رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


دموعٌ في النبيذ

16-10-2024 | 11:07


محمود الكرشابي

محمود الكرشابي

قال سكيرٌ عجوز، وامرأةٌ في ثياب الحداد، وحبيبان في موعدهما الأول، وشرطيٌّ يقف على الباب، وزبائن يجلسون على الطاولات البعيدة

غمغم نادلُ البار وأشاح عنهم بوجه 

قال المذياع على الرفّ بعد أن قطع "رباعيّة الموت والعذراء"*:

"دموعٌ في النبيذ"

بهذا وافانا مراسلونا حول العالم

على شريط الشاشة الصامتة، مرّ خبران:

خبرٌ عاجل:

"دموعٌ في النبيذ"

خبرٌ من مصر:

دستةُ بناتٍ غرقن في قفصٍ حديديًّ

وهنّ في الطريق لجني العنب

تتواصل أعمال الإنقاذ

فيما دستةُ أمهاتٍ كن حتى الصباح يحلمن بأفراح كثيرةٍ، وبيوتٍ جديدةْ

يرجون الآن قبلةً أخيرةْ

وقبورًا تُزار

قال السكّيرُ العجوز:

صغيراتٌ في بلاد لا تؤمن أن للبنات طفولة.

لقد حاربت وعملت تحت أقسى الظروف ومع أعتى الرجال لكنني لم أقابل رجلًا يستطيع أن يدفن بيده هذه الأجساد النحيلة

هل، حقاً، يوجد مثل هؤلاء الرجال؟

قالت المرأة في ثياب الحداد:

دستةُ رجالٍ صاروا أرامل  قبل الآوان.

لن أذهب بوردتي لقبر زوجي

من الآن سأسمي النهر، كل نهر،

مقبرة الصبايا الذاهبات لجني العنب

وأُلقي إليه بوردتي

قالت الحبيبة في موعدها الأول:

متن ولم يمتحن الوعود التي قُطعت لهن

_ماذا لو كنت بينهن يا حبيبي؟

=كنتُ ابتنيت على شاطئ النهر كوخي

واستبدلت ماءه بالنبيذ

قال الشرطيُّ الواقف على الباب:

لو كنت هناك لأفرغت مسدسي في قلب النيل

صاح زبونٌ من الجالسين على الطاولات البعيدة:

كؤوسًا بعددنا من دموع النبيذ

لقد ارتكبت في حياتي كل الشرور؛ عدا أن أنجب بنتًا في بلادٍ سيئة

قال نادل البار: بينما تذوقتم دموع النبيذ، أنا سمعت نحيبه:

لماذا يا الله لم تسحب فرامل اليد؟

يغرق السكارى في صمتٍ حزين

والمذياعُ على الرفّ استأنف من حيث توقف "رباعية الموت والعذراء"