رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


خالد عكاشة: الشرق الأوسط يعيش حالة من التعقيد والتشابك

24-10-2024 | 12:37


الدكتور خالد عكاشة

دار الهلال

قال الدكتور خالد عكاشة، المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الشرق الأوسط يشهد حالة من التعقيد والتشابك أفرزتها العديد من المتغيرات والتفاعلات الإقليمية والدولية، والتي أدت إلى تفاقم التهديدات الأمنية والتحديات التنموية، بل ووصل الأمر إلى حد نشوب مواجهات عسكرية إقليمية مباشرة، بما قد يُنذر باحتمال اندلاع حرب إقليمية مفتوحة.

وأضاف الدكتور عكاشة، في كلمته الافتتاحية -أمام الندوة التي نظمها المركز اليوم الخميس بعنوان "المعادلات المتغيرة للصراع والأمن في الشرق الأوسط"- انه لا تزال حالة "اللا يقين" تشكل الإطار الحاكم والمُعبر عن الأوضاع الحالية بالشرق الأوسط.

واعتبر أنه من الصعوبة التنبؤ بتحركات الفاعلين في مواجهة بعضهم بعضًا، وما قد تئول إليه حسابات سوء التقدير، والتي قد تجر الإقليم إلى حرب كبرى ذات تداعيات حرجة، ناهيك عن غياب تصور مشترك، سواء كان إقليميًا أو دوليًا، للأمن في منطقة الشرق الأوسط.

ورأى أنه يصعب فصل أوضاع الاضطراب الإقليمي الراهن عن التداعيات الناجمة منذ 2011، والتي تسببت في تصاعد حدة الانقسامات الداخلية، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، علاوة على تنامي نشاط تنظيمات إرهابية ومليشيات مسلحة، إلى بجانب تزايد التدخلات الخارجية، والتي تزامنت مع رغبة الولايات المتحدة في تقليل انخراطها في أزمات الشرق الأوسط، بطريقة أحدثت فراغًا استراتيجيًا وظفته القوى الكبرى والإقليمية لخدمة مصالحها الوطنية، مُتجاهلةً الأولويات الأمنية لدول المنطقة مما زاد من حالة الاستقطاب والتنافس التي دفعت في اتجاه إخلال معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

ونوه إلى أن إسرائيل في حربها على قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، قامت باستخدام القوة الغاشمة مُستهدفةً العقاب الجماعي والإبادة الجماعية للفلسطينيين، من خلال جعل القطاع بأكمله غير قابل للحياة مُجددًا، بجانب التهجير القسري تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية بالتوازي مع تصاعد سياسة الاستيطان في الضفة الغربية، في مسعى لإحداث "نكبة فلسطينية جديدة"، وبما يضع علامات استفهام حول مستقبل القضية الفلسطينية.

وأشار إلى أن هذا المشهد الإقليمي فتح الباب أمام مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران تجاوزت حالة الردع الاستراتيجي؛ حيث حاول كل طرف أن يُظهر مدى قدرته العسكرية على الإضرار بالآخر داخل أراضيه.

وأكمل الدكتور عكاشة أنه في هذا السياق، امتد التصعيد العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة إلى الساحة اللبنانية التي تحولت من جبهة "إسناد" إلى ميدان حرب لمواجهة "حزب الله"، الأمر الذي قد يُنذر بخطر اتساع نطاق هذا التصعيد إلى كامل الأراضي اللبنانية، ويُمهد لدخول الإقليم في حرب شاملة في ظل غياب فرص التهدئة، وتمتّع إسرائيل بالدعم اللا محدود من القوى الغربية تحت المزاعم المتعلقة بـ "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، ناهيك عن فشل المنظومة المؤسسية الدولية في التعاطي البناء مع أزمات الإقليم.

ولفت إلى أن التصعيد الحوثي في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، منذ نوفمبر 2023، كشف عن حجم الترابط والتأثير العميقين بين إقليمي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وذلك في ضوء ما نتج عنه من عودة نشاط القرصنة واضطراب حركة الملاحة الدولية، التي أثرت في حركة التجارة وأسعار الطاقة.

وتابع أن هذا يتوازى مع حالة السيولة الأمنية التي يشهدها القرن الأفريقي، في ظل أزمة الدولة الوطنية السودانية على خلفية فشل الحسم العسكري وتعقيدات المشهد التفاوضي، بجانب أزمة الدولة الصومالية و السلوك الإثيوبي المُزعزع للاستقرار الإقليمي، القائم على سياسة "فرض الواقع".

وسلط الضوء على أنه وسط تلك المتغيرات، تتصاعد أهمية البعد التكنولوجي وخاصة السيبراني في صراعات الشرق الأوسط، كما تزداد الحالة الإنسانية في مناطق الصراعات سوءًا؛ حيث برزت موجات جديدة من النزوح واللجوء خاصة في لبنان لتضاف إلى موجات مستمرة في السودان وسوريا واليمن وغيرها.

ورأى أن هذا السياق المعقد يفصح عن مشهد إقليمي مُثقل بالتحديات والمهددات؛ الأمر الذي يستدعي أهمية تحديد طبيعة التحولات الراهنة في الشرق الأوسط، فضلًا عن تفكيك تداعياتها، في محاولة للوصول إلى رؤية استشرافية مشتركة، تقوم على التعاون متعدد الأطراف، من شأنها إعادة صياغة معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

وأوضح الدكتور خالد عكاشة أنه بناء على ذلك، نظم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في القاهرة ورشة عمل تحت عنوان: "المعادلات المتغيرة للصراع والأمن في الشرق الأوسط"، لمناقشة التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها الشرق الأوسط، وما تحمله من تداعيات مركبة على الأمن والاستقرار الإقليمي، تتطلب جهدًا بحثيًا لتأطير معادلة للأمن الإقليمي في اليوم التالي في الشرق الأوسط تحول دون تجدد جولات الصراع الإقليمي.