رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


اكتشاف جديد يوثق الحدود الجغرافية لمدينة أوكسفورد

13-10-2024 | 18:22


جانب من الحفاير

إسلام علي

ألقت الاكتشافات الأخيرة في أكسفورد، وتحديدًا بالقرب من كلية أورييل، الضوءًا على تاريخ المدينة في العصر الأنجلو ساكسوني.

ونقلا عن موقع BBC، فمن خلال الحفريات التي أجرتها هيئة الآثار في أكسفورد، تم الكشف عن جزء مهم من النظام الدفاعي الذي يعود إلى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين.

ويضيف هذا الاكتشاف الكثير لفهم الديناميكيات التاريخية والجغرافية للمدينة، ويمثل خطوة هامة في حل الأسئلة المتعلقة بأصول أكسفورد وتطورها.

السياق التاريخي لأكسفورد في القرن التاسع الميلادي

كانت أكسفورد، كمدينة أنجلو ساكسونية، في الأصل محاطة بنظام دفاعي متطور لحماية مملكتها من غارات الفايكنج، وهذه الغارات شكلت تهديدًا كبيرًا على الممالك الأنجلو ساكسونية في إنجلترا، خاصة مملكتا ويسيكس وميرسيا، ولذلك، تم بناء شبكة من الحصون والمدن المحصنة، والتي شكلت خطوط دفاع متقدمة ضد هجمات الفايكنج، وكانت أكسفورد جزءًا من هذه الشبكة، واستُخدم خندق دفاعي كبير كجزء من هذه التحصينات.

الاكتشافات الأثرية: الخندق الدفاعي

خلال عمليات التنقيب بالقرب من كلية أورييل، عثر علماء الآثار على بقايا خندق دفاعي كبير يمتد من الشمال إلى الجنوب، بعمق يصل إلى 3 أمتار وعرض يصل إلى 20 مترًا.

يشير هذا الخندق إلى موقع الحدود الأصلية للمدينة، مما يؤكد أن أكسفورد في ذلك الوقت كانت أصغر بكثير مما أصبحت عليه لاحقًا في العصور الوسطى.

تم تأريخ بقايا النباتات المتفحمة التي وجدت داخل الخندق باستخدام تقنيات متقدمة، وأظهرت النتائج أن هذا الخندق قد تم بناؤه في الفترة ما بين 880 و950 ميلاديًا، هذا التأريخ يتزامن مع الفترة التي يعتقد أنها شهدت تأسيس أكسفورد كمدينة دفاعية.

الاكتشافات السابقة ودورها في التفسير التاريخي

يعود النقاش حول حدود أكسفورد الأنجلو ساكسونية إلى اكتشافات سابقة، في عام 1899، تم الكشف عن جزء من الجدار الدفاعي في موقع قريب من مكتبة بودليان.

كان يُعتقد أن هذا الجزء يمثل الزاوية الشمالية الشرقية للمدينة الأصلية، الآن، مع الاكتشافات الجديدة في كلية أورييل، تتعزز هذه النظرية ويُؤكد أن المدينة كانت محصنة بخط دفاعي مربّع.

أهمية الاكتشاف الأثري

يمثل هذا الاكتشاف خطوة كبيرة نحو فهم تاريخ أكسفورد في عصرها الأنجلو ساكسوني، فهو ليس فقط يؤكد أن المدينة كانت أصغر مما كانت عليه في العصور الوسطى، بل يسلط الضوء أيضًا على كيفية تطور التحصينات عبر الزمن.

كانت أكسفورد جزءً من نظام دفاعي أكبر لحماية الممالك الأنجلو ساكسونية من الفايكنج، وهو ما يعزز فهمنا للتحديات العسكرية التي واجهتها المنطقة.

أهمية الدفاعات ضد الفايكنج

كانت الغارات الفايكنجية في القرن التاسع الميلادي من بين أكثر التهديدات شراسة التي واجهتها إنجلترا الأنجلو ساكسونية.

في هذا السياق، كانت التحصينات مثل تلك المكتشفة في أكسفورد ضرورية للبقاء، وتم بناء مدن مثل أكسفورد وفقًا لنموذج المدن الرومانية المحصنة مثل وينشستر، حيث ساهم هذا التصميم في صد الغارات وحماية السكان.

مستقبل البحث والدراسات الأثرية

بفضل هذا الاكتشاف، تتاح الآن الفرصة لإجراء مزيد من الدراسات لفهم تاريخ أكسفورد بشكل أدق، ويمكن أن تساعد الدراسات الإضافية في الحصول على تواريخ أكثر تحديدًا لأجزاء أخرى من المدينة الأصلية، وربما تسهم في فهم أوسع للحدود الجغرافية والنظام الدفاعي للأنجلو ساكسونيين في إنجلترا.

ويطلع الباحثون الآن إلى المزيد من التحليلات والدراسات التي قد تحسم النقاشات التاريخية الطويلة حول أصول أكسفورد وتطورها.

يمثل العصر الأنجلو ساكسوني حقبة تاريخية مهمة في تاريخ إنجلترا، والتي تمتد من أوائل القرن الخامس الميلادي حتى الغزو النورماني لإنجلترا عام 1066م.

يتميز هذا العصر بوجود ممالك أنجلو ساكسونية عدة في الجزر البريطانية، وبناء هياكل سياسية واجتماعية قوية، وتأسيس هوية ثقافية جديدة بعد انسحاب الإمبراطورية الرومانية من بريطانيا.

أصول الأنجلو ساكسونيين

الأنجلو ساكسونيون، هم مزيج من القبائل الجرمانية التي هاجرت إلى بريطانيا بعد رحيل الرومان، وهذه القبائل تضم الأنجلوس، الساكسون، والجوت، وقد جاءوا من مناطق تقع الآن في ألمانيا والدنمارك وشمال هولندا.

وخلال هذا الوقت، بدأت بريطانيا تدريجيًا تتحول من مجتمع روماني إلى مجتمع أنجلو ساكسوني مع تغييرات كبيرة في التنظيم السياسي والديني والثقافي.

الممالك الأنجلو ساكسونية

خلال العصر الأنجلو ساكسوني، ظهرت عدة ممالك مستقلة في الجزر البريطانية، من بينها مملكتي ويسيكس وميرسيا، واللتين لعبتا دورًا محوريًا في الدفاع ضد الغزوات الخارجية، خاصة الفايكنج، وهذه الممالك كانت تتنافس أحيانًا فيما بينها، ولكنها كانت تتحد أحيانًا لمواجهة التهديدات الخارجية.

ويسيكس

كانت واحدة من أقوى الممالك الأنجلو ساكسونية، وبرزت بشكل خاص في القرنين التاسع والعاشر تحت حكم الملك ألفريد الكبير، الذي قاد مقاومة ناجحة ضد غزوات الفايكنج، وأصبحت ويسيكس لاحقًا مملكة مهيمنة في جنوب إنجلترا.

ميرسيا

كانت قوة سياسية رئيسية في وسط إنجلترا، واشتهرت بتحصيناتها ونظامها الدفاعي الذي ساهم في صد غزوات الفايكنج، ومن أهم ملوكها أوفا، الذي حكم في القرن الثامن وبنى خندقًا دفاعيًا معروفًا باسم "Offa's Dyke" لحماية مملكته من الهجمات الويلزية.

الصراع مع الفايكنج

كانت إحدى أهم السمات التي ميزت العصر الأنجلو ساكسوني هي الغزوات الفايكنجية التي بدأت في أواخر القرن الثامن الميلادي، غزوات الفايكنج كانت تهديدًا خطيرًا على الممالك الأنجلو ساكسونية، حيث كانوا يقومون بغارات مفاجئة على المدن الساحلية والمناطق الريفية، وغالبًا ما كانوا ينهبون الموارد الثمينة.

الغارات الأولى

وكانت أولى غارات الفايكنج على الجزر البريطانية بدأت في عام 793م، عندما هاجموا دير ليندسفارن الشهير، وكانت هذه الغارات مفاجئة وعنيفة، واستمرت لعقود، مما جعل الممالك الأنجلو ساكسونية في حالة دائمة من التأهب.

تأسيس مستوطنات فايكنجية

لم تقتصر الفايكنج على الغارات فقط، بل قاموا بتأسيس مستوطنات دائمة في شمال وشرق إنجلترا، وخاصة في منطقة  Danelaw، حيث حكموا جزءًا كبيرًا من الأراضي.

دور التحصينات الأنجلو ساكسونية

في مواجهة غزوات الفايكنج المتكررة، كان على الممالك الأنجلو ساكسونية تطوير أنظمة دفاعية محكمة لحماية المدن والقرى، كانت هذه التحصينات أساسية للبقاء والدفاع عن النفس.

تحصينات ويسيكس

 بقيادة الملك ألفريد الكبير، كانت ويسيكس من أوائل الممالك التي قامت ببناء شبكة دفاعية معقدة من المدن المحصنة (بورغس)، التي كان لها دور حاسم في منع تقدم الفايكنج نحو الجنوب، وهذه المدن كانت محاطة بأسوار وخنادق دفاعية وكانت تحتوي على أبراج للمراقبة.

الحياة الثقافية والدينية في العصر الأنجلو ساكسوني

على الرغم من التحديات العسكرية والسياسية، شهد العصر الأنجلو ساكسوني نهضة ثقافية ودينية، مع تحول العديد من الممالك إلى المسيحية في القرن السابع الميلادي، أصبحت الأديرة مراكز رئيسية للتعلم والكتابة، مما أدى إلى إنتاج نصوص أدبية ودينية مهمة.

التحول إلى المسيحية

بدأت الممالك الأنجلو ساكسونية بالتحول إلى المسيحية في القرن السابع بعد جهود المبشرين القادمين من إيرلندا وروما، وأصبحت الأديرة مراكز للتعليم، والفنون، والحفاظ على النصوص، ومن بين النصوص الأدبية الشهيرة من هذا العصر ملحمة بيوولف.

الفن الأنجلو ساكسوني

ازدهر الفن الأنجلو ساكسوني خلال هذه الفترة، حيث تم إنتاج العديد من الأعمال الفنية مثل المجوهرات المزخرفة والمخطوطات المضيئة، تأثر الفن الأنجلو ساكسوني بشدة بالتقاليد الجرمانية والرومانية والمسيحية.

نهاية العصر الأنجلو ساكسوني

انتهى العصر الأنجلو ساكسوني بغزو النورمان لإنجلترا عام 1066م، عندما انتصر الملك النورماني ويليام الفاتح في معركة هاستينغز، هذا الحدث شكل نقطة تحول في تاريخ إنجلترا، حيث بدأت حقبة جديدة من الحكم النورماني.