتجاوز الهدف البالغ 7.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024.
أما المشكلة الثانية فستؤدي إلى تفاقم النقص المتزايد في العرض، ما يفرض ضغوطاً تصاعدية على معدلات التضخم المرتفعة بالفعل في الأجور والأسعار.
وتابع، سوف يشكل هذا السيناريو معضلة للبنك المركزي، الذي سيتعين عليه الموازنة بين الحاجة إلى السيطرة على التضخم والمتطلبات لتوفير دفعة للنمو والحرص أيضًا على ضمان احتواء مخاطر الأصول في حالة تصاعد حالة عدم اليقين، فقد لا يكون لدى البنك مجال كبير لتقديم الدعم النقدي إذا تعرض النمو للضغوط.
وفق تقرير فوربس، في خضم الحرب، قفز عجز الميزانية الإسرائيلية في تسعة أشهر من هذا العام إلى 25 مليار دولار (92.8 مليار شيكل).
كما أشار ديكسون إلى أن تكاليف تمويل الحرب ستكون كبيرة، حيث من المتوقع أن يصل الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 70% بحلول نهاية عام 2025.
وأضاف أنه "على المدى الأبعد، فإن أحد المخاطر هو الضرر المحتمل لسمعة إسرائيل كموقع للأعمال، وهو ما قد يشجع العمال الأصغر سنا على الهجرة، الأمر الذي قد يضع ضغوطا على قطاع التكنولوجيا المهم".
وقال محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، وفق فوربس، إن الحرب كان لها تداعيات كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي ، وما زال الطريق أمامنا للعودة إلى النشاط الكامل للاقتصاد الإسرائيلي، مضيفا" تواجه إسرائيل تحديات اقتصادية كبيرة، والتعامل معها يتطلب اتباع سياسة اقتصادية مسؤولة، سواء مالية أو نقدية، لضمان استمرار القوة المالية والنمو الاقتصادي في المستقبل".
وتشير البيانات إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد خسائر كبيرة ويواجه أعباء مالية كبيرة بسبب تصعيد الصراع الذي بدأ في أكتوبر 2023.
وخفض البنك المركزي الإسرائيلي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في إسرائيل إلى 0.5% في عام 2024، مقابل 2% في العام الماضي.
وكانت التوقعات السابقة لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2024 نحو 1.5%.
ويرجع خفض توقعات النمو إلى تدهور الوضع الأمني في إسرائيل، والذي تسبب في انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي، وخاصة في الربع الأخير من عام 2024، وفقًا لبنك إسرائيل، وفق فوربس.
في وقت سابق من أكتوبر رفع البنك المركزي توقعاته للتضخم بنسبة 0.8%، ليصل متوسط معدل التضخم في عام 2024 إلى ارتفاع بنسبة 3.8% مقارنة بنحو 3.3% فقط في عام 2023.
في الوقت نفسه، رأى محللون اقتصاد في إسرائيل، أن إرجاء تحديد موازنة جديدة لإسرائيل للعام المقبل، يشكل إشارة تحذير للمستثمرين والإسرائيليين، ومن شأنه أن يكون علامة مدمرة بشأن صحة الاقتصاد الإسرائيلي.
وتعتزم الحكومة الإسرائيلية مناقشة مقترح لموازنة البلاد للعام المقبل في أواخر شهر أكتوبر الجاري - بدلا مما كان مفترضًا في أوائل الشهر وقراءتها الأولى في الكنيست بحلول منتصف نوفمبر المقبل.
وقد يعني عدم تمرير الموازنة بحلول نهاية العام الجاري، أنه سيتعين على الحكومة العمل وفقًا لمستويات إنفاق العام السابق إلى أن يتم الموافقة على الموازنة الجديدة.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في نسختها باللغة الإنجليزية أن الأمر قد يتسبب في ظهور مشكلات محتملة، حيث إن الحكومة تحاول مواجهة واقع وجود نازحين واحتياجات أمنية جديدة تمامًا، بالإضافة إلى مشروعات تأهيل هائلة وأمو أخرى، دون أن يكون هناك موازنة وضعت للتعامل مع تلك المشكلات، ما يمثل إشارة مدمرة فيما يتعلق بصحة الاقتصاد الإسرائيلي.
و أشارت الصحيفة إلى أن التأخير والفشل في تمرير الموازنة وتحقيق الأهداف التي حددها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، علناً كان له تأثير معاكس ما أدى إلى فقدان الثقة في قدرة إسرائيل على تجاوز هذه العاصفة.
ولفتت إلى أن الفشل في تحديد موازنة مسئولة والاستمرار في تأخيرها أو تمريرها دون التدابير اللازمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، من شأنه أن يظهر أن إسرائيل ليست على مستوى المهمة في التعامل مع الواقع الاقتصادي الجديد الذي تجد نفسها فيه.
وسوف يكون هذا مدمراً لثقة الإسرائيليين والمستثمرين، الذين تعتبر ثقتهم في الاقتصاد ضرورية، كما سيؤدي ارتفاع مستوى المخاطر إلى رفع معدلات الفائدة التي تدفعها إسرائيل على عجزها، وقد يدفع الإسرائيليين، إذا تُرِك الأمر دون رادع، إلى الرحيل والسعي إلى الأمن الاقتصادي لأنفسهم ولأسرهم في بلدان أخرى.
في أغسطس 2024، خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف إسرائيل للعجز عن سداد ديونها بالعملة الأجنبية على المدى الطويل من "A+" إلى "A" مع نظرة مستقبلية سلبية، وبالمثل، في 1 أكتوبر 2024، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيفها الائتماني السيادي طويل الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية لإسرائيل من "A+" إلى "A". والنظرة المستقبلية للتصنيفات طويلة الأجل سلبية.
وارتفع العجز في ميزانية إسرائيل في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري إلى 25 مليار دولار (92.8 مليار شيكل) مقارنة بـ1.1 مليار دولار (4.1 مليار شيكل) في الفترة نفسها من عام 2023، بحسب بيانات وزارة المالية الإسرائيلية.
ويتوقع بنك إسرائيل أن يؤدي امتداد الحرب إلى عام 2025 إلى قيود على العرض مما يعيق انتعاش النشاط الاقتصادي، في حين أن استمرار الحرب في العام المقبل سوف يزيد من العجز والديون بسبب ارتفاع نفقات الدفاع وتأثيرها على النشاط وعائدات الضرائب، مما يستلزم تعديلات إضافية في الميزانية.