الدورة الـ12 للمنتدى الحضري العالمي.. مصر تضع تجربتها أمام العالم
في حدث فريد من نوعه، إذ ينظم في القارة السمراء لأول مرة منذ 20 عامًا، تستضيف مصر الدورة الـ12 للمنتدى الحضري العالمي، الذي يديره برنامج موئل الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "هابيتات"، وذلك في الفترة من الـ4 إلى الـ8 من نوفمبر 2024، ما يعكس الدور الريادي والاستراتيجي المصري على المستويين الدولي والإقليمي، كمركز للتنمية والتحضر والسلام والتطور الاستثنائي.
الدورة الـ12 للمنتدى الحضري العالمي
وسيركز المنتدى الحضري العالمي الـ12، الذي يعقد على مدى خمسة أيام، على بناء تحالفات قوية لمعالجة التحديات العالمية الرئيسية التي تفرضها أزمة الإسكان العالمية وتغير المناخ؛ وذلك لأن إفريقيا صارت أسرع منطقة تحضرًا.
ويشير تقرير المدن الأفريقية 2035، إلى أن من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان إفريقيا تقريبًا، خلال الأعوام الـ30 القادمة، مع استيعاب 6 من المدن الكبرى لأكثر من 10 ملايين شخص بحلول عام 2035، موضحًا أن مدن مثل القاهرة ولواندا ودار السلام وكينشاسا ولاجوس وجوهانسبرج الكبرى سوف تصير من أكبر المراكز الحضرية في العالم.
ولن تتوقف مناقشات المنتدى عند الأزمة الإسكان، بل سيتطرق إلى الإجراءات المحلية؛ للتقدم نحو التنمية المستدامة وتعزيز التنمية الشاملة وفتح التمويل المحلي للتنمية المستدامة.
كما سيبحث أزمة المناخ وتسخير التكنولوجيا؛ لتحسين جودة حياة الأفراد وبناء منازل آمنة في مواجهة الدمار والنزوح، حيث سيحاول معالجة القضايا الرئيسية مثل كيفية ضمان الإسكان ميسور التكلفة للجميع، وتطوير المستوطنات العشوائية.
ولن يقتصر دور المنتدى على إثارة مثل تلك القضايا فقط، بل يمثل أيضًا دعوة لتبني الحلول المبتكرة والممارسات المتميزة، ودعوة للمشاركين ليقودوا التحول والتغيير المحلي معًا والآن.
لماذا القاهرة؟
جاء اختيار القاهرة من قبل "الهابيتات" لتنظيم المؤتمر كتحد، لأن دائمًا كان يقع الإختيار على مدينة صغيرة، إدراكاً لحجم اللوجيستيات وصعوبة التنقل والتحرك للأعداد الكبيرة المشاركة في هذا المنتدى، حيث من الممكن أن يتسبب عند تنفيذه بمدينة كبرى في ضغط وأزمة داخلها، وفق حديث الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
وفي الوقت نفسه، يمثل اختيار القاهرة ثقة في الدولة المصرية مع كل المشروعات التنموية الكبرى التي تم تنفيذها في منطقة القاهرة الكبرى، ولذا فهي قادرة على تنظيم واستضافة هذه الفعالية المهمة للغاية، فضلًا عن أنها تتميز بثراء التجارب العملية لكل البرامج والمشروعات، التي يتبناها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "الهابيتات"، بحسب تصريحات مدبولي في المؤتمر الصحفي، الذي عقد، اليوم، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية، للإعلان عن تفاصيل استضافة مصر للمنتدي الحضري العالمي.
ويوضح مدبولي أن "الهابيتات" معنية بالتخطيط العمراني والاستراتيجي، مرورًا بتنمية المدن والمناطق الريفية، بجانب تطوير العشوائيات، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات الإسكان الميسر لمحدودي الدخل، علاوة على مشروعات البنية الأساسية، ومشروعات النقل الحضري، ومشروعات تنمية وتطوير البيئة، فإذا نظرنا للقاهرة سنجد أن جميع هذه البرامج تم تنفيذها بالفعل داخل القاهرة الكبرى، بدءًا من التخطيط وتشييد مدن جديدة مثل المدينة التي نقف على أرضها، والتي تعتبر جزءًا من القاهرة الكبرى، مرورًا بمشروعات الإسكان الاجتماعي والإسكان الميسر، التي نجحت من خلاله الدولة المصرية في تنفيذ أكثر من مليون وحدة سكنية لهذا البرنامج الضخم، فضلًا عن القيام بتطوير المناطق غير الآمنة، وكذا المناطق الخطرة والعشوائية، وتحسين وتطوير جودة الحياة لأكثر من 300 ألف أسرة كانت تقطن في تلك المناطق.
وبناء عليه، يؤكد أن القاهرة الكبرى تعد نموذجًا حقيقيًا لجميع التجارب والبرامج التي يتبناها برنامج الأمم المتحدة "هابيتات"، لافتًا إلى أن هذا البرنامج شارك في التخطيط والتنفيذ للعديد من هذه المشروعات، متابعًا:"نحن حريصون دومًا على الاستعانة بالخبرات الدولية، وبجهود مُختلف المؤسسات الدولية في تخطيط وتنفيذ العديد من المشروعات التي تنفذها الدولة المصرية".
وأشار إلى أن استضافة القاهرة لهذا الحدث تعد فرصة هائلة لكل الخبراء المُشاركين في فعالياته أن يروا التجربة المصرية الفريدة لكل مناحي وبرامج الأمم المتحدة" الهابيتات"، وكذلك التعرف على الجمهورية الجديدة التي شرعت الدولة المصرية في بنائها على مدار السنوات العشر الماضية.
حضور من جميع أنحاء العالم
من جهتها، تقدمت أناكلوديا روسباخ، المديرة التنفيذية لـ"هابيتات"، بخالص الشكر والامتنان إلى حكومة جمهورية مصر العربية على استضافة الدورة الـ12 من المنتدى الحضري العالمي، وعلى التزامها بالتنمية الحضرية المستدامة.
وأشارت -في ذات المؤتمر الصحفي- إلى أن التوقعات تشير إلى حضور هذه النسخة من المنتدي ما لا يقل عن 20,000 مشارك، حيث سجل بالفعل أكثر من 13,000 شخص من 172 دولة، هذا العام، لافتة في السياق ذاته إلى أن المنتدى الحضري العالمي يعود إلى القارة الأفريقية، بعد أكثر من 20 عامًا منذ انعقاد المنتدى الأول في نيروبي عام 2002.
وحول أجندة المؤتمر، أوضحت روسباخ، أنه في قلب المنتدى الحضري العالمي لهذا العام يكمن هدف تسريع توطين أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، ومع بقاء أقل من خمس سنوات حتى عام 2030، نقترب من نهاية تنفيذ هذه الأهداف، وذلك من خلال تقريب النقاش إلى الواقع المحلي، كما نهدف إلى تحويل هذه الأهداف العالمية إلى تحسينات ملموسة في حياة المواطنين.
وأردفت أنه تم تصميم برنامج المنتدى ليعكس تركيزًا على الحلول القابلة للتنفيذ، وذلك بما يمكن من الغوص في تعقيدات التنمية الحضرية، مع ضمان أن يجد كل مشارك الأفكار والشبكات لإقامة الشراكات التي يحتاجها، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن إحدى أبرز الفعاليات ستكون "حوارات المنتدى الحضري العالمي"، حيث ستحدد هذه المناقشات رفيعة المستوى جدول أعمال السياسات والإجراءات المستقبلية، وتستكشف كل منها القضايا الملحة من خلال عدسة "المنزل" والعمل المحلي.
وأكدت على مشاركة 59 وزيرًا ونائب وزير، مع توقع انضمام المزيد في الأيام المقبلة، مشددة على أهمية هذا الانخراط باعتباره عنصرًا أساسيًا، حيث يعكس التزام الحكومات الوطنية بمعالجة القضايا الحضرية بشكل مباشر.
وتابعت:"لدينا 156 متحدثًا، بمن فيهم شخصيات بارزة مثل ياسمين لاري، وكارلوس مورينو، لطالما كان أصحاب المصلحة دائما في قلب المنتدى"، لافتة إلى أنهم تلقوا هذا العام أكثر من 1,100 طلب لفعاليات يقودها شركاء، وتمت الموافقة على 554 منها، وهذا التنوع يضمن أن يتمكن الشركاء من مشاركة أفكارهم المبتكرة وقصص نجاحهم.
وأضافت:"لتسليط الضوء على الثقافة الحضرية الغنية لمصر، نطلق "أسبوع القاهرة الحضري" قبل المنتدى بأسبوع، حيث سيتضمن هذا الأسبوع أنشطة متنوعة، مثل معارض حضرية وجولات في المدينة، ومحاضرات عامة تهدف إلى إشراك السكان والزوار على حد سواء".
المنتدى نموذج للإستدامة
وأكدت روسباخ، على التزام "موئل الأمم المتحدة" بجعل المنتدى الحضري العالمي الـ12 نموذجًا للاستدامة وإمكانية الوصول، من خلال التشجيع على استخدام وسائل النقل العام والحافلات الكهربائية، لضمان أن تعكس حتى الخدمات اللوجستية للحدث التزامنا بالحد من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، كما أن جميع المواد ذات العلامات التجارية وأجنحة المعرض مصنوعة من مواد معاد تدويرها، مما يدل على أنه يمكن دمج الاستدامة في كل جانب من جوانب التخطيط للحدث.