المشروع القومي للصوامع.. مخزون مصر الاستراتيجي
يمثل القمح أحد أهم المحاصيل الإستراتيجية في مصر، إذ هو غذاء يومي لأكثر 100 مليون مصري، وبناء عليه فقد بدأت الدولة المصرية منذ عام 2015 في التوسع بإنشاء "الصوامع" بغرض الحفاظ على ذلك المخزون الإستراتيجي بشكل آمن.
المشروع القومي للصوامع
قبل عام 2014، كان عدد الصوامع في مصر قليلًا، ولا يكفي لحاجة البلاد، هذا بالإضافة إلى أن الشون كانت غير مؤمنة، وعلى إثر ذلك كانت نسبة الهدر تصل إلى 15 بالمائة، بمعنى أنه لو كانت الدولة تخزن 9 ملايين طن، فإن الهدر يصل إلى مليون طن، وهذا يساوي 4.5 مليار جنيه بالسعر الحالي للقمح.
وبناءً عليه، تم البدء في تنفيذ المشروع القومي للصوامع في عام 2015، على مساحة تقدر بنحو 20 ألف متر للصومعة الواحدة، وذلك باستخدام أحد أهم التقنيات، التي تتمثل في وضع ميزان بسكول لوزن أجولة القمح المحملة في السيارات، ويتم تشغيلها من خلال غرفة التحكم التي تُمكن المنظومة الجديدة من إخراج الكميات المطلوبة من الأقماح دون هدر.
ومنذ عام 2015، حتى 2023، جرى تطوير 21 صومعة، فضلًا عن ارتفاع إجمالي عدد الصوامع في مصر من 32 صومعة، قبل 2014 إلى 83، وفقًا للمعطيات الرسمية.
وكان لذلك الإنجاز دور بالغ الأثر في مواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على تصدير القمح، حيث كانت مصر تمتلك وقت اندلاع الحرب في عام 2022 احتياطي استراتيجي يكفي إلى أربعة أشهر، ما مكن الدولة من التعامل بشكل مرن مع تلك الأزمة المفاجئة.
وبفضل المشروع القومي للصوامع، دخلت وزارة التموين والتجارة الداخلية موسم حصاد القمح 2024 بتأمين كامل لكميات القمح المتوقع توريدها.
وتشير بيانات الوزارة إلى أن طاقتها التخزينية ارتفعت لـ 5.5 مليون طن، وذلك بالصوامع التابعة لها إضافة إلى صوامع القطاع الخاص والهناجر والبناكر، وفي الوقت الراهن، يجري زيادة الطاقة التخزينية لعدد 60 صومعة حقلية على مستوى الجمهورية؛ لتصبح 10 آلاف طن بدلًا من 5 آلاف طن للصومعة الواحدة، إضافة الى تطوير ورفع كفاءة عدد 21 صومعة تابعة لشركات المطاحن بسعة تخزينية بلغت 530 ألف طن.
أبرز إنجازات المشروع القومي للصوامع
في دمياط بدأ العمل بـ"صومعة دمياط الجديدة"، في عام 2018، بسعة 70 ألف طن وربطها بالصومعة القديمة التى تستوعب 120 ألف طن فى الدورة. وجرى تشغيلها على أعلى مستوى من الدقة وهى تستقبل المراكب العملاقة من جميع بلاد العالم ويتم تفريغها بأحدث المعدات وبها إمكانية تفريغ مركبين فى الوقت نفسه، مما يتيح سرعة إعادة توزيعها على أنحاء البلاد بالسكك الحديدية.
كذلك يشارك النقل النهري لتوصيل الحمولات بأقل فاقد، وحققت دمياط أكبر تفريغ بين الموانئ، واستقبلت صومعتها الجديدة أكثر من 400 ألف طن أثناء التجارب، مما أسهم فى سرعة إنجاز التفريغ من السفن قبل المواعيد المحددة لها.
الجدير بالذكر، أن تلك الصومعة جرى بنائها من الخرسانة المسلحة لتطوير المجال والتخزين الصحيح، مما يعد إنجازًا للحد من الفاقد وسرعة التفريغ وضمان لكسب الوقت.
في العام ذاته، دخلت صومعة غلال "الخارجة" بالوادي الجديد إلى الخدمة بتكلفة 86 مليون جنيه، وتضم الصومعة تسع خلايا بسعة خمسة آلاف طن لكل خلية على حدة وبإجمالي 45 ألف طن، وتستهدف حل مشاكل تخزين الأقماح بالمخازن الترابية، وتطوير عمليات استقبال وتداول وتخزين الأقماح والحبوب بالمحافظة.
وقد شهدت محافظة المنوفية طفرة كبيرة في إقامة عدد من الصوامع، والتى كان لها أكبر الأثر في الحفاظ على المخزون السلعي لمحصول القمح والتصدي لأزمات كانت تنتج بفعل الزحام والتكدس.
حيث أنشأت المحافظة ثلاث صوامع الأولى بقرية كفر داود بمركز السادات وطاقتها الاستيعابية 30 ألف طن، والثانية بمدينة شبين الكوم وطاقتها 30 ألف طن أيضًا، والثالثة بمدينة منوف وتبلغ سعتها 60 ألف طن، بجانب وجود سبعة هناجر تصل طاقتها 18 ألف طن، فضلًا عن شون أسمنتية بمنطقتي شبين الكوم وبركة السبع تصل طاقتهما الاستيعابية سبعة آلاف طن، وتتمتع المنوفية بفائض عال فى السعة التخزينية يصل إلى 180 ألف طن، لتنهى فكرة الاستعانة نهائيًا بالشون الترابية، مما يؤدى للحفاظ على المحصول وعدم تلوثه.